فضيحة "مستشفى الحريري": استجواب رئيس المشتريات تخوّف من اقتصار التوقيف على موظفين لا حول لهم ولا قوة

Saturday, 27 December 2014 - 12:00am
مع مرور نحو 20 يوماً على فضيحة المازوت في "مستشفى رفيق الحريري الجامعي"، وبعدما اتخذ وزير الصحة وائل أبو فاعور صفة الادعاء أمام النائب العام المالي القاضي علي ابرهيم على شركة "الصحراء للبترول"، استجوبت النيابة العامة المالية الإثنين الماضي رئيس مصلحة المشتريات المتقاعد في المستشفى، في ملف التلاعب بكميات المازوت التي سلمت من شركة الصحراء للبترول. وتفيد مصادر لـ "النهار" أنّ رئيس المصلحة المتقاعد تقدّم إلى النيابة العامة بمطالعة حاول عبرها "التملص" من أي مسؤولية في هذا الملف، إلا أنّه لم يعرف ما إذا كانت النيابة العامة المالية تنوي توقيفه أم لا.

فالثابت، بالمستند، وبما لا يقبل التأويل، أن رئيس المصلحة المتقاعد ترأس لجنة مناقصة توريد مادة المازوت الأخضر عام 2008، وبالاستناد الى هذه الصفة اقترح تلزيم شركة الصحراء للبترول توريد هذه المادة بناء على دفتر شروط تضمّن الزام المتعهد تركيب حساسات يتمّ وصلها بنظام التحكم الآلي في المستشفى على نحو يسمح له بمعرفة ما تحتويه خزاناته وما يفرّغ فيها.
ووفق المستندات التي حصلت عليها "النهار" أنه وبعد تلزيم شركة الصحراء للبترول، عمد رئيس مصلحة المشتريات المتقاعد إلى اقتراح تعديل شرط تركيب حساسات يمكن ربطها بنظام التحكم الآلي في المستشفى إلى شرط تركيب عدّادات الكترونية.
وفي قراءة للمستندات كذلك، يبدو واضحاً أنّ إدارة المستشفى وافقت على اقتراحه بلا تردّد، وفي هذا وفق المعنيين، مخالفة لأبسط الأصول التي ترعى المناقصات العمومية، لا سيما تلك التي تساوي بين المناقصين، وبما يساهم بالتوفير على المتعهد، وفي مخالفة لرأي عضو لجنة المناقصة الفنّي الذي أكد أن المواصفات التي أوردها في الشروط الفنية تتعلق بحساسات لا بعدّادات.
ووفق المطلعين على الملف، فإن هذه المخالفة كانت لتمرّ لو أنّ رئيس المصلحة المتقاعد حرص قبل بدء "المتعهد" بالتوريد، على تركيب العدادات الالكترونية الموعودة، أقلّه لتسهيل تسلم الكميات المورّدة، على الموظفين المولجين التسلّم. إلا أنّه وإلى حين تقاعده نهاية 2010، قام بالضغط على كل من حاول الاحتجاج على التسلّم بالطريقة العمياء التي كان يطلب التسلّم على أساسها، مقترحاً عام 2010 الإفراج لمصلحته عن كفالة حسن التنفيذ بعد "استيفائه موجباته التعاقدية"، ومقترحاً إعادة إسناد تلزيم توريد المازوت إليه من دون أي التفات إلى إخلاله بموجباته الواردة في شروط مناقصة 2008.
ايضاً، كان الأمر ليكون مجرد مخالفة تكتيكية يقصد بها شراء المازوت بسعر جنوني لاستدراج "المتعهد" إلى الانهيار المالي لو لم يصل إلى الإدارة منذ نهاية 2008 اخبار ينبّهها الى أنّ المستشفى "يتعرض لعملية احتيال من هذا المورّد". وكان ليقتصر الأمر على احتيالٍ من المتعهد والتفاف منه على موجباته بتواطؤ قلّة من الموظفين لو لم يعط، في خضم حرمان الموظفين من رواتبهم، أولوية في الدفع وحصةً كبيرةً من المبالغ المحصّلة من المستشفى.
أمام هذه الحقائق الثابتة والمدعّمة بالمستندات، تسأل مصادر متابعة للقضية عما اذا كان التحقيق سيبقى أسير "المتعهد" الذي أتيحت له الفرصة في سياق التحقيق لتحديد أسماء المتواطئين معه، علّه يتنصل من الملاحقة بتهمة الرشوى. وهل ستقف التوقيفات عند عاملي صيانة وعند حاجب في دائرة المشتريات لا يملك من الإمكانات ما يخوّله توكيل محامٍ للدفاع عنه؟ أم أنها ستتعدّاهم لتصل إلى من منع الموظف القيام بها؟.
أمام هذه الوقائع تسأل المصادر عينها، هل ستبادر الإدارة الجديدة للمستشفى الى توفير كلّ ما يلزم من مستندات وبيانات للنيابة العامة المالية لمساعدتها في الوصول إلى الحقيقة في هذا الملف؟. ألم ينبهها سعي ابو فاعور منذ وصوله الى تخفيف استهلاك المازوت في المستشفى عبر الطلب إلى مؤسسة الكهرباء تزويد المستشفى بالكهرباء على نحو دائم؟ ألا يستحق ملف بهذه الأهمية أن تشكل الإدارة لجنة تحقيق تنوط بها مهمة تقصّي أسباب عدم إنتباه دائرة الصيانة في المستشفى إلى الاستهلاك والطلب المفرطيْن للمازوت؟ وألا يستحق من عوقب "لكثرة دقته في عملية تسلمه المواد" من الإدارة السابقة أن تلغى عقوبته وأن يكافأ من الإدارة الجديدة؟. ويبقى سؤال أخير: أين أصبحت مناقصة المازوت المحصورة، ولماذا تحولت فجأة إلى استقصاء أسعار؟.

لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء النهار