منذ تأسيسها عام 2005، ومستشفى رفيق الحريري في بيروت، قد صممت لتصبح النموذج للقطاع الاستشفائي الرسمي في لبنان ومنطقة الشرق الاوسط، ان لناحية كبر حجمها او لنوعية الخدمات التي تقدمها وشموليتها، لذا، فان الازمة الحالية التي تعيشها، كثيرة الدلالات بالنسبة لطريقة التعاطي الرسمي مع القطاع الاستشفائي الحكومي.
تناقلت الوسائل الاعلامية مؤخراً اخبار حول وضع المستشفى المنهار والاعتصامات اليومية للعاملين/ات فيها بسبب عدم تقاضيهم/ن لمستحقاتهم/ن، وخصوصاً بعد استقالة مدير المستشفى، فيصل شاتيلا، والترقب لما ستؤول اليه احوال المستشفى اذا وافق مجلس الوزراء على استقالته.
وتجدر الاشارة الى ان المستشفى ومنذ افتتاحها، تراكم عجوزات سنوية، وصلت، بحسب بعض المصادر، الى 90 مليار ليرة (اي 60 مليون دولار) في العام 2011. وعلى الرغم من تخصيص الحكومة لها جرعات اسعافية على شكل سلفات مالية، بلغ اجماليها 80 مليار ليرة بين 2012 و2014، الا ان حجم الديون للموردين استمر في التزايد وبلغ 35 ملياراً في العام 2014، فضلا عن استمرار تقطع تسديد رواتب الموظفين/ات.
تختلف الروايات حول اسباب الازمة الحالية التي باتت تهدد المستشفى بالانهيار التام. وقد تكون حالة التأزم التي وصلت اليها مرتبطة بخلل في الرؤيا والتوجهات الاستراتيجية للقطاع الاستشفائي الحكومي. فقد اراد رئيس الوزراء الراحل، رفيق الحريري، ان تصبح صرحاً للسياحة الاستشفائية، خصوصاً للخليجيين/ات، بحسب بعض المتابعين، وصورة عن لبنان الطبابة والاستشفاء، في حين ان النسبة الأكبر من مرضاها، تنتمي حالياً، إلى الطبقات الفقيرة، الذين واللواتي تتم معالجتهم/ن على حساب وزارة الصحة.
من جهة اخرى، كشف تقرير اعد حول اوضاع المستشفى، ان الاخيرة تعاني من سوء الادارة، عمالة زائدة، وإهمال في التعاطي مع المباني والمعدات، مشيراً الى وجود أكثر من 500 موظف/ة وعامل/ة فائض/ة من أصل 1200 موظف/ة جرى توظيفهم/ن كتنفيعات سياسية. كذلك بيّن التقرير المذكور ان السلف المالية التي تحصل عليها المستشفى، تذهب بغالبيتها لتغطية الرواتب، التي يصل اجمالي قيمتها إلى أكثر من 2 مليار ليرة شهرياً ولمصاريف ملحة وذلك لمنع المستشفى من الانهيار.
وفي الاسباب ايضاً ما ذكره بعض الجهات المتابعة، التي تحدثت عن المحاصصات الطائفية السياسية المتحكمة بذلك المرفق العام، ومنها ما يتعلق برفض وزارة الصحة وادارة المستشفى التعاقد مع 20 طبيباً، تابعين/ات لحركة امل والمستقبل. كذلك علم ان ثمة خلاف حاصل حول حصص التوظيف للطوائف المسيحية.
ونتيجة لكل ذلك، باتت المستشفى اليوم على شفير الاقفال، فيما اعلن وزير الصحة، وائل ابو فاعور، ان المستشفى ستنهض من جديد، ربما بجرعات انعاشية جديدة وترقيعات ادارية. لكن الاكيد ان ذلك لن يفي بالمطلوب في غياب رؤيا استراتيجية صحية عامة، وخصوصاً لدور القطاع الاستشفائي الحكومي.