معاقو البقاع بشر مع وقف التنفيذ.. اين الدولة ولمن الشكوى؟ مراكز التأهيل والمصحات تحولت الى فنادق 5 نجوم . هل تتحرك وزارة الشؤون؟

Monday, 9 February 2015 - 12:00am
حيث تنظر في عيونهم الطافحة بالوجع والاسى، تتساءل عما اقترفوه من ذنب حتى تكافئهم الحياة بتلك الطريقة التعسفية، وينتابك السخط عندما تعلم ان للبشر دورا في انتاج تلك المآسي التي تسير على اقدام، وتحاول ان تتلمس لها طريقا الى المستقبل الغامض والمحفوف بالمشقات والعراقيل فما من معاق الا ويختزن بين جنبيه سبا وقصة ويرزح تحت اوزار الاخرين، ونتائج اخطائهم، واستهتارهم، فالبعض منهم يقدم لك نموذجا لما يمكن لاهمال الدولة والفقر وانعدام الوعي انتاجه، سيما اذا كنا في بلد تحولت فيه الطبابة ومرافق الصحة الى سلعة ليست في متناول الجميع، وانقلبت فيه مراكز التأهيل والمصحات الى فنادق خمس نجوم لا يؤمها الا الراسخون في المال والسلطان، القابضون على القوانين التي سنها المجلس النيابي لتسهيل حياة المعاقين ورعاتهم من الاهل والاخوة في ظل غياب وزارة الشؤون الاجتماعية وباقي الوزارات المعنية.
قيل «اذا احب الله امرئ ابتلاه» ويقال: ان هذه النظرية ليست الا من قبيل المواساة والتخفيف عن صاحب «البلوى» من خلال الايحاء اليه بانها مجرد «تصريح بالحب» من السماء وان اعاقته هي دليل رضى الخالق عنه، ولكن المشكلة لا تكمن هنا على كل حال، انما في كون تلك «البلاوي» تكاد تقتصر على اعز واغلى ما يملكه المرء ويحرص عليه والا فهل يملك المرء اثمن من صحته وسلامة جسده وعقله.
واذا كان قضاء الله وقدره امرين محتومين ليس منهما بد فما القول بـ «البلاوي» التي ينزلها البشر ببعضهم عمدا، وهل هي ايضا دليل محبة ورضا، واذا كان كذلك فالحكومات المتعاقبة منذ اقرار القوانين المتعلقة بالمعاقين عقليا وجسديا، حتى اليوم، هي من اكثر المحبين لهذه الشريحة من اللبنانيين.
لكن السؤال لا يملك الا ان يعيد طرح نفسه بالحاح ومرارة حيال اولئك الباحثين عن مصدر مآسيهم، وسبب عذاباتهم ويبلغ السؤال ذروته في التصعيد والمرارة حين تكتشف ان اكثر تلك المآسي كان يمكن ان لا يقع لو توافرت النيات لدى الاصحاء، وتهيأت بعض الامكانيات، وعلى العموم، تبقى مسألة المعاقين واحدة من اكثر قضايا الانسانية حضورا وتماسا مع المشاعر والقيم والاخلاق البشرية، فهل انصفنا هذه الفئة من اللبنانيين، ام تركنا افرادها في مهب المأساة بشرا مع وقف التنفيذ؟
المعاقون... مسؤولية من البقاع وفي كل لبنان لا تكاد قرية مهما صغرت ان تخلو من وجود المعاقين والمعوقين واصحاب العاهات بنسب واعداد تتفاوت بين قرية واخرى وهؤلاء لا يتمتعون باي نوع من انواع الاهتمام الرسمي والرعاية الصحية والاجتماعية بل ان مسؤولية كل ذلك تقع على عاتق الاهل انفسهم والاخوة في حالة وفاة الاهل وهم غالبيتهم من ذوي الدخل المحدود، فيما المؤسسات الخاصة التي تزداد في المناطق بات المعاقون مصدر استثماراتهم وزيادة رؤوس اموالهم، جراء المنح والمساعدات التي تدفع لهم من وزارة الشؤون الاجتماعية ومن بعض الدول الاوروبية، ولم تقدم هذه المؤسسات اي رعاية تذكر، وكل ما يريدونه من المعوق التسجيل في مؤسستهم لتزداد لوائحهم الاسمية ولتزداد معها العائدات المالية.
وبمناسبة الكلام عن الاهمال الرسمي وسوء السياسة الصحية التي تنتهجها الدولة والمؤسسات في المناطق تكشف ان اكثر حالات الاعاقة ناتجة في الاساس من قصور في الثقافة الصحية لدى المواطن في ظل عدم مبادرة المعنيين الى تفعيل دور الارشاد الصحي وايجاد آلية من شأنها فرض الوقاية والتأكد من حسن سير عمليات التلقيح، والتحصين في المناطق والقرى النائية وتحديدا تلك الخالية من اي مستوصف حكومي او اي شكل من اشكال الخدمة الصحية.
واللافت ان نسبة كبيرة من حالات الاعاقة والاصابة بعاهات مستديمة جسدية وعقلية مردها نسبيا الى الاهل، اذ يتبين لنا في ضوء الاجابات التي سمعناها من معاقين ومن ذويهم ان معظم الحالات تعود لاسباب تتصل بعدم التلقيح الوقائي، بصلات القربى الوثيقة التي تربط الوالدين وبتعاطي الوالدين او احدهما للمخدرات والكحول والتبغ، ولا تغيب الاخطاء الطبية عن هذا المضمار وحيال ذلك الم يكن في الامكان تلافي مثل هذه الحالات ومنع مقدمها بقليل من الدراية والاهتمام، وبالتالي تحصين المجتمع وتفادي تلك المآسي الانسانية التي تكاد تفرض نفسها على كل اسرة، وهذا يتطلب حضورا للدولة الى وزاراتها المعنية، وتنفيذ ما اقر من قوانين علها تخف من هذه المأساة البشرية الدائمة، لان النار لا تسلع الا حاملها، ولان احدا لا يستطيع مهما قال او كتب ان يعبر عن حقيقة ما يختلج في قلوبهم الكسيرة من الم واسى. وكانت لنا عدة لقاءات مع معاقين في البقاع تحدثوا خلالها عن اسباب الاعاقة، ومن لا تسمح اعاقته العقلية تحدث ذووه الذين عبروا عن صعوبة الحياة، واشتكوا من اهمال الدولة والمجتمع لهم مطالبين بتحسين ظروفهم الصحية والاجتماعية.
كما طالبوا وزارة الشؤون الاجتماعية بالقيام بحملة اصلاح الفساد المستشري في المؤسسات الخاصة التي تدعي رعاية المعاقين والزام المستشفيات باستقبال المعوقين المرضى والتخفيف من الاعباء الاجتماعية التي يتحملها ذووهم.

ACGEN اجتماعيات الديار حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة