تحولت مناسبتا عيد الام ويوم المرأة العالمي في لبنان، فرصة لنساء لبنان لاطلاق صرخاتهن مرة اخرى رفضاً للتمييز الممارس ضدهن، خصوصاً وانهن لا يزلن محرومات من ابسط حقوق المواطنة ومن المساواة مع الرجل. مع اطلالة عيد الام، نظمت حملة "جنسيتي حق لي ولاسرتي"، يوم الاحد الموافق في 22 آذار الماضي، اعتصاماً حاشداً في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، للتذكير بمطلبها ولاستنكار اداء الطبقة السياسية الذي يعطل الحصول على حقوق المواطنين/ات. والجدير ذكره ان تحقيق ذلك المطلب، اصطدم برفض مجلس الوزراء قبل سنتين اقتراحاً في هذا الاتجاه، بحجة المحافظة على التوازن الديمغرافي ورفض التوطين، بينما نرى في المقابل ان عدداً من القرارات الرسمية اتخذت، متغاضية عن هذين الاعتبارين، في دلالة واضحة، ذلك ان حجتي التوازن والتوطين تثاران فقط عندما يناسب ذلك مصالح المسؤولين والطوائف، وان على حساب حقوق المواطن/ة.
باتت الطائفية والمصالح الضيقة تنخر في كافة قضايا البلاد والعباد، حيث اصبح التقاسم الطائفي سمة كل الاتفاقات والقرارات الحكومية والتشريعية وصولا الى ادارة ملف النفايات، ومروراً بملفات اجتماعية واقتصادية مهمة مثل تطوير المرافق العامة، الجامعة اللبنانية، التوظيف، تثبيت المتقاعدين/ات الخ....
ومن ابرز الامثلة على هذا المنحى السياسي غير الجديد، اقدام رئيس الجمهورية السابق، ميشال سليمان، في ايلول 2013، على اصدار مرسوم تجنيس حمل الرقم 10214، قضى بتجنيس 112 شخصاً عربياً واجنبياً، شمل أشخاص من الجنسيات الأميركية والإيطالية والفرنسية والألمانية والكندية والمكسيكية وامراء وشخصيات من الجنسية الأردنية، من دون توضيح المعايير التي اعتمدت في انتقاء هؤلاء الافراد، والذي استشف منه سعياً لخدمة مصالح شخصية. كذلك اصدر الرئيس السابق، قبل نهاية ولايته في ايار 2014، مرسوماً اخر، قضى بتجنيس قائمة بنحو 700 شخص عربي وأجنبي، شملت فلسطينيين/ات، وافراد من 31 جنسية مختلفة اضافة الى عدد من مكتومي/ات القيد واصحاب الجنسيات قيد الدرس. وفيما تضمن المرسوم لاسماء فلسطينيين/ات ولاكثرية من طوائف معينة، لم يعد ذلك خرقاً لبند الدستور الخاص بالتوطين، او التوازن الطائفي في لبنان.
ومثل اخر عن الاستعداد لتجاوز التوازن الطائفي، تشابك المصالح بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، الذي عكسه اتفاق الطرفين في الاسبوع الماضي، على اقتراح قانون استعادة الجنسية للمتحدرين/ات من اصل لبناني، والذي بالطبع في صيغته الحالية يستثني النساء اللبنانيات من هذا الحق، موجهاً بذلك طعنة جديدة لحقوق النساء اللبنانيات بالمساواة والمواطنة الكاملة.
وهكذا تدور حقوق المواطن/ة في لبنان في حلقة مفرغة، في ظل استمرار النظام الطائفي الحالي، الذي لا يقيم وزناً لحقوق الافراد بحجة المصالح الوطنية، والذي يستبدل المساواة بين كافة افراد المجتمع بالتوازن بين الطوائف ويستميت بالدفاع عن حقوقها.