البنك الدولي: النظام الطائفي في لبنان سبب الفقر، البطالة والفساد

افاد البنك الدولي في تقرير جديد له صدر تحت عنوان: "تعزيز الحد من الفقر والرخاء المشترك- تشخيص منهجي للبنان 2015"، بان "لبنان تأثر، منذ أن نال استقلاله، بنظام الطائفية السياسية، الذي رسم خارطة الدولة عبر العقود"، لافتاً الى "ان الهدف، في الأصل، من إنشاء نظام سياسي بطابعه الطائفي كان تحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة للمجتمعات المذهبية المحلية". واردف التقرير قائلا: "لكن ما لبث أن تحوّل ذلك النظام ليصبح في نظر الكثيرين عائقاً أمام الحوكمة السليمة والفعّالة، حيث أدّى إلى شللٍ واضحٍ في عملية اتخاذ القرار وصناعة السياسات، وبالتالي إلى إفراغ مؤسسات الدولة". كذلك اضاف تقرير البنك الدولي ان "النظام الطائفي في لبنان اثبت أنه الوسيلة الأقوى لتعريض البلد للتدخلّا ت الخارجية، التي بدورها تسبّبت في تغذية الخلافات والصراعات بين الفئات المحلية".
يقدم التقرير تشخيصاً منهجياً لازمات لبنان محدداً العوائق والقيود الأساسية التي يواجهها، في مجال خلق فرص العمل. ويرى التقرير "أن جذور الفشل في توليد النمو المتكامل وفرص العمل الكافية تكمن في عائقين أساسيين متلازمين: أولاً، ‏الحكم الطائفي، أي تولّي الحكم من قبل طبقة نخبوية تستخدم ذريعة الطائفية قناعاً لها، ثانياً، الصراع والعنف الناجمان، جزئياً، عن صراعات واسعة النطاق في منطقة الشرق الأوسط". ويفرض هذان العائقان المترابطان، بحسب التقرير، أعباءً ثقيلة تنهك الاقتصاد اللبناني، "حيث تُقدر الكلفة السنوية للخلل الناجم عن الحكم الطائفي بـ 9% من الناتج المحلي الإجمالي". ‏ويستكمل التقرير تشخيصه قائلاً: "بحسب الهيكلية القائمة، لا تُحاسب الدولة المواطنين/ات الذين/اللواتي يخالفون/ن القانون إذا ما كانوا/ن من المقربين/ات من النخبة المسيطرة طائفياً، أو من هم/ن على صلة بأصحاب النفوذ الأثرياء، مما يعزز من سلطة النخبة المسيطرة ويغذي نظام المحسوبية، كما أن اسلوب الواسطة والعلاقات الشخصية مع أصحاب النفوذ غالباً ما تؤثر سلباً على تنفيذ السياسات وتطبيق القانون"، مضيفاً "هكذا يتفشى الفساد في أعماق الطبقة النخبوية الحاكمة ليصبح داءً مزمناً يمنع البلد من تحقيق أهدافه التنموية". وفي هذا السياق، لفت التقرير الى التكلفة الباهظة للعنف والصراع التي تكبدها لبنان خلال تاريخه نتيجة نظامه الطائفي، مشيراً الى كل من الحرب الأهلية (1975- 1990)، التي استنزفت نصف الاقتصاد اللبناني، والصراع مع إسرائيل عام 2006 الذي تسبب في خسائر مباشرة هائلة بلغت 2.8 مليار دولار أميركي، وخسائر غير مباشرة قُدرت بـ 700 مليون دولار أميركي، والصراع الجاري حالياً في سوريا الذي كلف الاقتصاد اللبناني حتى الآن 7.5 مليارات دولار أميركي.
وخلص التقرير الى ان جذور العائقين التوأم عميقة في صميم النظام الحالي، الا انه على الرغم من ذلك اقترح استراتيجيتن للحد من تأثيرهما، الاولى، تسعى لمعالجة مشكلاته الجذرية وترمي إلى الحد من تفاقم تداعيات العائقين المذكورين على المدى الطويل، والثانية تقضي بتطوير برنامج إصلاحي كحافزٍ أقوى يُبطل اثار النظام القائم ويكون لها تأثير على المدى القريب. وقد قدم التقرير بعض الاقتراحات الخاصة بالاستراتيجية الأولى ومنها، تطبيق بنود أساسية من اتفاق الطائف من خلال اعتماد قانون اللامركزية، إنشاء مجلس مصغر ضمن البرلمان يجري انتخابه على أساسٍ غير طائفي، تحسين كيفية الحصول على المعلومات الإحصائية، تعزيز الاستقرار السياسي، وإصلاح المؤسسات وتطويرها. أما الاستراتيجية الثانية، فتتضمن الاقتراحات التالية: العمل على وضع تحليل شامل يبيّن حدة التداعيات السياسية والاقتصادية بالنسبة إلى القطاعات المتداخلة، تصميم حزمة كبيرة من الإصلاحات، اعتماد مقاربة جديدة للافادة من الفرص حينما تُتاح، العمل على التخفيف من حدة تحكم الطبقة النخبوية المسيطرة، تعزيز المشاركة الاجتماعية "الأفقية"، واخيراً ، حسن إدارة مسألة النزوح السوري إلى لبنان وتحويلها إلى فرصة مفيدة.‏