مدير الـ «أونروا»: نقص في تمويل خطتَي الطوارئ والبارد- الأزمة الاجتماعية في المخيمات تتفاقم- وادي الزينة: لسنا متسولين

Saturday, 13 June 2015 - 12:00am
لا بدلات إيواء للفلسطينيين من سوريا لكن التقديمات ثابتة
لا تزال المخيمات الفلسطينية تشهد اعتصامات ضدّ سياسة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الـ«أونروا»). وهي ستكلّل باعتصام عام أمام مبنى «الإسكوا» في بيروت، اليوم، للتنديد «بسياستها الجائرة التي ستقضي على حق العودة»، والتي أدّت إلى «تقليص خدماتها تمهيداً لحلّها من قبل مجلس الأمن في الأمم المتحدة».
وقد زار المدير العام للوكالة في لبنان ماتياس شمالي قبل أيام مخيمي نهر البارد والبدّاوي وقبلهما مخميات أخرى، لمحاورة الأطياف الفلسطينية حول التحديات التي تواجههم في تلك المرحلة وإيجاد الحلول لها. وهي الزيارة الثالثة له إلى الشمال منذ تولّيه منصبه في نيسان الماضي.
اعتبر شمالي أن انتهاج مبدأ الحوار من شأنه أن يكسر الحواجز بين الوكالة واللاجئين، لا سيما في الأوقات العصيبة التي تمرّ بها المنطقة والتي ترتدّ سلباً على أحوالهم. فترافق وفريق عمل الوكالة لمقابلة أربع مجموعات من الفلسطينيين. استقبلته آخر مجموعة في مخيم البدّاوي باعتصام، وأنهت لقاءها به بعد ساعة ونصف الساعة، بالخروج من القاعة متّهمة إياه باتخاذ إجراءات تعسّفية. قال إن «المجموعة الأخيرة بدت مصمّمة على ترك الاجتماع منذ اللحظة الأولى، على الرغم من أننا أتينا للحوار وليس لإملاء آرائنا عليهم. نحن نتفهّم المعتصمين لأن الاعتصام وسيلة من وسائل التعبير والاحتجاج، ولكن لا نفهم لما تمّ رفض الحوار».
في جميع الأحوال كان على شمالي إبلاغ الرأي العام الفلسطيني النازح من سوريا إلى لبنان، أنه مع حلول شهر تموز ستتوقف الوكالة عن دفع بدلات الإيواء لهم بسبب الوضع المادي الطارئ. وشرح لـ «السفير» أن «هذا التراجع يعني فقط بدل الإيواء للفلسطينيين من سوريا ولا يطال أياً من التقديمات الأخرى، سواء تلك التي تخصصها الوكالة للآتين من سوريا أو للمقيمين في لبنان». وبحسب قراءته للأسباب الكامنة وراء هذا القرار، يعود السبب إلى تراجع تمويل الدول المانحة المخصص لحالة الطوارئ في «الأونروا»، في ظلّ تمويلها حالات الإغاثة الطارئة الناجمة عن الأزمات الناشئة في المنطقة كما في إفريقيا وأوروبا. وهو يؤكد أنه ليس في معرض الدفاع عن قرار كهذا، آملاً بأن تعود الأمور إلى مجراها الطبيعي، فيقدّم بدل الإيواء كمبلغ نقدي من خلال بطاقات الائتمان التي يستخدمها النازحون الفلسطينيون من سوريا. ويحوّل إليها بشكل شهري مبلغ 27 دولاراً لكل فرد من أفراد العائلة.
على صعيد آخر وفي ظلّ مطالبة الفلسطينيين من سوريا بتحمّل الوكالة كلفة بدلات الإقامة التي فرضتها الدولة اللبنانية عليهم، والتي تساوي 200 دولار سنوياً لكل فرد، أوضح شمالي أن جهوده مع المعنيين اللبنانيين ما زالت مستمرة لإيجاد حلّ لهذه المسألة. وثمة 43 ألف نازح فلسطيني من سوريا قدموا إلى لبنان بفترات مختلفة، وفق تقديرات الوكالة. وهم في غالبيتهم «أفراد وعائلات يملكون ملفات لإعادة توطينهم في بلدان ثالثة».
وقد ألمح المدير العام إلى أن الآتين من سوريا لا يمكنهم دفع بدلات الإقامة وأن منهم من يلتزم المخيمات لعدم تجديدها. ولفت إلى مبادرة وزير التربية الياس أبو صعب التي أتاحت للتلاميذ الفلسطينيين الذين لا يحملون إقامات بالتقدم إلى امتحانات الشهادة المتوسطة اسوة بزملائهم، وذلك بسعي من «الأونروا».
أما في ما خصّ إعادة إعمار مخيم نهر البارد، يلفت شمالي إلى عودة نحو 50 في المئة من عائلاته إليه مع حلول أيلول، ولكنّه في الوقت نفسه يتأسّف لبقاء نحو 2000 عائلة خارجه «بسبب عدم وجود التمويل لاستكمال عملية إعادة الإعمار». وهو يشرح أنه «مع انخفاض سعر اليورو خسرت الوكالة نحو 25 مليون دولار، لأن هبات الدول المانحة كانت باليورو». ويؤكد أن تقديمات تلك الدولة تزيد سنة بعد سنة «لكن كلفة الإغاثة ترتفع بشكل ملحوظ فتتفوّق على التمويل العام ويظهر العجز».
أما بالنسبة لخطة الطوارئ التي وضعتها الـ«أونروا» لإغاثة النازحين الفلسطينيين من سوريا فلم تحصل الّا على 25 في المئة من المطلوب.
قبل أشهر أوضح المفوض العام بيار كرينبول أنه «إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه اليوم فستنتهي السيولة الخاصة بالوكالة مع حلول تشرين الأول». لكنّ دقّه لناقوس الخطر فُهم من قبل البعض على أن تفويض الـ«أونروا» سينتهي في تشرين، وهو ما نقلته إحدى الصحف التركية. لذلك تنفي الوكالة نفياً قاطعاً ما ذُكر «فعملياتها مستمرّة طالما أن القضية الفلسطينية من دون حلّ».

الأزمة الاجتماعية في المخيمات تتفاقم
مع اقتراب موعد مؤتمر الدول المانحة الذي سيُعقد في القاهرة الأسبوع المقبل لمناقشة الموازنة العامة والأزمة المالية التي تعصف بوكالة الـ «أونروا»، تتصاعد الأزمة الاجتماعية في المخيمات الفلسطينية، بسبب «سياسة تقليص الخدمات». يوضح مسؤول «لجان حق العودة» في المخيمات وممثل «الجبهة الديموقراطية» في صيدا فؤاد عثمان، أن «اللاجئين على أبواب انفجار اجتماعي كبير لن يستطيع أحد إيقافه، وإذا فتحت المعركة مع الـ«أونروا» فلن تتوقف بسهولة وستكون ككرة الثلج»، مطالباً الدول المانحة بدفع مستحقاتها «لأننا نعرف أن السبب الرئيسي هو الضغط على شعبنا من أجل إنهاء قضية اللاجئين». أما وقف برنامج الطوارئ في مخيم «نهر البارد» قبل إعادة إعماره، فيضع سكان المخيم أمام «خيارات صعبة جداً، ويدفعهم إلى التهجير إما عبر البحار والصحاري، أو من خلال التصعيد المطلبي الشعبي». وتؤكد مصادر «اللجان الشعبية» أن «الأزمة الراهنة دفعت اللاجئين إلى تصعيد الاحتجاجات الشعبية في المخيمات كافة، واتخاذهم قرار تصعيد الحركة الاعتراضية الشعبية، والبداية ستكون غداً (اليوم)، من خلال تحرك جماهيري كبير من المخيمات كافة أمام مبنى الاسكوا في بيروت، واعتصام مماثل أمام مقرّ المدير العام للأونروا». وتقول مصادر «اللجان الشعبية» في المخيمات لـ «السفير» إن «جهات مطلعة على خبايا ما يدور خلف كواليس المجمتع الدولي، أبلغتنا أن الأزمة الحالية للوكالة الدولية سببها سياسي بامـــتياز، ما يعني شــــطب حق العودة وإنهاء خدماتها تدريجياً، متلطية وراء العـجز المالي عبر عدم دفع الدول المانحة مستحقاتها المالية».
تشير المصادر إلى أن «السبب الأكيد الذي يثير هواجسنا هو ما كان قد أكده المدير العام للأونروا ماتياس شمالي، خلال اجتماعه مع القوى السياسية الفلسطينية الوطنية في صيدا الأسبوع الماضي، بقوله إن الأزمة سياسية أولاً، ثم مالية». ويُعرب اللاجئون الفلسطينيون عن غضبهم من «تدنّي مستوى الخدمات الصحية والتربوية الاجتماعية، بالإضافه الى القرار الظالم بوقف بدل إيجارات المنازل للنازحين الفلسطينيين من سوريا، في ظل الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة التي يعيشونها».
وفي مخيم نهر البارد («السـفير»)، تتواصل التحركات والاحتجاجات للشهر الثاني على التوالي، بسبب تقلص المساعدات من جانب الـ «أونروا»، وأقيـــمت مسيرة احتجاجية بعد صلاة الظهر أمس، شارك فيها المئات من سكان المخيم، الذين جالوا في الشوارع وأطلقوا الشعارات التي طالبت الوكالة بالتراجع عن قراراتها.

وادي الزينة: لسنا متسوّلين
نفذت القوى الفلسطينية و «اللجان الشعبية» في منطقة وادي الزينة، اعتصاماً أمام مكتب الـ «الأونروا»، احتجاجاً على تقليص خدماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين والنازحين من سوريا. تحدث في الاعتصام كمال غنّام باسم اللجان الشعبية الفلسطينية و «منظمة التحرير»، مؤكداً «أننا نرفض وندين بشدة القرارات التي اتخذها المدير العام لـ «الأونروا» في لبنان بتقليص الخدمات للشعب الفلسطيني المقيم في لبنان والنازح من سوريا». وسأل: «هل هذه حلقة من حلقات لاحقة لتهجير ما تبقى من فلسطينيين في لبنان وسوريا، حتى يكتمل المشروع الأميركي ـ الصهيوني؟». وطالب غنام الـ«أونروا» بـ «الإيفاء بوعودها في تحمل مسؤولياتها تجاه شعبنا الفلسطيني لحين تحقيق العودة الى أرضه ودياره، معتبراً أنه «من غير المسموح تحويل اللاجئين الفلسطينيين الى متسوّلين على قارعة الطريق، ويبــــدو أن استمرار سياسة تقليص الخدمات، التي تتصاعد وتيرتها يوماً بعد يـــوم، تنذر بتداعيات كارثية».
وألقت أم جهاد كلمة لجنة المهجّرين الفلسطينيين من سوريا، فأبدت خشيتها من «أن تكون قرارات الـ«أونروا» هي بداية لخطوات نحو التنصّل من مسؤولياتها التاريخية»، وأعربت عن تخوّف اللاجئين من أن «تتبع الدول المانحة سياسة جديدة نحو إلغاء هذه المنظمة الأممية، وبالتالي إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين ضمن مسلسل الهجوم على القضية الفلسطينية».
بعد ذلك، سلّم أبو فخري، باسم الفصائل الفلسطينية في إقليم الخروب، مذكّرة احتجاج لمدير مكتب الـ«أونروا» في صيدا وإقليم الخروب الدكتور ابراهيم الخطيب.

لبنان ACGEN السغير حقوق الفلسطينيين