أبو فاعور يواجه نقابة الأطباء: عملية تشبيح منظّم

Tuesday, 23 June 2015 - 12:17pm
فتحت قضية الطفلة إيلا طنوس باب المواجهة بين وزير الصحة ونقابة الأطباء، فبعد صمت طوال فترة تحركات النقابة، أطلق وزير الصحة وائل أبو فاعور أمس سهامه على النقابة، كاشفاً مغالطات كثيرة في قضية إيلا ومعلناً أن لا امتيازات ولا حصانات للأطباء

طوال الفترة السابقة، كانت نقابة الأطباء تتحرك بشراسة دفاعاً عن حصانات أعضائها، بعدما أوقف القضاء الطبيب عصام معلوف في قضية بتر أطراف الطفلة إيلا طنوس، ما اعتبره الجسم الطبي «مسّاً بكرامة الأطباء». أعلن الأطباء الإضراب وهاجمت النقابة القضاء ووزارة الصحة والمواطنين اللبنانيين، طالبةً منهم، على لسان نقيبها، أن «لا يتحكّموا عندنا».

لم يتحرك المواطنون اعتراضاً على ما ورد على لسان النقيب، أمّا القضاء فقد أصدر قراراً بترك الطبيب بكفالة بلغت 100 مليون ليرة وتمّ تشكيل لجنة من 5 أطباء لتتوسع في التحقيقات الطبية. وزارة الصحة بقيت صامتة، إلا أنها أصدرت بياناً حذرت فيه من مغبّة التخلف عن إسعاف أي مريض بحجة الإضراب، ليأتي الرد على كل ما قامت به النقابة، أمس، في مؤتمر صحافي خصصه وزير الصحة وائل أبو فاعور لموضوع الأخطاء الطبية، إذ أعلن وجود 37 شكوى بأخطاء طبية مسجلة في وزارة الصحة، ويكشف، للمرة الأولى، ثغَراً في قضية إيلا.

أسئلة أبو فاعور
يؤكد الوزير أنّ «الوزارة لم تتدخل لا من قريب أو من بعيد في توقيف الطبيب أو إخلاء سبيله»، متمنياً «ألا تكون قد حصلت أي ضغوط من قبل أي وزارة على القضاء». يشي «تمني» الوزير بأنّ هناك من تدخّل وضغط على القضاء لإخلاء سبيل الطبيب. لذلك يكشف أبو فاعور عن شبهات كثيرة تدور حول ملف الطفلة إيلا طرحها بصيغة «الأسئلة»، وأبرزها: لماذا مُنع والد الطفلة من حضور بعض اجتماعات اللجان في نقابة الأطباء؟ ولماذا استُحضر محامون قيل إنهم موكلون وهم غير موكلين؟ ولماذا عرض محامون الحل الحبّي على والد إيلا؟ ولماذا عُرضت أموال على هذا الأخير، علماً بأن العروض تعددت بين التكفل بالطفلة خمس عشرة سنة، وصولاً إلى التكفل بها عشرين سنة مع دفع مبلغ يصل إلى مليوني دولار؟ ويضيف: «إن الوقائع تظهر أن إيلا وصلت إلى مستشفى الجامعة الأميركية بعدما كان أهلها قد أخذوها إلى مستشفى أوتيل ديو. فماذا حصل؟ هل شمل التحقيق هذه النقطة؟ هل تم التوسع في الأمر؟». تُشير أسئلة الوزير الى نقص كبير في الملفات الموجودة لدى القضاء، وهو ما كشفته سابقاً مصادر قضائية لـ»الأخبار» عن عدم توفر عدد من الملفات لدى اللجنة الطبية الموكلة التحقيق في القضية. يجدّد أبو فاعور شكوكه في تقرير النقابة الذي تم على أساسه توقيف الطبيب، ويقول إنه «بقي رغم ذلك غامضاً ولا وضوح فيه».

سحب الامتيازات
خلاصة مؤتمر أبو فاعور كانت ثلاثة أمور أساسية: حق الوزارة في سحب إذن مزاولة المهنة من الطبيب، الحق في توقيف وملاحقة أي طبيب وتشكيل لجنة طبية في الوزارة للتحقيق في الأخطاء الطبية. يرفض أبو فاعور حملة التهويل التي شُنت على وزارة الصحة والقضاء، معتبرًا أنّ «الأكثر فجوراً كانوا أطباء عندهم ملفات».

أعلن أبو فاعور
عن وجود 37 شكوى بأخطاء طبية
وفي ما يتعلق بالإضراب الذي نفذته النقابة، يقول إنّ «المراكز الطبية التي أقفلت، التزاماً بالإضراب الذي دعت النقابة إليه، عادت وفتحت أبوابها بعدما تبين أن الالتزام بالإضراب تسبب لها بخسائر مادية باهظة، ما يدل على أن ما يتحكّم بالكثيرين ممن يعملون في هذا القطاع هو الجانب المادي، لا قسَم أبقراط الذي يبدو أنه في مكان آخر». يستنتج أبو فاعور أنّ «هذه القضية وما أثارته من ردود فعل كشفت عن المس بعصب البورجوازية وعن وجود أطباء يتمتعون بامتيازات لا يتمتع غيرهم بها»، رافعاً سقف المواجهة مع الأطباء، إذ هدّد بأنّ الوزارة لن تتورع عن سحب إذن مزاولة المهنة في حال تبين لها أحقية ذلك. فما حصل، برأي أبو فاعور، يمكن وصفه بـ»عملية تشبيح منظم، إذ بدا كأن هناك حصانة للطبيب، فيما هذه الحصانة غير موجودة». يحسم الوزير مسألة حق القضاء بتوقيف الطبيب، لافتاً الى أنّ المادة 44 من قانون إنشاء نقابة الأطباء تنص على أنه «عند ملاحقة الطبيب جزائياً، للنقابة أن تبدي رأيها العلمي خلال خمسة عشر يوماً، ما إذا كان الجرم المدعى عليه ناشئاً عن ممارسة المهنة»، كما تتابع المادة أنه «لا يجوز التوقيف الاحتياطي للطبيب الملاحق في جرم ناشئ عن ممارسة المهنة قبل أن تبدي النقابة رأيها ضمن المهلة المذكورة أعلاه». يشرح أبو فاعور أن «رأي النقابة في التوقيف أو الملاحقة غير ملزم للقضاء، بل هو رأي علمي واستشاري للاستنارة به، إذ إن المادة تنص صراحة على أن «للنقابة أن تبدي رأيها العلمي»، أما صفة الإلزام فتأتي بصيغة «بعد موافقة نقابة الأطباء» وهذا ليس هو الواقع، ما يعني أن ملاحقة الطبيب جزائياً أمام القضاء تتم سواء أبدت النقابة رأيها أو لم تبده.
لم يتوقف الوزير هنا، بل أعلن سحب واحد من أهم امتيازات النقابة عبر «تشكيل لجنة استشارية من 14 طبيباً من أصحاب الاختصاصات، مهمتها التحقيق في الأخطاء الطبية التي سترد إليها، بما أن التجارب السابقة مع قضايا أحيلت على نقابة الأطباء لم تكن مشجعة». ووجه تهديداً مباشرا بأنّه «إذا كان لأي جهة كالنقابة أو غيرها، اقتراح تعديلات، فليتم التقدم بها إلى المجلس النيابي، ونحن في الوزارة لدينا اقتراحات، وبالطبع هي اقتراحات عكسية». وأوضح أبو فاعور أنه يحق للنقابة إعطاء رأيها الاستشاري غير الملزم، متمنياً أن يحصل تطابق في آراء كل من لجنتي الوزارة والنقابة، فيكون الرأيان أمام القضاء الذي يعود له اتخاذ القرار النهائي أو تكليف لجنة إضافية من الخبراء. كما تمنى أن تراقب النقابة عمل اللجنة المشكلة في الوزارة التي يمكنها كذلك مراقبة عمل لجنة النقابة.

لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء الأخبار نقابات