المستشفى التركي ضحية بلدية صيدا و«الصحة»

Friday, 5 June 2015 - 12:00am
عادت قضية تشغيل المستشفى التركي للحروق والطوارئ في صيدا، إلى الواجهة مجددا. وذلك بعد تأخير افتتاح الصرح الطبي وإقفاله المستمر منذ نحو خمس سنوات، على الرغم من أنه مجهز بكامل المعدات الطبية الحديثة والمطلوبة، منذ إنشائه في العام 2010 بهبة من الدولة التركية.
الجميع في عاصمة الجنوب يعلم أن بلدية صيدا مدعومة من النائبة بهية الحريري، وبشكل أقل من الرئيس فؤاد السنيورة، رفضت التنازل عن ملكية الأرض، إذ أن المستشفى شيد على عقار تابع لها، لصالح وزارة الصحة كي تعتبرها من أملاكها وبالتالي تقوم بتشغيلها والإنفاق عليها. وبما أن ذلك لم يحصل رفضت الوزارة من جهتها الإنفاق على المستشفى المذكور وتصنيفه تحت خانة «حكومي» باعتبار أنه ليس مملوكا من قبلها وغير خاضع لسلطتها.
إزاء هذا الواقع حاولت بلدية صيدا بتوجيه من الحريري والسنيورة افتتاح وتشغيل المستشفى وتشكيل «مجلس أعيان» له يكون بمثابة مجلس إدارة للإشراف على عمله والإنفاق عليه ماليا وتعيين الكادر الطبي والوظيفي، وجمع المال المطلوب من المقتدرين الصيداويين وأصحاب رؤوس الأموال، إلا أن هذه المسالة اصطدمت بالتمويل والجهة الممولة، خصوصا بعدما تبين أن هذا المستشفى بحاجة لنحو 32 مليون دولار خلال السنوات الخمس الأولى من تشغيله، وبالتالي يقع في عجز طوال كل هذه السنوات وذلك وفق دراسات اطلعت عليها البلدية.
كما أظهرت الدراسات أن المستشفى يخسر من ناحية الجدوى الاقتصادية كونه مجهزا فقط لاستيعاب 50 سريرا، في حين أن التجهيزات الطبية معدة لخدمة أكثر من ذلك بكثير، كذلك المطلوب توظيف نحو 300 شخص لخدمة هؤلاء بين طبيب وكادر طبي وموظف وممرض وعامل. وبناء عليه كانت عبارة رئيس بلدية صيدا محمد السعودي «أننا نكبنا سلاحنا»، معلنا عن أنه سيتم وضع المستشفى بتصرف وزارة الصحة بالكامل من الألف إلى الياء، وذلك من أجل إدارته والإشراف عليه وتشكيل مجلس الإدارة وتأمين الكادر الطبي والوظيفي والتمريضي وخلافه.
وأمس كشف السعودي عن الأسباب الحقيقية التي حالت دون تشغيل المستشفى، ليضع بذلك حدا لكل التكهنات والتأويلات، نافيا بشدة ما طرح مؤخرا، حول أن الخلاف هو على ان التعيينات وراء عرقلة تشغيل المستشفى. وأكد «أن الموضوع فني وتقني بحت يتعلق بالجدوى الاقتصادية لتشغيل المستشفى وتحمل الأعباء المالية التي ستنجم عن ذلك». ولفت الانتباه إلى ان الحديث عن تكبد البلدية لخسارة سنوية تبلغ نحو 125 ألف دولار على المستشفى التركي أمر مبالغ فيه.
وأشار السعودي إلى أنه «عقب انتهاء حفل إنجاز المستشفى التركي بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس سعد الحريري في تشرين الأول 2010، كان هناك لقاء جانبي لي مع وزير الصحة في حينه الدكتور محمد جواد خليفة بحضور النائبة بهية الحريري، حيث سألته عما إذا كان يحتاج تشغيل المستشفى إلى 6 أشهر كفترة زمنية، أجاب الوزير خليفة بالحرف الواحد: أعطيني فترة سنة لأننا نريد تدريب الطاقم الطبي في الجامعة الأميركية».
وتابع السعودي: «مع حصول التغيير تلو التغيير في وزارة الصحة، كان همنا في بلدية صيدا السعي لافتتاح وتشغيل المستشفى، لذلك وبعد التشاور مع نائبي صيدا الرئيس فؤاد السنيورة والحريري، تقدمنا بطلب للحصول على رخصة تشغيل المستشفى، ولكن للأسف لم يتم الحصول على الترخيص لغاية تاريخه لسبب أو لآخر».
أضاف السعودي: «في الحقيقة أن دراسة الجدوى الأولى التي أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت، أظهرت بأن تشغيل المستشفى سينتج عنه عجز مقدر بنحو 12 مليون دولار خلال الـ5 سنوات الأولى. وكان قرارنا بأن نسعى لتحمل المسؤولية وتأمين متمولين وداعمين من اجل تغطية العجز» .
ولفت النظر إلى أن «هذه المساعي اصطدمت لاحقا بما أظهرته دراسة ثانية للجامعة الأميركية، ومفادها أن العجز سيكون نحو 32 مليون دولار خلال 5 سنوات، وهنا لم يكن لدينا إمكانية في تحمل هذه الأعباء أو السعي لتأمين الموارد المالية».
وأكد السعودي أن دراسة ثالثة تم إعدادها من جهة محايدة، تطابقت في مضمونها، في ما يتعلق بجدوى تشغيل المستشفى، مع الدراسات السابقة، حيث أظهرت بأن التجهيزات الطبية في المستشفى معدة لخدمة 200 سرير وليس كما هو حاليا 50 سريرا فقط، وبالتالي وحتى يكون تشغيل المستشفى ذا جدوى اقتصادية، لا بد من إنشاء مبنى جديد لـ 200 سرير.
وختم رئيس بلدية صيدا بأن «موضوع تشغيل المستشفى التركي في صيدا سيتم من قبل وزارة الصحة اللبنانية وفقا للاتفاق الذي أبرم معها حول هذا الموضوع»، آملا أن «يكون ذلك قريبا ونضع هذا المستشفى الهام بخدمة المرضى، وتوفير الخدمات الطبية المتخصصة لأهلنا في صيدا ومنطقتها والجنوب اللبناني وسائر المناطق».

لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء السغير