بعد مرور نحو 4 اشهر على بدء ازمة النفايات في لبنان، واقتراحات الحلول الترقيعية التي فشلت جميعها في تقديم مخرج صحي وبيئي للازمة، تبدو الخطة الاخيرة التي تقدم بها وزير الزراعة، اكرم شهيب، معلّقة وغير نهائية بانتظار التوافقات الطائفية وخصوصاً فيما يتعلق باستحداث مطامر جديدة، الامر الذي لاقى رفضاً شعبياً في كافة المناطق.
انفجرت ازمة النفايات بعد اقفال مطمر الناعمة في 17 تموز الماضي، ونما معها الحراك المدني والشعبي، الذي انطلق بالتوازي مع تخبط الحكومة في ايجاد المخارج الصائبة لحل الازمة. والحراك الذي بدا سلمياً تشعبت شعاراته لتتحول الى سياسية مع المطالبة باستقالة وزير البيئة، محمد المشنوق، الذي حاول دون جدوى البحث عن مطامر بديلة لمطمر الناعمة، حتى انسحب من ادارة ملف النفايات، دون ان يستقيل من الوزارة. اوكلت المهمة الى وزير الزراعة، اكرم شهيب، الذي انشأ لجنة ضمت مجموعة من الخبراء/ات البيئيين/ات، وبعض المعنيين/ات في ملفات البيئة، تقدمت بخطة وافق عليها مجلس الوزراء، وابرز ما تضمنته التالي: اعتماد مطمرين صحيين، الاول في منطقة سرار في عكار والثاني في منطقة المصنع في سلسلة جبال لبنان الشرقية، استخدام معمل معالجة النفايات في صيدا لاستقبال جزء من الكميات خلال المرحلة الانتقالية، ونقل النفايات المتراكمة في منطقة بيروت وجبل لبنان والتي لم تطمر منذ 17 تموز الماضي الى مطمر الناعمة الذي سيفتح لهذه الغاية لمدة سبعة ايام.
اثارت خطة شهيب ردود فعل فورية، اذ اجمعت الاكثرية من الاهالي في الناعمة، عكار، مجدل عنجر، وصيدا على رفضها، كما اعلنت مجموعات الحراك الشعبي في بيروت رفضها للخطة وقررت الالتفاف حول الأهالي. وعلى الرغم من تأكيد شهيب مرارا وتكرارا ان العمل في سرار يتقدم وفق الخطة المطروحة، الا ان الاحتجاجات استمرت وترافقت مع اطلاق نار على المعتصمين/ات، الامر الذي ادى الى توقيف العمل حاليا في المطمر. كذلك واجهت فكرة مطمر المصنع اعتراضات شديدة من قبل اهالي المناطق المحيطة به، وقد فشلت الاجتماعات التي عقدت مع المعنيين من رجال دين وفعاليات، في اقناع الاهالي بالمضي قدماً في تنفيذ الخطة، لينتقل بعدها الحديث الى اقامة مطمر اخر في البقاع الشمالي وتحديدا في كفرزبد، فجوبه بالرفض نفسه من قبل الاهالي. وقد علم مؤخراً ان اهالي جنتا ويحفوفا شرقي بعلبك، قد اعترضا ايضا على فكرة اقامة مطمر في الاراضي الجردية التي تربط البلدتين.
من جهته، اعلن الحراك الشعبي والمدني رفضه الخطة الحكومية، ورأى انها عملية مراوغة لمعالجة الملف معتبراً ان الخطة لم تقم أيّ اعتبار للبيئة، اذ عادت لتعتمد على المطامر من دون أيّ عمليات فرز وكأن الحكومة لم تتعلم من تجربة مطمر الناعمة. وقدّم الحراك المدني خطته للنفايات والتي تضمنت تحرير اموال البلديات لتتسلم اعمال الكنس والجمع، تكريس مبدأ الفرز من المصدر، ورفض التعاون مع سوكلين ليوم واحد.
على الرغم من كل ما سبق من اعتراضات، تأخذ خطة شهيب طريقها الى التنفيذ بانتظار التوافق على توزّع المطامر الجديدة على نحو يراعي الاعتبارات الطائفية، واستناداً الى المثل: "كل ديك (طائفة) على مزبلتو صياح".