بعد اثنتي عشر عاماً على تقديم اقتراح قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من اصل لبناني، واربع سنوات على اقرار مشروع القانون في مجلس الوزراء خلال عهد الرئيس ميشال سليمان، اقرّ مجلس النواب، خلال جلسة تشريع الضرورة التي عقدت في 12 ت2 الماضي، نص مشروع القانون المقترح وذلك بعد ان تم ادراجه في 27 ت1 الماضي، على جدول اعمال اول جلسة تشريعية، اثر توقيعه بصفة المعجل المكرر، من قبل ابرز مكونين مسيحيين في مجلس النواب، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
تجدر الاشارة الى ان النائب نعمة الله ابي نصر تقدم باقتراح مشروع قانون استعادة الجنسية للمتحدرين في العام 2003، وبقي في الادراج حتى العام 2011، حيث تم تبنيه بكل صلافة في مجلس الوزراء، مع ادخال تعديل مشين تمثل بحصر حق استعادة الجنسية لصلة الاب او الجد وليس الام. وقد اصبح القانون بصيغته النهائية، ينص انه يحق لكل شخص يتوفر فيه أحد الشرطين التاليين أن يطلب استعادة الجنسية اللبنانية: 1- إذا كان مدرجا هو أو أحد أصوله الذكور لأبيه أو اقاربه الذكور لأبيه حتى الدرجة الرابعة على سجلات الاحصاء التي أجريت بعد إعلان دولة لبنان الكبير، أي سجلات 1921 - 1924 مقيمين ومهاجرين وسجل 1932 مهاجرين، الموجودة لدى دوائر الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات، 2- إذا كان مدرجا هو او احد أصوله الذكور في سجلات المقيمين 1932 وفقا لمعاهدة لوزان عام 1924، ولقانون الجنسية الصادر في 19/1/1925 والقوانين اللاحقة له.
اثار القانون، الذي رمى بحسب مؤيديه، الى "تصحيح الخلل الديموغرافي" (لصالح الطوائف المسيحية) والحفاظ على "هوية وصيغة لبنان الفريدتين"، مروحة من ردود الفعل الخجولة، تراوحت بين الرفض لطابعه الطائفي، واستنكار عدم المساواة في الحقوق بين النساء الرجال، خصوصاً ان مشروع القانون المقر استمر في حصر المستفيدين منه للمتحدرين/ات من جهة الاب او الجد فقط وليس الام اذا كانت لبنانية. وقد سبق اقرار مشروع القانون، مفاوضات مكثفة جرت بين تيار المستقبل من جهة والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب من جهة اخرى، وضع المستقبل خلالها شروطاً للقبول باقتراح القانون، أبرزها "أن يشترط على الراغب في استعادة الجنسية أن يقيم في لبنان 5 سنوات" و"أن يتقدم بالمراجعة للحصول على الجنسية خلال سنتين من صدور القانون، وإلا فقد الحق بذلك"، الامر الذي رفضه الفريق الآخر، واصفاً تلك الشروط بالتعجيزية، فطرح المستقبل معادلة استعادة الجنسية للمتحدرين مقابل منح النساء اللبنانيات الجنسية لأولادهن، وهي معادلة رفضها ايضا الفريق الاخر. وحول المعادلة، اكد وزير الخارجية والمغتربين، رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، في تصريح جديد اتسم بالعنصرية رفضه مقايضة استعادة الجنسية للبنانيين "أصيلين، بتجنيس آخرين من الجنسيات الفلسطينية والسورية". وقد استمرت تلك الخلافات، حتى خلال الجلسة التي اقر فيها القانون اي في 12 ت2 الماضي، حين اعطى حزب المستقبل مباركته له.
ترافق الاخذ والرد حول مشروع القانون مع نشاط قامت به حملة "جنسيتي حق لي ولاسرتي"، التي نفذت اعتصاماً في 4 ت2 الماضي، رفضاً لاقرار القانون المقترح بصيغته التمييزية وقبل حصول اللبنانيات على حقهن في المواطنة الكاملة، كما اصدرت بياناً في 9 ت2 الماضي، جددت فيه رفضها لاقرار مشروع القانون، واصفة تصاريح الوزير باسيل بالعنصرية، ومشددة على مطالبها.
وتعليقاً على اقراره، ركزت الاستاذة فهمية شرف الدين، على طبيعة النظام الاجتماعي اللبناني الابوي الذي أرسى قواعد التمييز ضد النساء في القوانين اللبنانية، مؤكدة ان النظام السياسي الطائفي لا يزال يمنع اي امكان لتعديل تلك القوانين حتى الآن. وختمت شرف الدين بالقول ان تعديل قانون الجنسية اللبناني الحالي بإتجاه المساواة بين النساء والرجال، حاجة فعلية للكثير من الأسر، وهو حق تصّر النساء على إسترداده، معتبرة ان الممانعة ضد تغيير ذلك القانون وسيلة للابتزاز السياسي، من خلال تعطيل اقرار المساواة بين النساء والرجال بربطه وطنياً بالتوازنات الطائفية من جهة، واقليمياً بفزاعة توطين الفلسطينيين/ات من جهة اخرى.