ملهاة الانتخابات المحلية لصرف النظر عن الاستحقاقات السياسية المستعصية

elections.jpg

مع اقتراب الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة، يحتدم الصراع بين القوى السياسية للسيطرة على تلك المجالس المحلية، خصوصا في ضوء فشل الحكومة الحالية وسابقاتها في حل المشكلات المرتبطة بالخدمات العامة، ناهيك عن الملفات السياسة الوطنية الكبرى، (الانتخابات الرئاسية، قانون الانتخابات، مشكلة النزوح، الخ..). يبدو ان تراكم الاخفاقات السياسية والاقتصادية دفع بالحكومة الى رمي التركة في ملعب البلديات، والهاء المواطن/ة في ازقة السياسات المحلية الضيقة.
من المشكلات اليومية المعروفة التي نذكرها على سبيل المثال لا الحصر، ازمة النفايات والكهرباء والمياه والصرف الصحي والاماكن العامة وغيرها. مشكلة معالجة النفايات هي خير دليل للتخبط السياسي الحكومي في تناول تلك الملفات كما انها تبين بجلاء السجل السابق للحكومات في التسلط على المقدرات المالية للبلديات ومصادرة صلاحياتها، على الرغم من بروز توجه سياسي خجول نحو اعادة الاعتبار لدور البلديات نظراً للضغوط المتراكمة.
في لمحة تاريخية سريعة، يتكشف مدى نجاح الحكومات المتعاقبة في وضع اليد على اموال البلديات منذ 1994، عندما ابرمت الحكومة انذاك اتفاقات التعاقد مع شركة سوكلين ومن ثم مع شقيقتها سوكومي لمعالجة النفايات، والتي ترافقت مع السطو على اموال الصندوق البلدي المستقل. وقد اعتمدت الحكومات لتحقيق ذلك آليات قانونية مبتكرة وممارسات غير قانونية، اسفرتا عن اقتطاع 40% ومن ثم 80% من مستحقات نحو 255 بلدية لتغطية خدمات سوكلين وسوكومي. ولم تكتف الحكومات بذلك، بل عمدت ايضا الى حبس المستحقات البلدية من عوائد الهاتف الخليوي والتي قدرت بما لا يقل عن مليار دولار تراكمت خلال 10 سنوات.
وتجدر الاشارة الى ان حجم الصندوق البلدي يعتبر صغيراً جداً اذا ما قورن بالاحتياجات المحلية للسكان، وبالناتج الوطني الاجمالي (0.4% مقابل ما متوسطه 3% في بلدان اخرى). واستنادا الى موقع "مركز المعلوماتية للتنمية المحلية في لبنان": http://www.localiban.org/article5901.html ، فان اجمالي توزيعات الصندوق البلدي خلال 17 سنة بلغ نحو 4685 مليار ليرة (اي نحو 3 مليارات دولار)، توزعت على نحو 1000 بلدية. وبعملية حسابية بسيطة فان ناتج تقسيم توزيعات 2013 على اجمالي عدد البلديات، اي اما متوسطه 313000 دولار للبلدية الواحدة، هو اقل من الميزانية السنوية للكثير من الجمعيات المتوسطة الحجم، كما انه يبين بوضوح تدني مستوى الدعم المالي الحكومي للبلديات. وهنا تجدر الاشارة الى ان كبريات البلديات واتحاداتها تستأثر وحدها باكثر من 60% من اجمالي تلك التوزيعات، الامر الذي يطرح تساؤلات جدية حول قدرة البلديات الصغيرة وحتى متوسطة الحجم على لعب دور اكبر في توفير الخدمات الاساسية.
اخيراً، يسود الاعتقاد ان توجه الحكومة لاجراء الانتخابات البلدية، كيف ما كان، هو نوع من الهروب الى الامام فرضه كل من انسداد افق الحل السياسي الوطني، والضغوطات المدنية المعارضة. لكن من جهة ثانية تشكل الانتخابات المقبلة فرصة للطبقة السياسية الحالية لاختبار قواها السياسية في ضوء المتغيرات الكبيرة التي حصلت على صعيد المشهد السياسي العام وخصوصاً مع بروز تحالفات واسطفافات جديدة بين القوى الرئيسية.