كما في كل سنة، يشهد لبنان (وبلدان الجوار) في شهر تشرين الاول حرائق موسمية في الغابات نتيجة للجفاف المناخي والاهمال الرسمي. الحرائق الواسعة النطاق هذا العام، تحولت هي الاخرى الى مادة اعلامية دسمة وفرصة جديدة للتراشق بين المسؤولين وتقاذف المسؤولية. فقد شهدت المناطق اللبنانية في اليومين الماضين سلسلة حرائق متفرقة، كان اكبرها الحرائق التي تجددت ليل الاثنين- الثلاثاء، في منطقة المشرف (قضاء الشوف) وامتدت الى الدامور، الدبية، بعورته واطراف الناعمة. ولدرء تلك الحرائق، استعانت الحكومة بزهاء 8 بطوافات عسكرية لبنانية وطوافات قبرصية، اضافة الى الجهود التي بذلها الجيش والدفاع المدني (حتى الفلسطيني منها) واليونيفيل، آليات اطفاء وعناصر، والمتطوعين/ات من الاهالي. وفي التصريحات الرسمية، اكد رئيس الحكومة، سعد الحريري، فتح تحقيقا في ما جرى مضيفا وسنقوم بواجبنا كاملا كدولة لاستكمال عملية اطفاء الحرائق، فيما رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان موجة الحرائق التي أصابت لبنان تشكل فرصة للدولة لمعالجة الثغرات، داعيا الدولة والقوى السياسية للتصرف بمسؤولية مع الحدث، ومحذرا من إستغلال ما حصل لإثارة الحساسية المذهبية والطائفية. بالمقابل، اكد رئيس حزب الكتائب اللبنانية، النائب سامي الجميل، ان تقصير الدولة قديم وليس جديد مذكرا باقتراح قانون انشاء جهاز ترقب الحوادث الذي ما زال في جوارير المجلس منذ 2001، فيما وصفت النائب بولا الدولة اللبنانية الدولة بالغائبة والغارقة في غيبوبة. حول الموضوع، افاد حبيب معلوف في مقال له في صحيفة الاخبار، بانه هناك اهمال شعبي وكذلك رسمي عند السلطات المعنية بادارة الغابات والحياة البرية موضحا بانه "على المستوى الرسمي لم نقارب المسألة كما ينبغي، ولم نحترم ابسط المبادئ للحماية وللوقاية بل جعلنا من حماية الغابات والمحميات مزرابا للهدر". كما توقف معلوف عند شراء 3 طائرات بـ 15 مليون دولار مخصصة لاطفاء الحرائق، مشددا على انها لم تكن ضرورية لناحية تطبيق مبدأ المراقبة ذي الاولوية، لافتا الى انه لو استمع المعنيون انذاك الى النقد الذي وجه لصفقة شراء الطائرات واخذوا بالبدائل التي كانت مطروحة، لكنا امام مشهد اخر تماما عما نشهده اليوم. تجدر الاشارة الى الطوافات 3 مرمية منذ العام 2012 في مطار بيروت بسبب عدم توافر نفقات لصيانتها والتي تكلف 450 الف دولار سنويا. من جهته، غرد وزير الداخلية السابق، زياد بارود، قائلا: حرائق لبنان المأساوية تعيد طرح السؤال ذاته المطروح منذ 2012: اين طوافات السيكورسكي ولماذا لم يتم تعزيز قدرات الدفاع المدني حتى الآن مضيفا الطوافات الـ 3 كانت هبة ولم تكلف الدولة قرشا واحدا. بدوره، طالب رئيس الجمهورية، ميشال عون، بفتح تحقيق في اسباب توقف الطائرات الـ 3 وتشغيلها، (الاخبار، النهار، الديار 16 تشرين الاول 2019)