الازمة الاقتصادية في لبنان: انسحاب العلامات التجارية العالمية، وتراجع الحركة التجارية والاستيرادية

برز في الفترة الماضية، مؤشران لمدى تردي الاوضاع الاقتصادية والتجارية في لبنان، الاول تمثل بظاهرة انسحاب العلامات التجارية العالمية من لبنان، والثاني بانخفاض فاتورتي الاستيراد والتصدير. بخصوص المؤشر الاول، شهدت الاشهر الماضية انسحاب شركات العلامات التجارية العالمية مثل "اديداس" التي اعلنت في تموز الماضي أنها ستُقفل مكاتبها اعتباراً من نهاية عام 2020، وبعدها في الفترة نفسها كوكا كولا، "مجموعة دارين انترناشنال"، التي اعلنت منتصف الشهر الماضي عن اغلاق 9 من متاجرها ابرزها "فيكتوريا سيكريت”، "اميريكان ايغل"، "ماذر كير"، "ذي بودي شوب”، مستثنية كل من مقهى ستار بوكس، متاجر H&M ومستحضرات التجميل "ماك"، بينما لفتت ايضاً صحيفة الديار الى انسحاب عدد اخر من العلامات المرموقة مثل لوي فويتون، جاست كافالي وغيرها (https://bit.ly/32cnxEM ). حول اسباب الانسحابات، اشار رئيس جمعية تراخيص الامتياز، يحيى القصعة، الى عدد من العوامل، ابرزها: التخبط السياسي، الوضع الاقتصادي المأزوم، تراجع القدرة الشرائية، انتشار كورونا، وانفجار المرفأ، موضحا في المقابل ان المتاجر عمدت على ابقاء هيكلتها بما قد يساعدها على العودة في حال تحسنت الاوضاع. اما بحصوص حركة الاستيراد وبالتالي التجارة الداخلية، فقد اظهرت إحصاءات الجمارك اللبنانية أن مجموع قيمة فاتورة الاستيراد إلى لبنان عبر البوابات البحريّة والجويّة والبريّة، في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، انخفضت انخفاضاً كبيراً جداً من 13,838 مليار دولار الى 6,923 مليارات دولار، فيما بالمقابل تراجعت فاتورة التصدير قليلاً من 2,464 مليار الى 2,261 مليار دولار، كما بينت الاحصاءات ان الانخفاض الكبير في فاتورة الاستيراد، ادى إلى تراجع قياسي وغير مسبوق في عجز الميزان التجاري اللبناني من 11,374 مليار دولار الى 4,662 مليارات. حول الموضع، طالب رئيس غرفة الملاحة الدولية، إيلي زخور، المسؤولين باستثمار فرصة الانخفاض الكبير في فاتورة الاستيراد، لدعم الصناعة الوطنية، بينما في المقابل، رأى النائب الأوّل لرئيس جمعية الصناعيين، زياد بكداش ان الواقع المستجّد لا يفيد الصناعة المحليّة بل ينعكس عليها سلباً لان لبنان كبلد صناعي تحويلي يعتمد على المواد الاواية المستوردة، وان المشكلة الحالية تتمثل في صعوبة استيراد تلك المواد الاجنبية، بسبب وباء كورونا من جهة وازمة السيولة من جهة اخرى. اما حول قدرة الصناعة على الاستمرارية، فأشار بكداش الى ان معظم المصانع استوردت في السنة الحالية 50% فقط من حاجاتها، لكن بالرغم من ذلك لن يصار الى إقفال المصانع، بل ستعتمد استراتيجية تخفيف عدد اليد العاملة، بينما خاتما بقليل من التفاؤل بقوله، ان اللبنانيين لاحظوا جودة البضائع المنتجة محلياً، بعد اضطرار الكثير منهم لشرائها، وهم الذين اعتادوا على البضائع الاجنبية المستوردة. (الديار 1،2 و3 ت2 2020)