فضحت الازمة العامة الحالية التي يمر بها لبنان الفجوات في نظام الحماية الإجتماعية، وكشفت ضعف الإطار القانوني الناظم لعلاقات العمل، خصوصا عمال/ات القطاع غير المنظّم الذين واللواتي كانوا اكثر عرضة للتسريح التعسفي وخفض الأجور والحرمان من ظروف عمل آمنة، ولا سيما الفئات الاكثر تهميشا مثل العمال الاجانب والمهاجرين/ات والمياومين/ات، وذلك بحسب تحقيق شامل بمناسبة عيد العمال/ات نشرته صحيفة الاخبار في 30 نيسان الماضي. سلط تحقيق الاخبار الضوء على فئات عمال النظافة اللبنانيين، المياومين/ات في الوظيفة العامة، العمال السوريين وعاملات المنازل الاجنبيات، لكننا نورد في ما يلي معاناة العمال الاجانب والمهاجرين/ات على أن نخصص لاحقاً مساحة اخرى للعمالة اللبنانية. في موضوع العمال السوريين/ات، اشارت الاخبار الى اقدام الكثير منهم على العودة الى سوريا بسبب الازمة، عارضة في هذا السياق حالة نور نصار الذي عاد مؤخرا الى بلدته في السويداء بعد 5 سنوات أمضاها في لبنان حيث أسّس عملاً جديداً يأمل أن يعوضه عن سنين الغربة، وحمزة السيد الأب لطفل واحد، الذي استأجر لعائلته الصغيرة منزلاً في مسقط رأسه في درعا جنوب البلاد. وفي حين قال نصار ان خسارة عمله بسب انفجار المرفأ والوضع المعيشي الصعب الناجم عن انهيار الاقتصاد اللبناني تركاه أمام خيارين لا ثالث لهما: البقاء وهو أمر شبه مستحيل أو العودة إلى سوريا، عزا حمزة سبب العودة الى انهيار العملة الوطنية في لبنان، قائلا ان الـ3 الاف دولار التي كان يتقاضاها مقابل عمله في مهنة الحجر الصخري لم تعد تساوي حاليا سوى 300 دولار، مئتان منها لإعالة عائلته وأهله في سوريا، فيما يكتفي هو بالمئة الباقية لتأمين مأكله ومشربه، موضحا انه بقي في لبنان في انتظار أول بلد اجنبي يفتح له أبوابه. من جهة ثانية، ابرزت الاخبار استمرار الانتهاكات بحقوق العاملات الأجنبيات في لبنان وسط غياب الحماية الرسمية، اذ قالت المديرة العامة لوزارة العمل بالإنابة، مارلين عطالله، بخصوص امتناع بعض اصحاب/ات العمل عن دفع رواتب العاملات، ان وزارة العمل حاولت التّدخّل بين أصحاب العمل والعاملات لحل المشكلة لكنها وصلت الى حائط مسدود، زاعمة ان امتناع البعض عن تسديد متوجّبات العاملات لم يكن بدافع الاستغلال، بل بسبب الوضع الرّاهن وتهاوي قيمة الليرة، مختتمة بقولها ان صاحب/و العمل الّذي لا يدفع للعاملة يوضع اسمه على «لائحة سوداء»، فلا يحقّ له استقدام عاملة جديدة ما لم يدفع كلّ استحقاقات العاملة القديمة. في الموضوع نفسه، قالت الاختصاصيّة الاجتماعيّة في وحدة مناهضة الاتجار في جمعيّة «كفى»، غنى العنداري، ان الغبن الثابت اللاحق بالعاملات يبقى نظام الكفالة الّذي يسمح بـ«استعبادهن» واستثنائهن من قانون العمل. من جهته، اشار نقيب أصحاب مكاتب استقدام عاملات المنازل، علي الأمين، الى انخفاض استقدام العاملات الأجنبيّات إلى 600 عاملة شهرياً مع بداية السّنة الحاليّة، بعد أن بلغ ذروته سنة 2017 الّتي سجّلت استقدام 17 ألف عاملة شهرياً، في حين اشارت الدولية للمعلومات الى تراجع أعداد العمّال/ات العرب (دون السوريين/ات والفلسطينيين/ات)، والعمّال/ات الأجانب في لبنان، بنحو 92 ألفاً في عام 2020، مقارنةً بعام 2019، وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان (الاخبار 28 و30 نيسان 2021 )