نظمت المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي بالتعاون مع مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية في فندق ميريدان-كومودور في بيروت ندوة تحت عنوان "حرية الجمعيات وتنمية المجتمع المدني" بهدف رصد الواقع التشريعي للمجتمع المدني في لبنان وعرض نتائج الدراسة الوطنية التي أعدت حول حرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات والنقابات والتوصيات التي خلصت اليها. افتتح الندوة المحامي ربيع قيس، منسق برامج في المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، منوهاً بجهود وزير الداخلية والبلديات زياد بارود من اجل دفع العمل المدني قدمأً، لافتاً الى وجوب تفعيل دور المجتمع المدني من خلال المشاركة بأعمال اللجان النيابية، المشاركة بصياغة سياسات وأعمال الوزارات، تفعيل دور النقابات باعتبارها الوسيط بين المواطن والحكومة، والمساهمة في صياغة قانون عصري للأحزاب يتماشى مع المعايير الدولية.
وفي كلمته، شدد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود على اهمية الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني مشيراً الى بعض الخطوات الايجابية التي قامت بها وزارة الداخلية منذ العام 2005 والتي يمكن البناء عليها. واعتبر بارود ان التجديد في التشريع وتطويره امر مطلوب ولكن يجب ابقاء قانون 1909 الاطار الأصح لممارسة وعمل الجمعيات باعتباره القانون الأمثل في المرحلة الحالية، مبدياً تخوفه من ان يقوم جديد التشريع بضرب قديم التشريع. ورأى بارود ان الرقابة اللاحقة تحت سقف القانون ضرورة من اجل حماية امن الناس وحرية الجمعيات، ومن الضروري ايضاً مراقبة مالية الجمعيات من اجل الشفافية لأن هناك مشكلة على مستوى ادارة المال حيث نجد جمعيات لا تخضع حتى لأي رقابة داخلية لماليتها.
وبعد الافتتاح، بدأت الندوة التي تضمنت ثلاث جلسات عمل شهدت مداخلات ونقاشات محتدمة في الكثير من الأحيان. واعتبر الممثل الاقليمي لمكتب المفوض السامي لحقوق الانسان الاستاذ فاتح عزام ان للمجتمع المدني اللبناني دور ريادي في الوطن العربي لأن لديه قدر اوسع من الحرية والمشاركة، مركزاً على اهمية بناء الثقة واستعادة شكل من العمل المشترك بين اطراف المجتمع المدني. هذا وقدم الدكتور صالح الدين الجاروشي، خبير في شؤون المجتمع المدني، عرضاً لوثيقة الشراكة بين حكومات مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى ودول الشرق الأوسط الموسع وشمال افريقيا والمجتمع المدني، معرجاً على العوائق التي تستعملها الدول العربية لتقييد حركة المجتمع المدني والتي لخصها بأربع نقاط هي: القانون، استغلال التمويل واحتكاره من اجل اهداف سياسية معروفة، البيروقراطية في الادارات العامة، واستعمال مكثف للقضاء.
من جهته عرض، الأستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية، د.طوني عطاالله، لنتائج الدراسة الوطنية حول البيئة القانونية للمجتمع المدني في لبنان مشيداً بدوره بالتعميم رقم 10/ 1م الذي اصدرتة وزارة الداخلية عام 2006 وحمل آلية جديدة اعادت لقانةو العام 1909 روحه. وتحدثت د.دينا ملحم، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في "مؤسسة ويستمينستر للديمقراطية" عن الميثاق العربي لحقوق الانسان، الذي وقع عليه لبنان الى جانب عشر دول عربية اخرى، معتبرةً انه مصدر من مصادر الضمانة لحماية الحقوق. اما النائب والمحامي غسان مخيبر فقد وصف تجربته في الدفاع عن مبدأ حرية الجمعيات في لبنان بأنها "تختصر قصة حياته بأكملها"، واستكمل عملية تأليه قانون العام 1909. وكان مخيبر قد اعلن عن استعدادات للاحتفال بمئوية قانون العام 1909 هذا العام باعتباره واحد من القوانين المعمرة والتي حمت هيئات المجتمع المدني وهو رغم قدمه افضل من التشريعات اللاحقة، ولفت الى ضرورة العمل لكي يصبح للجمعيات سجل في وزارة العدل بدلاً من وزارة الداخلية اسوةً بالسجل التجاري للشركات.