كان مؤتمر النسوة العربية الذي نظمّته تجمّع الباحثات اللبنانيات في الجامعة الأميركية في بيروت، فرصة وجّهت خلالها الناشطات الشابات نقدا واضحا للحركات النسوية العربية التي لم تتمكن حتى الآن من قلب المعادلات في المجتمع، والانتقال من الحركة النسائية المطلبية، والتي حصّلت فعلاً بعض الحقوق من الدولة والمجتمع والرجل، الى تكوين مشروع تغييري لقلب النظام البطريركي. لأن هدف النساء اليوم يجب أن يتحوّل من مطالبة من لديه القوة والفرص بالمشاركة، الى محاولة سحب هذه القوة و توزيعها بالتساوي بين الجنسين.
"الاتجاهات الجديدة للفكر النسوي العربي" كان العنوان العريض للجلستين الأولى والثانية من المؤتمر، حيث انتقدت الباحثة زينة زعتري، الموقف "الاعتذاري" والدفاعي الذي تبديه النسويات العربيات تجاه الرجل، فيقلن دائماً إنهن"لسن في صراع ضدهم بل معهم"، وأنهن "لا يبتغين الانتقاص من مواقع الذكور"، وحتى عندما يدافع بعضهن عن "اتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة" (سيداو) على اعتبار أنها "لا تناقض الدين".. فيما السلطة الدينية طبعاً ذكورية، مشيرة الى أن النسوية العربية كسرت محرّم الكلام عن الختان والدورة الشهرية وأبعاد الحمل والإنجاب، لكنها ما زالت تغفل الجسد كمصدر لذة لصاحبته لها حق التصرف فيه. كما تغفل حقها، إن شاءت، برفض الإنجاب.
وفي الخلاصة، قدّم مؤتمر "النسوية العربية:رؤية نقدية" رؤيتين أساسيتين حول العمل النسوي العربي : أولاً أن النسوية في العالم العربي ما زالت قاصرة عن أن تكون فكراً ذا إشكاليات ومنهج، كما أنها قاصرة عن أن تكون حركة ذات رؤية علمية وسياسية واقتصادية.
وثانياً، أن هناك ثنائية تتغذى إحداهما من الثانية تتمثل في أجندات قطاعات الأمم المتحدة العاملة في دول العالم الثالث، ومعها مصادر تمويل الدراسات ومنظمات المجتمع المدني، والتي تتحدث عن "تمكين المرأة" بالمعنى التنموي(الحق بالتعليم والعمل، الصحة عامة، والصحة الإنجابية، الخ..) أكثر منه النسوي من جهة، وفي طريقة عمل ومقاربات الحركات النسوية والنسائية من جهة ثانية.
(السفير 6 تشرين الأول 2009)