لماذا تنتحر عاملات أجنبيات في لبنان؟ سؤال يجيب عنه المتابعون لهذه القضية بتساؤل آخر: لماذا ينتهي التحقيق في موت هؤلاء بسرعة «قياسية»؟ وعلى أي أساس يصنّف موتهن انتحاراً؟ يبدي كثير من الناشطين في قضايا حقوق الإنسان والمهتمين بحقوق العاملات الأجنبيات عدم اقتناعهم بجدية التحقيقات في وفاة أو «انتحار» هؤلاء العاملات، والأهم بالنسبة اليهم هو البحث عن الدوافع التي قد تدفع إلى الانتحار،حيث يرفضون الكلام المكرر عن "حالات عصبية"، ويعملون على تسليط الضوء على الوضع السيئ الذي تعيش فيه العاملات في المنازل، محرومات من معظم حقوق العمال في ظل عدم سماح القانون اللبناني لهيئات تفتيش بدخول المنازل لمراقبة كيفية معاملة العاملة لفترة طويلة وبدقة. وقد نقلت صحيفة "الأخبار" عن المحامي دومينيك طعمة دعوته إلى اتباع المثال الأوروبي، حيث يحكم القانون بتدابير قاسية ضد من ينتهك حقوق عمال/عاملات المنازل، بعد أن تم استثناء عاملات المنازل من قانون العمل في لبنان بموجب المادة 7. واعتبر طعمة انه إضافة إلى أهمية التشريعات والقوانين، ثمة مشكلة في ذهنية التعاطي مع العاملة الأجنبية، أي بالثقافة المجتمعية التي تسمح بنظرة دونية تجاه أبناء الدول الفقيرة، ومن هذا المنطلق يصير انتهاك حقوق العاملات الآتيات من تلك الدول أمراً مقبولاً، وهكذا يمر مرور الكرام خبر أو دراسة عن وفاة عدد منهن، حيث كان لافتاً تجاهل المجتمع اللبناني للتقرير الذي نشرته منظمة «هيومن رايتس ووتش» قبل نحو عام، والتي كشفت فيه عن وفاة 95 عاملة أجنبية بين كانون الثاني 2007 وآب 2008، أربعون حالة منها صُنفت انتحاراً. (الأخبار 26 تشرين الثاني 2009)