لا تزال قوانين الأحوال الشخصية مثار جدل وأداة للتمييز بين مختلف الفئات اللبنانية، وفي ظل غياب قانون مدني ينظم قضايا المواطن بالتساوي، تحاول الطوائف عبر قوانينها الخاصة حصر الأضرار التي تنشأ عن الخلافات العائلية بمختلف تشعباتها، إضافة إلى وضع خطوط عريضة تعتبر بمثابة دليل "اجتماعي" لكل فرد ينتمي إلى هذه الطائفة أو تلك.
ويشير ابراهيم طرابلسي في تحقيق نشرته جريدة النهار إلى ان قوانين الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية مثلا، تعالج موضوع العنف الذي قد يتعرض له أفراد العائلة أثناء قيام الحياة المشتركة، وتبني على هذه الواقعة الآثار القانونية التي تتراوح بين إمكانية طلب إعلان الهجر وصولا إلى الحكم بإعلان بطلان أو فسخ الزواج.
ويطالب طرابلسي بوضع تخطيط واضح لحماية العائلة اللبنانية بمعزل عن قوانين الأحوال الشخصية التي تنظم العلاقة القانونية بين افرادها، ويتم ذلك من خلال وضع قانون مدني يتضمن أحكاما لحماية العائلة على كافة الصعد بغض النظر عن التشريع الطائفي.
وفي سياق موازي، قدّم النائب سمير الجسر مشروعا جديدا لدار الفتوى في محاولة تحديثية للنصوص الشرعية التي ترعى شؤونا إنسانية واجتماعية متمثلة بحضانة الطفل، ونفقة المرأة، ومهرها.
وتعكف لجنة مختصة على دراسة هذا المشروع الذي يعتبر أن المرجع الصالح لإقراره هو المجلس الشرعي الأعلى، وليس مجلس النواب اللبناني، باعتبار أن الطوائف مستقلة في شؤونها الدينية وهي التي تحدد الأصول الشرعية والروحية الخاصة بها، وليس المجلس النيابي الذي يقتصر دوره على درس الأمور العامة وإقرارها.
ويرفع هذا المشروع سن حضانة الفتى الذكر إلى الحادية عشرة من العمر، بعدما كانت في السابعة، بينما يفرض أن تتم الفتاة الأنثى، الثالثة عشرة من عمرها، بعدما كان سن الحضانة في السابق تسع سنوات.
ويحدد مشروع الجسر بالتفاصيل، ترتيب الأولوية لمن يحق لهم الحضانة، ويترك للقضاء المذهبي أداء دور المراقبة والمتابعة واتخاذ القرار المناسب عند الاقتضاء، على أن تكون الأولوية بطبيعة الحال، في أي قرار، لمصلحة الطفل المعرّض لمثل هذه الحالة، عند وقوع الانفصال أو الطلاق بين والديه.
ويؤكد المشروع على نقطة بالغة الأهمية، وهي انه يحق للأم أن تستعيد حضانة طفلها، حتى ولو اضطرت للتنازل عنها لأي سبب من الأسباب.(النهار/السفير21/22 آ1ار2010)