توقفت حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" وحملة "مساواة دون تحفظ" أمام مضمون التقرير الدوري الشامل الأول لملف لبنان أمام مجلس حقوق الإنسان ونتائج الجلسة التي عقدت في جنيف في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 لمناقشته.
ونظراً إلى أنها المرة الأولى التي يتم فيها تقديم تقرير لبناني رسمي حول حقوق الإنسان بهذه الشمولية، وتقديراً للجهد الذي خصص لإعداده وإعداد التقارير الموازية، تود الحملتان إبداء بعض الملاحظات الموجزة حولها.
الانطباع العام من التقرير الوطني
يترك التقرير الرسمي انطباعاً بأن قضايا حقوق الإنسان في لبنان مأخوذة على محمل الجد، وأن هذه القضايا تقع في صلب الاهتمامات الرسمية، إذ أنه قدم عرضا تفصيليا حول مدى التقدم الذي أحرز في هذا المجال (لا سيما حيال سلة الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، منها حقوق النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة واللاجئين عموماً والفلسطينيين خصوصاً)، معطيا بذلك انطباعا للرأيين العام الوطني والخارجي بأن القضايا الاجتماعية والحقوقية في هذا البلد تتخذ مسارها السليم.
لكن عرض الدولة لهذه القضايا كسلة من الحقوق افتقر إلى نظرة تحليلية معمّقة وشاملة لقضايا حقوق الإنسان، ولم يعكس تطبيقها الفعلي على الأرض.
حول رفض جملة من التوصيات والتبريرات الرسمية
أكثر ما لفت اهتمامنا رفض الحكومة اللبنانية لنحو 37 توصية من أصل 123 توصية تقدمت بها 48 دولة التي ناقشت سجل لبنان الحقوقي (باستثناء "إسرائيل"). ويذكر أن لبنان وافق على 41 منها، واعتبر 28 توصية منها في طريقها نحو التطبيق، وأن 14 توصية سيتم النظر بها. وقد طالت أكثرية التوصيات التي رفضت قضايا حقوق النساء (الحق بالجنسية، وإزالة التمييز في الأحوال الشخصية)، حقوق اللاجئين الفلسطينيين، والعاملات الأجنبيات في المنازل والمثليين/ات.
وحول التبريرات المرتبطة برفض أو تأجيل الموافقة على جملة هذه التوصيات، تحجج الوفد الرسمي بالظروف الداخلية المرتبطة بالاعتبارات السياسية والتي تحول دون إحراز تقدم ملموس في غياب الوفاق السياسي العام حول هذه القضايا. لكن قراءة تفصيلية لمحاضر المداخلات تبِّين أن هذا التبرير لا ينطبق على عدد من المواضيع التي صدرت توصيات بصددها كحقوق العاملات الأجنبيات في المنازل، والتي لا تقع أصلا ضمن دائرة التجاذبات السياسية، بل تعبر عن الثقافة السائدة والمصالح الاقتصادية.
دور منظمات المجتمع المدني في لبنان
ليس بغريب عن منظمات المجتمع المدني اللبناني الدور البارز الذي لعبته في آلية مناقشة التقرير الوطني أو في سياق إعدادها للتقرير الموازي وتقديمه في المحفل الدولي، لاسيما أنها في الواقع، شريكة مباشرة للدولة اللبنانية في معالجة الكثير من هذه القضايا مثل قضايا السجناء، والمخطوفين، ومحاربة العنف ضد النساء والأطفال، وتكريس الحقوق المدنية، إلخ. ولكن وبالرغم من الايجابيات التي توفرها مثل هذه الشراكات، إلا أنه يبقى على عاتق المنظمات اعتماد توجه إستراتيجي مشترك و شامل يمكّنها من لعب دور نقدي مستمر، تحافظ من خلاله على استقلاليتها.
الخلاصة
في الخلاصة، نرى أن القضايا التي تناولتها التوصيات الـ 82 التي قدمت للبنان من الكثير من بلدان العالم والتي تم رفضها أو قام بترحيلها تقع في صلب التوجهات السياسية التمييزية التي تحول دون إحراز تقدم حقيقي في قضايا حقوق المواطنة وبحيث ينعكس فعليا على الواقع المعاش للناس.
وبمعنى أخر، نرى أن التبرير الدائم بانعدام الوفاق السياسي حول قضايا جوهرية تطال حقوق الإنسان مثل الحقوق الإجتماعية وإزالة التميز ضد النساء وكافة الفئات الاجتماعية والبشرية المقيمة قي لبنان هو تبرير يكشف درجة من التناقض بين حرص الدولة اللفظي على المواثيق والعدالة الدولية، واحترامها للقرارات السياسية الدولية بصرف النظر عن التوافق السياسي الداخلي، وبين عدم الالتزام بالحقوق الأساسية للمواطن/ن بحجة غياب هذا التوافق.
لمن يرغب/ترغب بالإطلاع على تقرير موجز حول نتائج العرض الدوري الشامل للبنان، يمكن النقر على الوصلة التالية: http://lkdg.org/webfm_send/32
كذلك يمكن الاطلاع على كل الوثائق الرسمية الخاصة بالموضوع من خلال الموقع الأممي التالي:
http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/UPR/PAGES/LBSession9.aspx
بيروت، في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2010