«ما عدنا عتلانين همّ القسط، لأنّو الطلبات اللي بيخترعولنا إياها كل يوم قد القسط وبزيادة»، تقول ماري مراد، والدة لطفلين في مدرسة خاصة. فالسيدة تبدو مقتنعة بأنّ الزيادة السنوية على الأقساط باتت تحصيلاً حاصلاً و«ما منسترجي نحكي فيه»، مقارنة بما سمّته «السيف المصلت على رقابنا»، أي أدوات القرطاسية «يوم بيطلبوا دفاتر إضافية، يوم تاني كرتون، يوم ثالث أقلام تلوين من ماركة معينة». وبذلك، لم تعد الأسر المتوسطة الدخل، بحسب مراد، قادرة على تلبية كل هذه الطلبات، بعدما باتت الدفعة الشهرية للمدرسة توازي، على الأقل، الحد الأدنى للأجور.
220 ألف ليرة لبنانية تدفعها ندى صليبا لإدارة المدرسة الخاصة لأولادها الثلاثة ثمناً لثلاثة دفاتر، قلم حبر واحد، وقلم رصاص واحد، و«بعدين كل شيء على الأهل»، تقول. وتردف: «كل يوم يرسلون مع الأولاد أوراقاً مطبوعة يطلبون فيها شراء دفاتر أو قصص للمطالعة لا يقرأونها، وغالباً ما يجبرون الأولاد على التبرع بالمال للجمعيات الإنسانية». مع أنّ صليبا تتفهم أهمية النشاطات اللاصفية في تنمية شخصية أولادها وأنّ «اللعب مهم متل الدرس»، لكنّها تلفت إلى أنّ النوادي المدرسية تحمل عناوين ثقافية ورياضية مثل الألعاب الرياضية والموسيقى والشعر والرقص والكومبيوتر، فيما «يتبين لنا في ما بعد أنّ الهدف لا يتجاوز دفع النقود، فأولادنا لا يستفيدون شيئاً من كل هذه النوادي». لكن ما لا تحتمله الأم هو أن يُلزموا أولياء الطلاب، بشراء قصص تروّج لها شركات خاصة داخل المدرسة.
هكذا، تؤكد الأمهات أنّهن يقضين معظم أوقاتهن في التجول بالأسواق بحثاً عن نوعية لوازم محددة «فايل» بلون محدد أو دفاتر بمواصفات معينة، فلا تفهم لويزا خوري، والدة إحدى التلميذات، هذه المغالاة في طلبات المدارس لأدوات مدرسية لا يحتاجون إليها في الدراسة.
أما إبراهيم سعد، مدير إحدى المدارس الخاصة، فيقول إنّ هناك لوازم تتعلق بالنشاطات المدرسية لا يمكن التغاضي عنها؛ لأنّها تخدم أهداف العملية التعليمية. ويقول إنّ «بعض اللوازم اختيارية، أما الإلزامية فهي بسيطة ولا تمثّل أعباءً مادية على الأسر».
لكن ما يقوله الأهالي في هذا المجال أنّ الإدارات تظن «إنّو ما عنّا مصروف غير المدارس والقرطاسية»، مشيرين إلى أنّ معاناتهم تبدأ بالارتفاع المتزايد لأسعار اللوازم المدرسية ولا تنتهي بأسعار المواد الغذائية والخضار والفواكه والسلع الاستهلاكية الأخرى. لا يخفون تذمرهم من الأوضاع المعيشية الضاغطة التي ترهق كاهلهم، إلى درجة يصعب معها الصمود. يقولون إنّهم يحتاجون إلى تعزيز ثقتهم بالمدرسة الرسمية حتى «نسترجي نحط ولادنا فيها ونستغني عن كل هيدي الاختراعات».