أربع مراحل لضبط 42 فرعاً للجامعات الخاصة مخالفة للقوانين: شكوك في تدخلات سياسية وتأكيد التسوية عبر القوانين والأنظمة

بعد إجازة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة التدقيق في الفروع الجغرافية للجامعات الخاصة، انطلقت المرحلة الأولى لوضع آلية لضبط وضع الفروع قانونيا، خصوصا أن عدد مؤسسات التعليم العالي الخاص هو 44 والعاملة 40 (أربع جامعات لم تأخذ إذن مباشرة العمل)، منها 27 جامعة و13 معهدا جامعيا. أما عدد الفروع الجغرافية فهو 42 فرعا تنتمي الى 16 مؤسسة موزعة كالتالي: مؤسستان لكل منها سبعة فروع. مؤسسة لديها أربعة فروع، مؤسستان لدى كل منها ثلاثة فروع. سبع مؤسسات لدى كل منها فرعان. أربع مؤسسات لدى كل منها فرع.
وعدد الفروع الجغرافية المرخصة قانونا بموجب الأنظمة المرعية الإجراء أو بموجب مراسيم خاصة في مجلس الوزراء هو ثمانية والمطلوب تحديث المعلومات حولها.
ويأتي التدقيق في الفروع بغية التأكد من سلامة وضعها القانوني بعدما انتشرت في مختلف المناطق من دون أي ضوابط، إلا أن الخشية، على الطريقة اللبنانية، تبقى من التدخلات السياسية، والمناطقية وحتى الطائفية، وبالتالي، هل يمكن أن يتحقق مشروع وزارة التربية في تشريع من يستحق وإقفال الفروع المخالفة للقوانين؟
استطلعت «السفير» آراء عدد من مسؤولي الجامعات الخاصة، البعض منهم عبر عن ترحيبه بالخطوة، والبعض الأخر عبر عن ارتيابه وحتى شكوكه في إمكان التوصل الى حلول عبر القوانين، بل عبر التدخلات السياسية.
موقف وزارة التربية
يؤكد مدير التعليم العالي د. أحمد الجمال أن كل «فرع يستوفي الشروط سيتم الترخيص له، ومن لا يستوفِ هذه الشروط فسيتم إقفاله في نهاية العام الدراسي المقبل، في حال عدم تسوية الوضع بمشروع مرسوم من قبل مجلس الوزراء».
ويوضح ان «مشروع مديرية التعليم العالي بدأ ضمن خطة تتضمن أربع مراحل بدأت بوضع تقرير مفصل من قبل اللجنة الفنية عن موقع الفروع وقانونيتها بعد التحقق من ذلك مع المديرية ووزارة الداخلية والمحافظين. بعدها، وجه وزير التربية والتعليم العالي كتابا هو بمثابة إنذار بالإقفال بناء على توصية مجلس التعليم العالي للمؤسسات التي لديها فروع غير مرخصة مع إمكانية ان تتقدم هذه الفروع بطلب ترخيص وفق الأصول. وأعقبها إعداد استمارة معلومات عن الفروع أرسلت مع كتاب الوزير الى المؤسسات لملئها وإعادتها الى المديرية العامة للتعليم العالي مع مرفقات حددتها في الاستمارة».
يضيف الجمّال انه «بعد ذلك رفع الطلب الى مجلس الوزراء بناء على توصية مجلس التعليم العالي لإمكانية الاستعانة بأساتذة جامعيين من خارج اللجنة الفنية وتأمين تعويضات لهم للقيام بأعمال التحقيق من الفروع تحت إشراف اللجنة الفنية ومجلس التعليم العالي، خصوصا ان لا إمكانيات بشرية للجنة الفنية للقيام بجولات ميدانية على الفروع الجغرافية للجامعات.
يتابع قائلا «اتبع ذلك مع وضع استمارة معلومات تتعلق بالأساتذة الجامعيين وقد أرسلت لجميع مؤسسات التعليم العالي لطلب أسماء الأساتذة الراغبين في المشاركة بأعمال التحقق من واقع الفروع، وتضمنت الاستمارة معلومات عن السيرة الذاتية لكل أستاذ. وبالفعل فقد تسلمت المديرية ردود بعض الجامعات، وتم تنظيم جداول بالمعلومات حول ثلاثمئة أستاذ بحسب الجامعة وبحسب الميدان المعرفي».
وعن القصد بتعبئة الاستمارات، قال «تمت دعوة الأساتذة الى اجتماع عقد في وزارة التربية، بهدف تحديد الراغبين في المشاركة في أعمال التحقيق والتدقيق. وفي الاجتماع وقع مئة وخمسون أستاذا على وثيقة الالتزام، وهي تهدف إلى أن للأستاذ حدوده وان يلتزم بعدم إفشاء أو تسريب ما يصله من معلومات الى جامعة منافسة».
وعن الخطوات اللاحقة، يوضح الجمّال أنه سيصار الى تشكيل لجان فرعية مختصة، أي لجنة لكل فرع للتحقق من واقعه، وتتضمن اللجنة عضوا من اللجنة الفنية، وأساتذة على ان يحدد عددهم واختصاصهم بحسب المعطيات حول الفرع المكلفين بالتحقق منه إن كان على صعيد الاختصاص أو عدد الطلاب... الخ.
أما عن تنظيم أعمال اللجان الفرعية المختصة فيتم عبر مواكبة من المديرية العامة للتعليم العالي ومكتب الوزير، ويترافق ذلك مع تأمين عدد من الموظفين لتنسيق الاتصالات والمواعيد واللقاءات وقاعات العمل والزيارات الميدانية، وتدريب أعضاء اللجان على دراسة الملفات.
وتوقع الجمال نهاية هذه المرحلة في الخامس عشر من الجاري. على ان يعقب ذلك بدء المرحلة الثالثة وفيها يتم مطابقة الملفات لنموذج الاستمارة، وتوضع ملفات الفروع المتوفرة في المديرية العامة للتعليم العالي بتصرف اللجان الفرعية المختصة لدراستها وتحديد مدى مطابقتها على نموذج استمارة الفرع المرسلة من المديرية الى المؤسسات، على أن تليها مراجعة ملفات الفروع ووضع تقرير أولي بشأنها وفق نموذج تقرير التدقيق، «علما بأن النموذج موحد للجميع ويتضمن المراجع القانونية وحتى قرار تكليف اللجان، ثم تحدد النقاط الايجابية والنقاط السلبية في الملف، ويمكن للجنة طلب أي معلومات إضافية غير متوفرة في الملف أو غير منسجمة مع نموذج الاستمارة، ومنها ما يتعلق بمجلس الأمناء ومجلس الفرع وغيرها».
ولجهة السير بعملية التدقيق أشار الى أنه «بعد وضع التقرير يتم تحديد مواعيد زيارة الفرع من قبل اللجنة الفرعية المختصة ووضع برنامج الزيارة واستمارة الأسئلة قبل القيام بالزيارة، ويكون قد سبق ذلك الطلب من كل مؤسسة تحديد منسق مع المديرية العامة لكل الفروع. وعقب ذلك تبدأ الزيارات الميدانية لكل فرع (يوم أو أكثر بحسب حجم الفرع والمساحات وأعداد الطلاب)».
وعن الجهة التي سيرفع اليها التقرير النهائي حول الفرع، قال الجمال «يتضمن التقرير تعليلا للنتائج التي انتهت إليها اللجان سواء كانت إيجابية أو سلبية (جميع الجوانب الأكاديمية والإدارية والبنيوية والتجهيز والمكتبة.. الخ)، لتنتهي بذلك المرحلة الثالثة في الخامس والعشرين من كانون الأول، لتبدأ بعدها المرحلة الرابعة والأخيرة، وتشمل مهام اللجنة الفنية بناء لقرار مجلس الوزراء، مواكبة أعمال اللجان الفرعية المختصة ومساعدتها، المساهمة في وضع استمارة الأسئلة خلال الزيارة الميدانية، ودراسة تقارير اللجان الفرعية المختصة والتنسيق معها لتدارك أي غموض أو عدم كفاية فيها، حال وجودها، ثم وضع تقرير نهائي عن كل فرع، على ان تنتهي هذه المرحلة في الخامس عشر من كانون الثاني المقبل، لتحول بعدها الى مجلس التعليم العالي الذي يقوم بدراسة التقارير، ويرفع التوصيات الى مجلس الوزراء.
الجامعات الخاصة: ترحيب حذر
وصف الأمين العام للجامعة الأنطونية الأب الدكتور فادي فاضل الخطوة بالجيدة، وبمثابة تسوية للفروع الجغرافية التي تحترم المعايير الأكاديمية والجامعية، في ظل وجود فروع منتشرة في المناطق بطريقة فوضوية، ومخالفة للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء. ورأى أن خطوات كهذه تشجع على ضبط التفريع ضمن الأطر القانونية. وأمل أن تستكمل هذه الخطوة حتى النهاية، بتدابير صارمة ضد التفريع غير القانوني، واستدرك بقوله «نعرف أن هناك موازين قوى سياسية، تحمي الفروع التي لا تحترم القوانين، والسؤال هل ستأخذ الدولة بآراء الخبراء واللجان الفنية ويتم تطبيق الشروط المطلوبة للترخيص، أم أنها ستخضع للتجاذبات السياسية؟».
ورأى رئيس مجلس الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم MUBS د. حاتم علامي ان قضية الفروع الجامعية ترتبط بأمرين: الوضع السياسي والإداري في البلد وليس لها أي علاقة بإمكانية اتخاذ قرارات في الوقت والزمان المناسبين، وثانيا: المساواة وتكافؤ الفرص بالنسبة لمجموع المؤسسات.
واعتبر أنه كان يجب أن تنطلق هذه الخطوة من مفصل معين، والقول انه «لا يوجد سبب المساواة بين مخالفة حصلت في العام 2009 مع حالة نشأت في العام 2005. والأمر الآخر يتعلق بالمهل المطروحة، فيجب على المشروع أن يضع حدودا فاصلة بالنسبة لإمكانية تشريع هذه الفروع، وإذا كان هناك من مخالفة لا يجب ان تعطى مجالا الى ما شاء الله».
وقال علامي «الكشف الميداني الحسي تجاوز بعض المظاهر الشكلية، والمطلوب الذهاب أبعد من النص، والتدقيق في كل حالة على حدة ومدى صدقيتها ومطابقتها للواقع.
ومراعاة مبدأ تكافؤ الفرص بين المؤسسات بمعدل ان لا تتجاوز كل مؤسسة حق إقامة فرعين أو ثلاثة بواقع عدم إمكانية المطابقة مع المعايير، وهذا معروف أنه لا إمكانية لهذه المؤسسة لتأمين الكادر التعليمي المتفرغ مستقبلا».
وشدد على ضرورة وقف هدر الفرص والمهادنات، مع مراعاة الطاقة الاستيعابية في الفروع لعدد الطلاب.
ورحب رئيس مجلس أمناء جامعة AUCE د. أمجد النابلسي بهذه الخطوة، وقال «لا مانع لدينا من تطبيق مشروع التحقق من الفروع، وكان يجب أن تكون سابقة، علما بأن مديرية التعليم العالي لم تكن تقبل باستلام طلبات الترخيص لفروع جديدة. والفروع القائمة موجودة منذ العام 2005 وتعتبر مخالفة بحسب القانون، إلا أنه لا يمكن إقفال الفروع المخالفة بسهولة، بل على الدولة إعطاء مهل قانونية، علما بأن معظم الفروع التي أنشئت في المناطق عملت على النهوض بها».
ووصف المشروع بالخطوة الجيدة، لأنه يذهب نحو جودة التعليم، ويدفع بالجامعات للعمل على ذاتها، عندها يتم التلاقي مع مطلب الدولة. وقال «لدينا اعتماد بريطاني وطلبنا من الفروع الجغرافية العمل ضمن متطلبات الاعتماد لأننا نرى ان الجودة نتاج عمل يومي، وعمل على الذات لإدارة المؤسسة وإدارة الأبحاث وأيضا على صعيد البرامج، والتوجه نحو سوق العمل، وهذا يساعد الفروع على تقوية وضعها».
وأكد النابلسي أهمية هذه الخطوة التي «نسير فيها من أجل رفع المستوى وضمان جودة التعليم في المؤسسة ككل. لأنه في حال عدم العمل على الجودة سنخسر الاعتماد البريطاني، وحتى لا تقع المشكلة يكون العمل اليومي من أجل تحسين الجودة إن كان على صعيد البرامج أو الاساتذة، وما تطالب به الدولة اليوم هو شبيه بما يطلبه الاعتماد البريطاني، لكن بشكل مختلف. والطلب عبارة عن التدقيق في الجودة من خلال تشريع الفروع عبر اللجان الفنية».
في أي حال، يبقى ما سيتم التوصل إليه من خلال الكشف الميداني على الفروع الجغرافية للجامعات، وما إذا كانت هواجس هذه المؤسسات التربوية في محلها، لجهة تغليب العامل السياسي على الأكاديمي أم أنه سيؤخذ برأي اللجان ويطبق القانون.)السفير 6 تشرين الثاني2010)