المواطن بين استباحة المؤسسات الصحية وعجز الدولة

شهد القطاع الصحي في الآونة الأخيرة ظاهرة ليست بجديدة وهي الحوادث والإعتداءات المتكررة التي تقع داخل حرم المستشفيات، الحكومية والخاصة في الوقت عينه، وعلى الأراضي اللبنانية كافةً. وتطول لائحة المستشفيات التي وقعت ضحية مثل تلك الإعتداءات، نذكر منها: مستشفى الخوري العام التابع للقطاع الخاص الذي يعد مركز الأطباء في البقاع حيث أقدم شبان على الإعتداء بالضرب على إحدى الممرضات وتكسير قسم الطوارئ والإضرار بعدد من محتوياته وتكسير واجهات زجاج واطلاق النار في الهواء، المستشفى الإسلامي الخيري في طرابلس حيث اعتدى مرافقوا جريح على قسم الطوارئ فيه، المستشفى التابع لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، مستشفى بحنس، مستشفى ميس الجبل الحكومي، مستشفى بهمن التابع لجمعية المبرات الخيرية حيث تم التعدي على الجسم الطبي داخل قسم العناية الفائقة مما ادى الى اصابة ممرض وطبيب، وأخيراً مستشفى راشيا الحكومي حيث تعرض مديرها وموظفي قسم الطوارئ للإعتداء أثناء قيامهم بواجباتهم الإنسانية.
ليست تلك الحوادث إلاّ دليل إضافي على أن هشاشة الوضع السياسي والإجتماعي في البلد وضياع المرجعية أديا الى استمرار الإستباحة للمرافق الإنسانية وللقوانين. فقد أدى ضعف الدور الامني للدولة اللبنانية وعجزها في توفير الأمان الصحي للمواطنين إلى ازدياد تلك الحوادث.
ومن المؤكد، لا بل المحسوم، أن حوادث الإعتداء المتكررة على المستشفيات لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة قلق الناس المتزايد من غياب وتردي التغطية الصحية، ووجود مستشفيات تخالف القانون وتقصّر تجاه المواطنين المرضى حيث نشاهد دائماً حالات انسانية صعبة أمام أبواب المستشفيات وسوء معاملة للمواطن. إشارةً الى أن خدمات الدولة الإستشفائية، ورغم الجهود التي تبذل لتحسينها، تبقى قاصرة وثانوية أمام خدمات المستشفيات الخاصة التي تؤدي الدور الإستشفائي الأساسي للمواطن.
ويمكن أن يشكل مرور بعض المرضى وأهاليهم في أقسام الطوارئ تجربة سيئة ومحبطة، لأن هناك اكتظاظ في تلك الأقسام اضافةً الى ظروف العمل السيئة للموظفين والنقص في التدريب مما ينعكس على آداء العاملين فيها وخصوصاً لناحية التعامل مع المواطن/ة. وتبلغ نسبة أقسام الطوارئ في لبنان التي لا تلبي المعايير الأساسية التي وضعها مرجع الإعتماد والتقييم للمستشفيات حوالي 90%، وبات من الملحّ توفير التدريب اللازم لمقدمي الرعاية الصحية من أجل تحسين آدائهم ودفعهم الى التصرف بطريقة أكثر احتراماً للمواطنين.
وفي النهاية، لا بد من التشديد على أن العمل من جهة على معالجة تقاعس الدولة عن تقديم الخدمات الصحية الأساسية، التي من شأنها توفير الأمن والطمأنئنة للمواطن، وتحسين ظروف العمل في المستشفيات وتشديد الرقابة على آدائها كفيل بتخفيف هذه الممارسات المتوترة التي تشهدها المستشفيات.