حالات مرضية نتيجة غياب التدفئة في مدارس بعلبك الرسمية

لم تكن زينب مرتضى تظن أن ابنها يمكن أن يأتيها من المدرسة وهو مصاب بانفلونزا حادة، جراء غياب التدفئة من صفوف مدرسة بعلبك الابتدائية، الأمر الذي منعها من إرساله إلى المدرسة خوفاً من تدهور حالته. ذلك الواقع انسحب على العديد من أولياء أمور تلاميذ مدرستي بعلبك الابتدائية المختلطة والمتوسطة التي يضمهم المجمع التربوي الجديد، الذي نقلت إليه المدرستان مطلع العام الدراسي الحالي. «لا مازوت ولا صُوَب ولا كهرباء»، وعلى التلاميذ الصغار أن يتحملوا درجة حرارة لامست صباح أمس ثلاث درجات مئوية تحت الصفر.
وكأن الحس بالمسؤولية فقد لدى كل المعنيين، والجميع أدار الظهر لمعاناة المدرسة الرسمية في بعلبك، ولم يعط للمطالبات بتوفير المازوت أي اهتمام، وتركت الإدارة مع مجلس الأهل «يقلعون شوكهم بأيديهم»، وحال المنطقة التربوية ليست أحسن، فهي تتلقى الشكاوى ولا حلول لديها.
وكانت قد توقفت الدراسة في ابتدائية بعلبك أمس، بقرار من مجلس الأهل إثر نفاد مادة المازوت كلياً من خزانات المدرسة، التي وفرتها بلدية بعلبك بداية فصل الشتاء بكمية لم تتجاوز ألف ليتر. وحاولت إدارة المدرسة أن تؤمن حلاً مؤقتاً ريثما يتقدم «أحد ما» بمد يد المساعدة، فلجأت إلى شراء دفايات تعمل على الكهرباء، لكل صف دفاية. لكن قساوة الطقس وتدني درجات الحرارة جعلت محاولتها غير مجدية. مع العلم أن الكهرباء تؤمنها إدارة المدرسة من مولد الثانوية في المبنى المجاور لمبناها على أن تدفع في ما بعد أكلاف تشغيله.
كذلك فكرت إدارة المدرسة ومجلس الأهل باستحداث شبكة جديدة للصوب إلا أن كلفتها تتجاوز قدرة صندوقي المدرسة ومجلس الأهل، إضافة إلى إصدار تعميم من وزارة التربية يمنع إجراء أي تعديلات على البناء، كونه مجهزاً بشوفاجات حديثة و»منعاً لإحداث تشوه في البناء»، لكن تلك الشوفاجات تحتاج إلى كميات كبيرة من المازوت لتعمل.
وفي ابتدائية بعلبك يشغل 144 تلميذا سبع عشرة غرفة. ما يعني أن موازنة المدرسة ومجلس الاهل لا تتجاوز سنويا خمسة عشر مليوناً (مع الإشارة إلى أن الرسوم المدرسية المتوجبة على الوزارة لم يدفع منها شيء حتى تاريخه)، إذا ما جمعت كلها، والكلفة السنوية للحاجب والحارس المكلفة الإدارة بتغطية دفع رواتبهما تتجاوز وحدها عشرة ملايين، عدا عن النثريات والقرطاسية واشتراك الهاتف والمياه. مع الإشارة إلى أن المجمع لم تؤمن له اشتراكات الكهرباء حتى اليوم. واتخذ مجلس الأهل بعد اجتماعه مع إدارة المدرسة أمس قراراً بإخراج التلاميذ من صفوفهم. وأجرى اتصالات مع أصحاب الفانات لنقل الطلاب إلى منازلهم حرصاً على صحتهم، خاصة أنه تبين أن عدداً منهم قد أصيب بحالات مرضية بسبب البرد.
واعتبر رئيس مجلس الأهل علي الملاح أن «لا أحد يضع ملحاً على جرحنا. وقد طالبنا جميع القوى نوابا وبلديات ووزارة وجمعيات، ولم نسمع رداً ايجابيا من أحد، رغم أننا سمعنا وعوداً أثناء تحركنا الاعتراضي على نقل المدرسة الى المجمع تطلعنا إلى السماء». وأضاف: «ان أزمتنا تحل بكلمتين: تأمين عشرة آلاف ليتر من المازوت، وكلفتها تبلغ بحدود 12 مليون وخمسمئة ألف ليرة. فهل من يتبرع لمدرسة رسمية في بعلبك بهذا المبلغ؟». سؤال طرحه الملاح على كل القوى أكانت سياسية او اجتماعية، فهل من مجيب؟.(السفير 11 كانون الثاني2011)