أطلقت وزارة الشؤون الإجتماعية "الإستراتيجية الوطنية للتنمية الاجتماعية، والتي يرى بعض المراقبين أنها لم تكن على مستوى الطموحات الإجتماعية والتنموية، إذ انها جاءت مليئة بالمفارقات وتمّ حشوها بلائحة إنجازات لوزارات لم تكن تجاربها ناجحة في مجال التنمية المنشودة.
كما تحدثت الإستراتجية عن النمو الذي اقترن بتحولات عميقة برزت خلال العقدين الماضيين على المستويين القطاعي والمناطقي، بتأثير حاسم من السياسات المعتمدة، ومن تفاعل آليات السوق معها، لافتةً إلى أنه من معالم هذه التحولات، بروز تورّم مالي، إضافة إلى حصر الإنتاج ذو القيمة المضافة العالية والقابلية للتصدير في رقعة ضيقة من الأنشطة الاقتصادية الشديدة التركّز، إلى جانب استمرار تفاوت اقتصادي حاد بين المناطق اللبنانية المختلفة واستمرار تركّز الجزء الأكبر من الثروة والدخل المحليين ضمن مدينة بيروت ومحيطها (بيروت الكبرى)، وقد انطوت هذه التحولات على أبعاد اجتماعية معقّدة، لم تكن الدولة مهيّأة لإدارتها ولاستيعاب مفاعيلها، فيما كان العجز والدين العام وخدمتهما تحتلّ جميعها الصدارة بين الأولويات.
ونتيجة لذلك، أشارت الإستراتجية إلى أن الواقع الاجتماعي لمئات الألوف من الأسر اللبنانية أصبح في وضع شبه مأزوم، فهي تدفع من جيبها أكثر من 60% من مجمل فاتورة إنفاق المجتمع على خدمات الصحة والتعليم، وينطبق الأمر نفسه على صندوق الضمان الاجتماعي، حيث يخضع فرعيه (المرض والأمومة، والتعويضات العائلية)، لعجز مالي حاد متمادٍ، فيما مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية، يدور في حلقة مفرغة بسبب "صعوبة إتمام المقايضات بين الأطراف المعنية".
أما فيما يتعلق بآليات المعالجة، فقد تضمنت الاستراتجية اقتراحات تقدّم بمعظمها معظمها البنك الدولي في دراسات سابقة، وهي بمجملها تمثّل الآراء التي عمل لبنان على أساسها طيلة العقدين الماضيين. فحدّدت الإستراتيجية 6 عناصر أولوية يندرج تحتها 53 هدفاً، وهي عناوين بديهية: تحقيق صحّة أفضل، تعزيز آليات الحماية الاجتماعية، الارتقاء بنوعية التعليم، تعزيز فرص العمل المتكافئة والآمنة، تنشيط المجتمعات وتعزيز تنمية الرأسمال الاجتماعي، تشجيع التنمية الاقتصادية – الاجتماعية، وفي موضوع التعليم الذي جاء تحت عنوان «الارتقاء بنوعية التعليم»، فقد تحدثت عن ضرورة تطبيق التعليم المجاني، لكن لم يجرِ التطرق إلى تعريف واضح للمناهج الوطنية ولا لطبيعة العلاقة بين سوقي التعليم والعمل... وفي الصحة جرى التركيز على «معالجة الإختلالات الأساسية في العرض والطلب»، و«مستوى الجودة»، وجاء دور وزارة الصحة عرضياً من دون التطرق إلى دورها في ضبط إيقاع السوق.(النهار /الأخبار/النهار/السفير 26 شباط2011)