إحتفى لبنان هذه السنة بيوم المرأة العالمي على وقع الحراك السياسي الواسع في العديد من البلدان العربية، التي إنتفضت شعوبها على الظلم وثارت من اجل الحصول على حقوقها، فكانت النساء السباّقات في النزول إلى ميدان التغيير بحثاً عن الحقوق، العدالة الإجتماعية والمواطنة الكاملة والفاعلة في مجتمعاتها.
وقد إتسمت فعاليات هذه السنة بإطلاق حملتين جديدتين طالبتا بتنزيه التشريع اللبناني من كل تمييز بين المرأة والرجل وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، والالتزام بكل المواثيق والاتفاقات الدولية التي وقّع عليها لبنان، إضافة إلى نشاطات حملة ثالثة شددّت على مطالبها السابقة وتعهدت بالمضي قدماً في مسيرة الدفاع عن حقوق النساء والمطالبة بها.
إذاً وبهذه المناسبة، أطلقت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني "الحملة الوطنية لتنزيه التشريعات التمييزية والمجحفة ذات الأثر الاقتصادي السلبي على المرأة" وقد حددت الخطة أهدافها الإستراتيجية بثلاثة مستويات هي: تنزيه القوانين عن التمييز ضد النساء وبناء ثقافة المساواة وتمكين النساء وبناء قدراتهن الذاتية".
أما منظمة "كفى عنف واستغلال" فأطلقت وللمناسبة عينها حملة مطلبية من أجل رفع التحفظات على المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، تحت عنوان "الأحوال الشخصية 16 تحت الزفت"، والتي تهدف إلى بناء القدرات على المستوى الإقليمي لاكتساب مفهوم شامل حول الاتفاقية والعمل على تطبيقها بشكل فعال، والضغط من أجل رفع التحفظات الموضوعة من قبل لبنان وسوريا والأردن على بعض موادها ومتابعة استخدام معاهدة "سيداو" في محاكم تلك البلدان.
من جهتها، عرضت حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" الفيلم الوثائقي"كلنا للوطن" في مسرح بابل، والذي ينقل معاناة أسر لبنانيات متزوجات من أجنبي، وقد أعلنت الحملة خلال ذلك النشاط "تأييدها ومشاركتها في التحركات الآيلة إلى تغيير النظام السياسي- الطائفي السائد في لبنان وذلك ضمانا للمساواة وللحقوق"، مشددّة على "أهمية وضرورة أن يكون الحراك اللبناني مستندا إلى مقاربة شاملة لا تقتصر على التغييرات السياسية فقط بل تتعداها إلى إحقاق الدولة المدنية".كما شددت الحملة على الإستمرار في النضال من أجل تعديل المادة 9 من القانون اللبناني بهدف إعطاء المرأة اللبنانية الحق في منح جنسيتها لزوجها وأولادها.
من ناحية أخرى، نظمت مجموعة "نسوية" بهذه المناسبة في مسيرة كان شعارها "سنستعيد الليل، مجازياً وحرفياً، وسنرفع أصواتنا عالياً ضد التحرش الجنسي"، بهدف إيصال رسالة بأنه يحق للنساء إيجاد أماكن آمنة في كل أوقات اليوم، والتفاعل مع الناس والتعبير عن الأحقيّة والأولوية التي لا بد من منحها لقضايا المرأة في مختلف أشكالها، إضافة إلى إحقاق العدالة والكرامة للعاملات الأجنبيات ، وإقرار قانون مكافحة العنف الأسري ومكافحة العنصرية والذكورية والطائفية والطبقية .
أما الصعيد الرسمي، فقد أصدر رئيسا الجمهورية ميشال سليمان ومجلس النواب نبيه بري والعديد من الوزارات تهنئة بالعيد، آملين أن تتمكن المرأة في لبنان والعالم العربي من بلوغ حقوقها المشروعة وأهدافها المنشودة. كما أصدرت العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والهيئات الأهلية والفاعليات الحزبية بيانات تهنئة بدورها.
وأخيراً، كان لافتاً تصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الذي أشار إلى "بعض إنجازات حكومة الوحدة الوطنية في تعزيز دور المرأة اللبنانية وتطوير القوانين ولاسيّما إقرار مشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري، بالإضافة إلى إقرار مرسوم بمنح الزوج الأجنبي للمرأة اللبنانية إقامة بعد انقضاء سنة على زواجه منها ومنح إقامة مجاملة لأولادها، معتبراً هذا المرسوم حل مؤقت ريثما يتأمن التوافق حول إعطاء اللبنانية المتزوجة من أجنبي حق منح الجنسية اللبنانية لأولادها!!!، متمنياً مناقشة هذه القضية بهدوء بعيدا عن المزايدات السياسية.