وزارة العمل ردت على ملاحظات غصن حول قانون العمل الجديد

ردت وزارة العمل على ملاحظات رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن حول مشروع قانون العمل الجديد. وجاء في الرد: "إنه لمن المستغرب الرد على الكلام الصادر عن السيّد غسّان غصن حول مشروع قانون العمل الذي أُنجز نصّه الأخير، ووقّعه معالي وزير العمل الأستاذ بطرس حرب، خصوصاً وأنّ إعداد المشروع جاء نتيجة عمل استمرّ لسنوات طويلة، قامت به لجان متعدّدة أدخلت الكثير من التّعديلات عليه، وكان آخرها إعادة الصّياغة والهيكليّة والتبويب الذي قامت به لجنة قانونيّة شكلها الوزير حرب.
وذكّرت وزارة العمل أنّه في العام 2001، وبعد إحالة مشروع قانون العمل المُعدّ من لجنة تحديث القوانين، وبعد دراسته، تمّ تشكيل لجنة ثلاثيّة الأطراف، تمثّل فيها الإتّحاد العمّاليّ العامّ بالسّيد غسّان غصن شخصياً، والسيدين بسّام طليس وأديب أبو حبيب. ومثّل أصحاب العمل السيّد نقولا نحّاس. وبعد عمل اللجنة المذكورة استمرّ أكثر من سنة، أُعِدّ مشروع قانون العمل الذي أتى جامعاً لمختلف القوانين، وتحديداً علاقات العمل الفرديّة، طوارئ العمل، وعقود العمل الجماعيّة، والوساطة، والتحكيم، فأصبح مشروع قانون واحد موحد. وقد أخذت تلك اللّجنة باجتهادات مجالس العمل التّحكيميّة، وباتّفاقيّات العمل الدّوليّة والعربيّة المُبرمة من قبل الحكومة اللّبنانيّة، حتّى تلك التي لم يُصدّق عليها لبنان، ولا سيّما إتّفاقيّة العمل الدّوليّة رقم 87 المتعلّقة بالحريّات النّقابيّة.أما اللجنة التي شكّلها الوزير حرب فقد حافظت على مبادىء مشروع القانون المٌعَدّ سابقاً، بحيث لم تتعرّض لأي تعديل في مضمونه ومبادئه الموافق عليه من ممثّلي أصحاب العمل والعمّال، بل أعادت صياغته القانونية لأن واضعي نصوص المشروع لم يكونوا لكونهم ليسوا من أصحاب الإختصاص في الصّياغة القانونيّة، فجاءت التعديلات الطفيفة لتوضيح النصوص مع المحافظة على مضمون المشروع الذي وافقت عليه الجان الثلاثية الأطراف.

واكدت الوزارة أن غصن ومن كان يمثّله في اللّجنة الأولى، وافقوا على المشروع، وتوقيعهم على ذلك ما زال لدى وزارة العمل. لذا، فإنّ ما طرحه غصن في مؤتمره الصّحفيّ، يدفعنا كوزارة عمل، لا تتدخّل في شؤون أطراف الإنتاج، إنّما تعمل كوسيط موضوعي ومتجرّد من أيّ مصلحة، أن تؤكد على الأمور التّالية:

أوّلاً: إن الصيغة المعتمدة في النص حول تعريف الأجر واضحة جداً، ومتقدمة على ما كانت عليه، لأنها حسمت تضمن الأجر بكل ما يتقاضاه الأجير من من عمولات ومنح وإجازات سنوية ومرضية. ولا يشترط الإستمرار والإستقرار لكل المنح والإجازات. وفي كل الأحوال إن مشروع القانون هو مشروع، والوزارة منفتحة على أي تعديل يحسّن النص ويزيل أي التباس، لأنها تهدف في مشروعه إلى حماية حقوق العمال وتحصينها في وجه أي تحايل أو تلاعب.

ثانياً: في المادّة -50- من قانون العمل الحاليّ التي أصبحت المادّة - 73- من مشروع القانون؛ فإنّه خلال إجتماعات اللّجان لم يتمّ إجراء أيّ تعديل على هذه المادّة على ما وافق عليه الإتحاد العمالي العام، إلاّ بما يضمن حقوق الأُجراء لجهة تقديم الشكوى إلى وزارة العمل التي تتمتع بصلاحية التدقيق في أسباب الصرف وبجديتها.

في المادّة - 73 - (فقرة ب): "على من يتذرّع بأنّ الفسخ حصل نتيجةً لإساءة استعمال الحقّ، أو لتجاوزه أن يقيم دعوى بذلك أمام مجلس العمل التّحكيميّ خلال شهرين من تاريخ إبلاغه الفسخ خطيّاً، أو خلال شهرين من تاريخ الفصل في الشكوى المُقدّمة، إلى وزارة العمل أو المراجعة. والفقرة (و) من هذه المادّة (جديدة موافق عليها من أطراف الإنتاج) وله أن يثبت صحّة إدّعائه بجميع طرق الإثبات، وعلى مجلس العمل التّحكيميّ أن يبتّ بالقضيّة بمهلة لا تتجاوز الستّة أشهر (حاليّاً ثلاثة أشهر)". حُدّدت هذه المادّة باتّفاق أطراف الإنتاج، ويُعتبر فسخ عقد العمل من قبيل الإساءة أو التّجاوز في استعمال الحقّ. وحُدّدت الحالات بدل أن تترك على غاربها.

ومنحت الفقرة "هـ" من المادّة -73- من مشروع القانون، أعضاء مجلس النّقابات ومجالس إتّحاداتها وأعضاء الهيئة التأسيسيّة للنقابة طيلة مدّة ولايتهم، مظلّة الحماية من الصرف، وفرضت مراجعة مجلس العمل التّحكيميّ المختصّ للتمكن من الصرف.

أمّا الفقرة (و) من هذه المادّة، فقد وضعت ضوابط على أصحاب العمل عند الصرف لظروف إقتصاديّة أو فنيّة أو قوّة قاهرة... وألقت المسؤوليّة على وزارة العمل، للتثبّت من صحّة الأسباب التي أدلى بها صاحب العمل لتبرير الصرف، وسمحت للعامل بإثبات ادعائه بوسائل الإثبات كافة، على أن تضع تقريراً مفصّلاً بذلك.

وأعطى مشروع القانون الجديد للأجراء الحقّ بمراجعة القضاء المختصّ، إذا تبيّن أنّ الصرف لم يتمّ وفق الأسباب التي أدلى بها صاحب العمل. كما أعطى نصّ مشروع التّعديل الأجراء الذين صُرفوا من العمل الأفضليّة في العودة إلى العمل في المؤسّسة خلال مدّة سنة من تاريخ تركهم العمل، إذا عاد عمل المؤسّسة إلى طبيعته وأمكن إستخدامهم فيها.

ويمكن للسيّد غصن، إذا عاد إلى نصّ مشروع قانون العمل المتوافق عليه من أطراف العقد الإجتماعي، بمن فيهم ممثلي العمال، والذي يفترض أن يكون بحوزته منذ سنة 2001، لوجد أنّه لم يطرأ على هذه المادّة أيّ تعديل، وأنّ التّعديلات إن وُجدت فهي لصالح الأجراء وليس العكس.

ثالثاً: بالنّسبة إلى ما أشار إليه السيّد غصن بأنّ مشروع القانون منح:" صاحب العمل الحق بفسخ العقد إذا ثبُت أنّ الأجير ارتكب عملاً أو إمتنع عنه بقصد أن يضرّ بمصالح صاحب العمل المادّيةّ..." فمن أين أتى بنصّ هذه الفقرة؟

وإنّ نصّها في المادّة 55 من مشروع قانون العمل هو: "....إذا ثبُت أنّ الأجير ارتكب أو امتنع عن القيام بعمل بقصد إلحاق الضرر بمصالح صاحب العمل الماديّة، شرط أن يُعلم هذه الأخير وزارة العمل بالأمر خلال ثلاثة أيّام من تاريخ التثبّت منها".

وتتساءل الوزارة حول الأسباب التي دفعت السيّد غصن إلى عدم قراءة كلمة " بقصد إلحاق الضرر بمصالح صاحب العمل" والزعم بعكسه، ونتمنّى عليه العودة إلى قراءته ودراسته أفضل ليتبيّن له عدم صحة ما ذهب إليه.

رابعاً: بالنّسبة للحقوق والحريّات النقابيّة : لقد وضعت اللّجنة، التي كلّفت بإعداد مشروع قانون العمل على جدول نقاشاتها ما نصّ عليه الدّستور اللّبنانيّ من حرّيات، وكذلك نصّ إتّفاقيّة العمل الدّوليّة رقم 87 المتعلّقة بالحرّيات النقابيّة وحقّ التنظيم، آخذة بعين الإعتبار أوضاع المجتمع اللّبنانيّ، وما يُعانيه في تركيبته من انقسامات وصراعات وترهّلٍ في الحركة النقابيّة. فجمعت بين ما نصّ عليه الدّستور، وما ورد في الإتّفاقيّة المُشار إليها، وما هو واقع الحال، فتقرر توزيع الإتّحادات قطاعيّاً وليس إلى فئات، وهو ما تم اعتماده في قوانين العمل في الدّول المجاورة، والتي صدّقت على إتّفاقيّة العمل الدّوليّة (رقم 87).

وقد تمّ الأخذ بالتوجّه الأفضل للحدّ من تدخّل السلطات في شؤون النقابات والإتّحادات وتسييسها وتطييفها، ولكن المشروع أشار إلى ضرورة أن يتضمّن النظام الدّاخليّ للنقابة والإتّحادات آلية لتوجيه الدّعوات الخطيّة إلى حضور جلسات مجلس النقابة والجمعيّة العموميّة والإنتخابات.

وهذه الدّعوات تُشكّل معاناة مستمرة لوزارة العمل بعد كلّ انتخاباتٍ نقابيّة، لجهة الإعتراضات التي ترد إلى وزارة العمل، والسيّد غصن يُدرك ذلك تماماً.

وفي الخلاصة، تؤكد وزارة العمل أنه ليس في نيتها التدخل في العمل النقابي أو التضييق عليه، بل المساعدة على تنظيمه وتفعيله، وهي في مشروعها الجديد أكدت حرصها على الحريّات النقابيّة وحقوق العمال، وهي تتمنى على الإتحاد العمالي العام أن يرُدّ على طلب وزارة العمل بتسمية الأجراء الملازمين والردفاء أعضاء مجالس العمل التّحكيميّة، حتّى يُصار إلى إصدار المرسوم بتعيينهم، وهو ما لم يحصل حتّى تاريخه، ما يُسبّب شللاً في عمل مجالس العمل التّحكيميّة، وتأخيراً في بتّ الدّعاوى المتعلّقة بحقوق الأجراء والعمّال.

إنّ وزارة العمل، وحرصاً منها على حقوق أطراف العقد الإجتماعي من عمال وأصحاب العمل على حدٍّ سواء، تأمل توخّي الدّقّة في أيّ تعاطي إعلاميّ مع قضيّة أساسيّة كقانون العمل الذي جاء المشروع المقدم لتعديله خطوة نوعية متقدمة، ولا سيما لحماية حقوق العمال، كما كانت تأمل أن يتم التعاطي معه بروح إيجابية تشيد بالإنجازات التي سيحققها".(19المستقبل شباط2011)