يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأونروا في لبنان حوالي 114،391 عائلة بما يقدر 425،640 فردا. يتوزع نحو 53،2 % (226،533 فرداً) منها على اثنا عشر مخيما رسمياً، كذلك يعيش حوالي 46،8 % منها في تجمعات إما قريبة من المخيمات أو في اختلاط مع التجمعات اللبنانية في المدن والقرى وغيرها.
وعلى الرغم من أن الفلسطينيين يشكلون نحو 10% من مجموع سكان لبنان، إلا أنهم لا ينتفعون من الخدمات الأساسية للدولة كالصحة والمياه وأنظمة الصرف الصحي وغيرها، وهم محرومون من الحقوق التي ينص عليها القانون الدولي للاجئين. وهكذا، فإن الفلسطينيين مجردون من حق الملكية أو حتى انتقال هذه الملكية إلى عائلاتهم. كما أنهم محرومون من مزاولة 70 مهنة، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة، ومفاقمة مشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية في لبنان. والمعلوم أن وضع الفلسطينيين في لبنان هو الأسوأ ضمن مناطق عمليات الأونروا الخمسة وللدلالة على ذلك فان نسبة عائلات ذوي العسر الشديد في لبنان تشكل 12%، بينما في الأقطار الأخرى لا تتجاوز 6% لقد تضاعف عدد اللاجئين في لبنان منذ عام 1948 ثلاث مرات ضمن مساحات محددة للمخيمات الرسمية والتي تعرّض بعضها إما بشكل جزئي أو كامل للتدمير كما طال هذا التدمير الجزئي أو الكلي المواقع المحيطة بالمخيمات أو التجمعات الفلسطينية في أماكن مختلفة في معظم المناطق. ونتيجةً للكثافة السكانية المرتفعة في المخيمات فإن التوسع العامودي وبشكل عشوائي شكل الفرصة الوحيدة للإيواء في غرف غير صحية تفتقر إلى الإضاءة والتهوية ولا تتناسب مع حجم الأسر.إن الوضع الصحي المأساوي للفلسطينيين في لبنان يتفاقم باستمرار مع تدهور الحياة المعيشية وارتفاع نسبة البطالة، وهو نتيجة للتالي: قصور في الخدمات الصحية التي تقدم في العيادات التابعة الأونروا وهي أشبه بالفحص الشكلي للمرضى، قلة عدد الموظفين وبشكل خاص الأطباء، عدم التوازن ما بين احتياجات المجتمع المحلي والموارد المالية التي تضعها الأونروا للإيفاء بالخدمات النوعية التي يجب أن تقدمها لمعالجة المرضى. أما بالنسبة لواقع التعليم والظروف المعيشية فحدّث ولا حرج إذ يعاني الفلسطينيين من تدهور العملية التربوية في المدارس التابعة للأونروا، اكتظاظ صفوفها بما لا يقل عن 50 طالبا في الصف الواحد، ضعف التسهيلات التعليمية، عدم توفر المنح الكافية لمتابعة التحصيل الجامعي.وتقف الأونروا عاجزة عن التدخل لوضع آليات فعّالة للحد من الفقر وتقتصر مساعداتها على الجانب الإغاثي الإنساني الأولي، فيما تفتقر المخيمات المكتظة إلى كل مقومات الحياة الكريمة بسبب النقص في مياه الشرب، ازدياد المشكلات البيئية بسبب غياب الصيانة الدورية للمنشآت والامتداد العشوائي لشبكات الكهرباء وتراكم النفايات.كما يتضح مما سبق، فإن المشاكل التي يعانيها الفلسطينيون في لبنان لا تعد ولا تحصى وهي تعمّق الوجع الفلسطيني وتسهم في تقسيم لشعب بين مجنسين وغير مجنسين.
وقد شهدت العديد من المخيمات الفلسطينية في الآونة الأخيرة حركات احتجاجية واعتصامات على خلفية الإمعان في سياسة حرمان اللاجئين من حقوقهم وتقليص خدمات الأونروا والتلكؤ في إعادة إعمار مخيّم نهر البارد وغيرها. وبدلاً من تأمين الحقوق الإنسانية لهم لكي يتمكنوا من البقاء والاستمرار في دفاعهم عن حقهم بالعودة، فإن كل من الدولة اللبنانية والأونروا تستمران في لعبة تقاذف المسؤولية حيث تعتبر الدولة أن مسؤولية تأمين الخدمات للفلسطينيين في لبنان تقع على عاتق المجتمع الدولي ممثلاً بالأونروا، بينما ترى الأونروا أنه على البلد المضيف تحمل مسؤولياته في هذا المجال خصوصاً في ظل ضعف إمكانياتها وعجزها عن تحمل تلك المسؤولية منفردةً. وفي ظل عدم مبالاة كل من الدولة اللبنانية والأونروا، تبقى الحقوق الأساسية للفلسطينيين في لبنان عرضةً للانتهاك اليومي، كما يستمر المجتمع الدولي في إنكار الحقوق الوطنية والعادلة لشعب يقاوم النسيان منذ أكثر من 60 عاماً.