«للأسف أصبح القانون وجهة نظر في لبنان»، عبارة تختصر الحال التي وصلت اليها الجامعة اللبنانية جراء التفاسير المتتالية لقوانينها، وعدم الخروج برأي موحد، ما أدى الى حال من الإرباك في الجامعة، بين منتظر لما سيؤول إليه السجال الإعلامي حول استمرارية رئيس الجامعة د. زهير شكر في منصبه، أم لا، بعد ما شغر منصب الرئاسة في العشرين من شباط الماضي.
وجاء اجتماع مجلس عمداء الجامعة اللبنانية بكامل الأعضاء ظهر أمس، ليضع النقاط على الحروف، خصوصاً بعد الرأي غير الملزم لهيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل، بأن يخلف شكر أكبر العمداء سناً لحين تعيين رئيس أصيل. وأيضاً بعد موقف وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة، الرافض للتوقيع على أي معاملة من إدارة الجامعة لحين الالتزام بهذه الاستشارة.
تجدر الإشارة الى أنه في حال تعيين أكبر الأعضاء سناً من العمداء فيكون عميد كلية الآداب خليل أبو جهجه الذي يخرج الى التقاعد في 3 نيسان المقبل، وعندها يخلفه عميد كلية الهندسة محمد زعيتر الذي يخرج على التقاعد في حزيران المقبل.
وتداول العمداء في الاجتماع برئاسة شكر في الشؤون الحاضرة للجامعة، وأكدوا في بيان تلاه عميد كلية الطب د. بيار يارد «مرة جديدة موقفهم في مطالعتهم القانونية السابقة المتعلقة بوجوب استمرار شكر بممارسة مهماته في رئاسة الجامعة، في انتظار تعيين رئيس للجامعة اللبنانية وذلك عملاً بالمادة 14 من القانون 66/2009، معلنين أن مجلس الجامعة هو أعلى مجلس أكاديمي في الجامعة برئاسة رئيس الجامعة وبالتالي تشمله أحكام القانون 66/2009».
وقد رفض شكر التعليق على الموضوع، مكتفياً بما ورد في بيان العمداء.
وأشار أحد العمداء الى ان القانون 66/2009 «ميّز بين حالتي الشغور والغياب»، والمادة 14 من القانون 66 أتت لتنص على مبدأ استمرار أعضاء المجالس الاكاديمية وهدفت الى الإطلاق وبالتالي التعميم، واستطراداً لا يعقل استثناء رئيس الجامعة من شمولها له. وأن كلمة مجلس والتي تعني مجلس الجامعة وردت 23 مرة في القانون 66.
وسأل العميد، كيف يتوجه الوزير الى هيئة الاستشارات لسؤالها «هل يمكن اعتبار رئاسة الجامعة غير مندرجة في عداد المجالس الأكاديمية؟».
وشدد رئيس الهيئة التنفيذية في رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية د. شربل الكفوري على موقف الرابطة السابق من التعبير عن القلق لشغور منصب رئاسة الجامعة. وأكد لـ«السفير» أن المسؤولية تقع على الحكومات المتعاقبة، والحكومة الأخيرة تحديداً، التي رفع إليها أسماء العمداء منذ تسعة أشهر ولم يتم تعيينهم. ودعا الحكومة الجديدة الى وضع بند تعيين العمداء ورئيس جديد للجامعة بنداً أول على جدول أعمالها بعد تشكيلها.
كتاب شكر
ورد د. شكر على كتاب الوزير منيمنة الى هيئة الاستشارات، مفنداً ما جاء فيه وقال: كتابكم في طلب الرأي الرقم 1460/11 تاريخ 17/2/2011 هو بمضمونه عبارة عن رأي مطلوب وليس طلب رأي حيث أن الجواب ورد في مضمون طلب الرأي الذي «اعتبر رئاسة الجامعة غير مندرجة في عداد المجالس الأكاديمية» وهي مسألة غير مطروحة على الإطلاق لأن النص القانوني يعتبر رئيس الجامعة هو رئيساً لمجلس الجامعة وصوته مرجحاً وبالتالي هو عضو في مجلس الجامعة الذي يُشكّل أعلى مجلس أكاديمي في الجامعة اللبنانية. كما تضمّن كتابكم المذكور أعـلاه القول «إن المجالس الأكاديمية الواردة في القانون هي حصراً مجلس الوحدة، مجلس الفرع ومجلس القسم» من دون الإشارة إلـى المادتين الأولى والثانية منه أي من القانون 66 اللتين تُشيران إلـى مجلس الجامعة (المادة 1) وتُعدّلان في بعض صلاحيته (المادة 2).
أضاف: إن طلب الرأي تضمّن عبارات ليس لها أصل قانوني كـ«أعمال الرئاسة» و«وظيفة الرئيس» و«عمداء بالإنابة» لأن العمداء بالتكليف الحاليين يشغلون مهامهم وفقاً لأحكام الفقرة 5 من المادة 25 من القانون 75/67 والتي تنصّ على: «... ويقوم رئيس الجامعة أو من يُكلّفه بمهام العميد بجميع صلاحياته ومسؤولياته».
وتابع: كما تضمّن كتابكم إلى هيئة التشريع والاستشارات خلاصة الرأي المطلوب صدوره «وبالتالي يتعذّر اعتبار رئاسة الجامعة اللبنانية في عداد المجالس الأكاديمية التي ينصّ القانون عليها». فقد اعتبرت الاستشارة أنه لا ينطبق على المركز الذي يشغله رئيس الجامعة أيّة أحكام تتعلق بالجهاز الأكاديمي في حين أن القانون 75/67 يعتبره رئيس أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة ورئيس مجلس الجامعة وصوته مرجّح فيه، كما ويبدو أن الاستشارة في قولها إن رئيس الجامعة يتبع الجهاز الإداري، ارتكزت على عنوان الفصل الثاني في القانون 75/67 دون الإطلاع على مضمون المواد المنظمة لهذا الفصل ولا سيّما المادة 14 التي تنصّ على تكوين مجلس الجامعة.
وأشار الى أن الاستشارة خلصت إلى وجوب تكليف «أكبر العمداء سناً لشغل منصب الرئيس لحين تعيين رئيس أصيل وفقاً للأصول» أي أنها افترضت وجود جهة سوف تقوم بهذا التكليف، محمّلة النص ما لم يرد فيه. وقد أسقطت هذه الاستشارة نصّ الفقرة 6 من المادة 2 من القانون 66 التالي نصّها: «في حال شغور مركز الرئيس، يُصار إلى تعيين رئيس جديد بالآلية ذاتها المنصوص عليها في هذه المادة». فلم تتحدّث عن حالة الشغور التي ربطها المشترع بنصّ المادة الرابعة عشرة من القانون 66.
ولفت شكر أخيراً، إلى أن المادة 14 من المرسوم رقم 151 المنشور بتاريخ 10/11/1983 نصّت على أن الإدارة التي تطلب رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل غير ملزمة بالرأي، إلاّ أن مخالفتها له يجب أن تحصل بقرار معلّل تُبلّغ صورة عنه إلى وزارة العدل. وبما أن الجامعة اللبنانية بصفتها مؤسسة عامة مستقلة لها شخصية معنوية لم تطلب هذا الرأي فهي بالتالي غير معنية بتعليل قرارها بالامتناع عن الالتزام بالاستشارة المذكورة.( المستقبل3 آذار 2011)