مادة التاريخ محور مؤتمر "اللبنانية للعلوم": الحل بمنهج يبرز الجوانب الحضارية لا السياسية

على مدى عقود من الزمن، ارتبط تدريس مادة التاريخ بالتطورات والأزمات التي شهدها لبنان، إذ لطالما حرص السياسيون ورؤساء الطوائف والأحزاب على ان تتوافق تلك المادة مع تطلعاتهم للبنان الذي يريدون نظراً للدور المهم للتاريخ في تنمية وترسيخ المواقف لدى الناشئة، ومن هنا تتضح أسباب التأخر والمماطلة والاختلاف في إقرار كتاب التاريخ الموحّد الذي كان موضع سجال على مر الزمن.
هذا الجانب لا يقل أهمية عن كيفية تدريس مادة التاريخ التي عانى تلاميذ المدارس من أساليب التلقين والحفظ والتركيز على التفاصيل التي ينسونها فور اجراء الامتحانات.
ولأن حل هذه المشاكل يكون بإبراز الجوانب الحضارية لأي بلد، والتي يشترك فيها كل أبنائه على اختلاف توجهاتهم بديلاً من الجوانب السياسية التي تتسبب في زرع روح الفرقة، أضاء المؤتمر التربوي الثالث للهيئة اللبنانية للعلوم التربوية على تعلم وتعليم مادة التاريخ بمشاركة باحثين وتربويين لبنانيين وعرب وأجانب عرضوا تجاربهم وتبادلوا الخبرات حول أفضل الطرق لتعليم التاريخ وفق المبادئ التربوية القائمة على المقارنة والتحليل والاستنتاج والتفكير النقدي.
تناول المؤتمر الذي افتتح أعماله أمس في فندق الريفييرا، بتمويل من "مفوضية الاتحاد الأوروبي" و"الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" و"مؤسسة اميديست" في جلسات اليوم الأول مشكلات تدريس التاريخ وتجارب مجتمعات ما بعد النزاعات في هذا المجال، بالاضافة إلى مواقف حول توحيد كتاب التاريخ في لبنان وكانت مداخلات لأساتذة المادة اللبنانيين.
أما جلسات اليوم الثاني فتم خلالها تقديم مقاربات في تعليم التاريخ ومبادرات تطويرية في التدريس، وطاولة مستديرة عن تطوير المهارات والنشاطات البحثية خلال عملية تعليم التلاميذ.
الافتتاح
لمحة عن نشأة ومهام الهيئة قدمها رئيسها رؤوف الغصيني الذي لفت إلى أن التطور المهني الدائم بات سمة أي عمل لذلك لا بد من جعل ذلك ميسراً لأساتذة التاريخ، ومن هنا اهمية تبادل الخبرات بين المشاركين في المؤتمر للوصول إلى رؤية موحدة لمناهج التاريخ.
واعتبرت القائمة بأعمال مفوضية الاتحاد الأوروبي، ألسا فينيت، ان المعرفة التاريخية المشتركة التي تكتسب في المدرسة وخارجها تعزز هوية المواطن الحر وقدرته على اتخاذ القرارات ليكون فاعلاً في مجتمع ديموقراطي، مشيرة إلى أن موضوع المؤتمر مهم من أجل تنمية الكفايات المدنية والوطنية لدى الطلاب في مجتمع متعدد.
ورأى منيمنة ان الحاجة إلى كتاب تاريخ موحّد باتت ملحة بعد أن أصبح مادة تعبئة ايديولوجية ومنبعاً للتحريض ومجالاً خصباً للانغلاق، وبعدما تحول التعليم غير المنضبط للتاريخ إلى وسيلة لبناء ولاءات سياسية خاصة والتشدد في معتقدات عدوانية لا تعترف بوطن يقوم على الشراكة.
وأوضح ان اللجنة العلمية التي وضعتها وزارة التربية نجحت في صنع منهج لكتابة التاريخ ووضعت لائحة بموضوعات وأحداث تاريخية تشكل بمجموعها ذاكرة جميع اللبنانيين وتم رفع ما انجز إلى الحكومة لاقراره، لافتاً إلى أنه بالارادة الجادة والروح العلمية، نستحضر تاريخ لبنان ونعيد انتاجه ليتحول إلى حاضر حي وبناء.
(المستقبل 27 آذار 2011 )