بدأ المعلّمون في التعليم الأساسي بتنفيذ برنامج تحرّك تصاعديّ يبدأ بالاعتصام وينتهي بمقاطعة الامتحانات الرسمية ضد مخطّط ضرب التعليم الرسمي. وأولى علامات المخطّط، بحسب المعلّمين، حرمان صناديق المدارس من مستحقاتها، مقوّمات صمودها، وخرق السلسلة الموحدة للرتب والرواتب
برنامج التحرك التصاعدي لمعلمي التعليم الأساسي ليس احتجاجاً في الوقت الضائع، ولو كان بين حكومتين، بل «ربط نزاع مع وزير التربية العتيد لقطع الطريق أمام التذرع بأيّ حجة تميّع المطالب المزمنة». هذا هو التوصيف الذي قدّمه المعلمون في التعليم الأساسي الرسمي لاعتصامهم الحاشد، أمس، في ساحة وزارة التربية، تنبيهاً للوزير المقبل في حكومة الميقاتي (إذا تألفت بعد طول مخاض) إلى أنّ الحكم استمرارية والمطالب النقابية بدورها استمرارية أيضاً. مع ذلك، يعتقد المعتصمون أنّ تحويل المستحقات المالية المتأخرة 6 أشهر إلى صناديق المدارس الخاوية، وهو المطلب الأول في روزنامة التحرك، لا يحتاج إلى حكومة جديدة، فحتى حكومة تصريف الأعمال بإمكانها أن تنفّذه.
الاعتصام ترافق مع إضراب تحذيري ثانٍ شلّ نحو 1400 مدرسة ابتدائية ومتوسطة في المناطق اللبنانية تضم 23 ألف معلم، ويندرج ضمن خطة وضعها المجلس المركزي لرابطات المعلمين الرسميين بدأت بالإضراب والاعتصام وتستمر بالتظاهر وتصل إلى حد مقاطعة الامتحانات الرسمية مراقبة وتصحيحاً إذا لم يستجب المسؤولون للمطالب.
ومهما يكن من أمر، فقد عكست الساحة مرة جديدة، وبعد أقل من عام واحد على تحرك أساتذة التعليم الثانوي الرسمي للمطالبة بالدرجات السبع، المشهد الوحدوي للجسم التعليمي الرسمي الأساسي والثانوي والمهني «معاً كنا ومعاً سنبقى، وضعنا الكتف على الكتف والساعد بالساعد للحفاظ على وحدة التشريع في القطاع التعليمي والسلسلة الموحدة للرتب والرواتب»، كما قال رئيس رابطة المعلمين الرسميين في جبل لبنان كامل شيا. لم يكن ينقص المشهد التعليمي الموحد سوى مشاركة المعلمين في القطاع الخاص. وهنا يؤكد نقيب المعلمين نعمه محفوض في اتصال مع «الأخبار» موافقته المبدئية على أحقية المطالب، مسجلاً ملاحظات على شكل التحرك، منها أنّ جزءاً كبيراً من المعلمين لم يكن على علم بالإضراب بسبب ضعف التواصل بين روابط «الأساسي» والقواعد في المناطق. ويلفت إلى أنّ «هذه الروابط لم تنسّق معنا بوصفنا نقابة تمثل قطاعاً يملك قدرة كبيرة للضغط على الدولة»، متسائلاً عن توقيت التحرك وجدواه في غياب الهيئة الحكومية المسؤولة.
إلى ذلك، انضم إلى الاعتصام تضامناً من التعليم الثانوي الرسمي كل من رئيس الرابطة حنا غريب وأمين العلاقات العامة فيها محمد قاسم، ومن التعليم المهني الرسمي رئيس الرابطة فاروق الحركة ونائب الرئيس إيلي خليفة وعضو مكتب بيروت سلام حرب.
ونقل غريب للمعتصمين «تضامن الأساتذة الثانويين معهم ضد ما يتعرض له التعليم الرسمي الذي أفنينا عمرنا في خدمته من هجمة شرسة أدّت إلى تردّي مستواه وحرمته عناصر القوة».
وتوقف عند أهمية الحفاظ على وحدة المعلمين لرفع أي غبن أو إجحاف بحق أي قطاع من القطاعات التعليمية من الروضة وحتى الجامعة، مع تشديده على توحيد السلسلة. وأكّد أنّ «محاولات شقّ صفوف المعلمين والأساتذة باءت وستبوء بالفشل وستتحطم على صخرة وحدتكم ووحدتنا».
هذه الوحدة استحوذت أيضاً على اهتمام رئيسة رابطة المعلمين الرسميين في بيروت عايدة الخطيب، فشدّدت على أنّ «توحيد صفوفنا هو الرد الحقيقي لرفض أي خطة مبرمجة لضرب المدرسة الرسمية وصولاً إلى إقفالها»، لافتة إلى أنّ «التعليم الرسمي هو المكان الوحيد لإرساء الوحدة الوطنية».
وقالت الخطيب: «لن نقبل من الآن فصاعداً أي تأخير للمستحقات المالية التي يجب أن تتسلمها صناديق المدارس ابتداءً من شهر أيلول». وأوضحت أننا «طلاب ملاك موحّد من الروضة حتى الجامعة، فيما يتنصّل المسؤولون في وزارة التربية من ذلك»، معلنة التمسك بسلسلة الرتب والرواتب الحالية رغم فروقها التي ألحقت غبناً بالتعليم الأساسي (الابتدائي والمتوسط) تحديداً. ومع ذلك، ارتضى هذا التعليم بالظلم بحيث يكون الفارق بين أساس الراتب في التعليم الأساسي وأساس الراتب في التعليم الثانوي 14 درجة، في سبيل الحفاظ على وحدة التشريع. وهنا رفعت لافتة تعكس القضية «بين الأساسي والثانوي شهادة واحدة والفرق بس 18 درجة ونصف الدرجة». أضافت: «من حقنا أن نأخذ الأربع درجات ونصف الدرجة التي حصل عليها أساتذة التعليم الثانوي، فنحن جسم واحد». ومن المطالب أن يعيّن المعلمون الجدد الذين خضعوا لدورة تدريبية في كلية التربية في الدرجة 15 من السلسلة لا في الدرجة الأولى، وذلك أسوة بزملائهم في التعليم الخاص، وربط درجة الاستشفاء بأساس الراتب لا بالفئة الوظيفية. وللمناسبة، فإنّ المعلمين الذين لا يزالون يتابعون الدورة لا يقبضون.
ولم تنس الخطيب التذكير بمستحقات المتعاقدين، وعددهم كبير في المدارس الابتدائية والمتوسطة التي يعتمد بعضها عليهم كلياً، وهذه المستحقات متأخرة هي الأخرى. واستغربت كيف يرتاح السياسيون في حكومة تصريف الأعمال إلى وضعهم ولا يبادرون إلى إعطاء المعلمين حقوقهم.
أما رئيس رابطة المعلمين الرسميين في الجنوب حسان صالح، فتحدّث عن نظام يريد إسقاط المدرسة الرسمية بالحرمان، وإدارة الظهر إلى جموع المعلمين، العماد الأساسي للمدرسة الرسمية والمجتمع الوطني اللبناني. وتوجه إلى وزير التربية قائلاً: «قدّ ما تسكّر أذنيك وأبوابك سنبقى ندقّ عليها بطرقات قوية».
وسأل رئيس رابطة المعلمين الرسميين في البقاع حمود الموسوي: «أمن المعقول أن يدأب وزير على حسن سير وزارته ويترك صناديق المدارس الرسمية بلا مال مع نهاية العام الدراسي؟ على ماذا ندفئ طلابنا وندفع أجور الخدم ونلبي متطلبات المدرسة؟ هل على خطاباتكم الرنانة وإطلالاتكم التلفزيونية؟ هل هناك أمر مبيّت لإقفال المدرسة الرسمية والتآمر على الفقراء وأبنائهم وتشريدهم في الشوارع لمآربكم الشخصية وجعلهم وقوداً لمشاريعكم السياسية؟».(الأخبار30آذار2011)