المستشفى الجامعي يربح أكثر!

تسعى مستشفيات خاصة لجرّ وزارة الصحة إلى تصنيف عدد منها مستشفيات جامعية، فهذه الطريقة تتيح لها أرباحاً إضافية، نتيجة امتيازات كثيرة يحظى بها المستشفى الجامعي في لبنان، وفي مقدمها زيادة تعرفاتها بنسبة لا تقلّ عن 25%، والسماح لها باستيراد أدوية «تحت التجربة»... المشكلة أمام هذه المستشفيات أنها لا تتبع لكلية طب
محمد وهبة

تسعى مستشفيات خاصة الى نيل اعتراف وزارة الصحة بأنها مستشفيات جامعية، إذ إن المكاسب التي ستحصل عليها لاحقاً، بعد إنجاز التصنيف، الذي يحصل على أساس نظام الاعتماد، سيمنحها فرصة كبيرة لزيادة تعرفاتها بنسبة لا تقل عن 25%، فيما سيصبح بإمكانها استيراد أدوية «تحت التجربة». لا تنحصر امتيازات المستشفى الجامعي في الجوانب المالية، فهذا التصنيف له مميزات تسويقية، وهذا النوع من المستشفيات يكتسب شهرة بين مستهلكي خدمات الصحّة والاستشفاء، لأسباب تتصل بالثقافة السائدة، إذ يؤكد مسؤولو وزارة الصحّة أن المرضى ينظرون الى المستشفى الجامعي على أنه الأفضل

، وذلك على الرغم من أن المعيار الوحيد الذي يوفّر له تصنيف أو لقب جامعي، هو أن يكون متصلاً بكليّة للطبّ أو تابعاً لكلية طبّ (!) وبالتالي فإن الحصول على هذا التصنيف، أو ما يوازيه، يترك نوعاً من «الصدقية والثقة» بكفاءة المستشفى حتى لو كانت هذه الكفاءة متدنية نسبياً.
وتنبع الرغبة في اكتساب تصنيف المستشفى الجامعي من واقع التنافس القائم بين مستشفيات بيروت وجبل لبنان، أي في المحيط الأقرب للعدد الأكبر من سكان لبنان، فكل مستشفى يريد زيادة حصّته من المرضى، ومن السقف المالي الذي تضعه وزارة الصحة (تحدّد الوزارة مسبقاً المبلغ الذي تريد إنفاقه في هذه المستشفى أو ذاك لمعالجة المرضى على حسابها)، والتنافس على استقطاب مرضى من خارج لبنان، وهو أمر يكثر حالياً باطراد.
والتصنيفات في مستشفيات لبنان، عموماً، هي تصنيفات تتداخل فيها السياسة والمصالح والمعارف والاعتبارات الطائفية. والدليل، بحسب خبير متابع، وجود مخالفات كثيرة للمستشفيات الجامعية وغيرها من التي تصنّف في وزارة الصحة من فئة (أ) خمس نجوم، فعلى سبيل المثال، هناك مستشفى يقطعه الطريق العام بالنصف فيفصل قسم الطوارئ عن اقسام الإقامة وغرف العمليات وسواها، وغالبية المستشفيات لا يوجد فيها مساحات خضراء، وفق ما يفرضه قانون إنشاء المستشفيات. ويسجّل يومياً الكثير من الخروقات لمعايير نظام الاعتماد، الذي تصنّف المستشفيات على أساسه، على مستويات جودة الطبابة والاستشفاء والفندقية والبيئة والمحاسبة... فهل هناك مثلاً معايير موحّدة تتبعها المستشفيات الخاصة للتخلّص من نفاياتها الطبية؟ ألم تشهد البلاد أكثر من فضيحة في هذا المجال؟
وكانت نقابة المستشفيات الخاصة قد وجّهت عدداً من الكتب إلى وزارة الصحة لمتابعة أوضاع عدد من المستشفيات التي تطالب بإعلانها مستشفى جامعياً، مثل مستشفيات: الزهراء، حمود، القلبين الأقدسين، الإقليمي... لكن أصحاب هذه المستشفيات لم يكتفوا بمجموعة من المراسلات، بل أجروا سلسلة اتصالات سياسية، أبرزها مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بوصفه صاحب «المونة» الأولى على الوزير محمد جواد خليفة، فضلاً عن أن قائد الحملة بين هذه المستشفيات هو محمد شعيتو، المدير العام لمستشفى الزهراء، التابع للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
ويبدو أن هذه الحملة وجدت آذاناً صاغية من مقرّبين من الرئيس برّي، لكن مصادر وزارة الصحّة تؤكد أن جدوى هذه الاتصالات تقلّصت مع سؤال طرحه خليفة أمام بري: أين كليات الطبّ التابعة لهذه المستشفيات؟
مناسبة هذه الحملة هي جولة جديدة من الاعتماد تجريها وزارة الصحة العامة. الأمران مرتبطان جذرياً، فالاعتماد يصنّف المستشفيات وفق 4 فئات (أ)، (ب)، (ج)، و(د)، وقد دمجت الأولى مع الثانية، والثالثة مع الرابعة. ويحصل كل مستشفى على نجوم مقابل جودة الخدمات المختلفة التي يقدمها. لكن التصنيف النهائي يجري بعد مجموعة من جولات التدقيق في كل مستشفى تجريها إحدى الشركات المكلفة من الوزارة، لمراقبة مجموعة من التطبيقات للمعايير المختلفة.
وفي ضوء نتائج التصنيف تقسم وزارة الصحة المستشفيات، وأدوارها ووظائفها في القطاع الاستشفائي، ليصار إلى وضع تعرفة لكل فئة تتناسب مع قدراتها ومميزاتها ومدى جودة مختلف الخدمات الطبية والفندقية والخدماتية... التي تقدمها. وبالتالي فإن كل مستشفى يحصل على تصنيف (أ) خمس نجوم، يعدّ هذا الأمر موازياً لتصنيف المستشفى الجامعي، ولذلك أصبح هو المحرّك الأساسي لبناء آليات مشروعة وغير مشروعة للحصول على التصنيف الأعلى، والمميزات اللاحقة به، فعلى سبيل المثال، دفع مستشفى شمالي مبلغ 40 ألف دولار للحصول على هذا التصنيف، فيما حصلت مستشفيات أخرى على التصنيف رغم كونها عبارة عن مستوصف كبير.

4 شركات
هو عدد المؤسسات التي تتولى التدقيق في أوضاع المستشفيات في إطار نظام الاعتماد، ومساعدتها على مطابقة المعايير العالمية، وهي: Gates, Salus, Apave, UMP. ويقول العارفون إن إحدى هذه المؤسسات على الأقل غير مؤهّلة.

منافسة العام والخاص
يرى وزير الصحة محمد جواد خليفة (الصورة) أن الخدمات الصحية للمواطنين يجب أن تكون في يد الدولة، لا في يد القطاع الخاص. وهذا لا يعني ألّا يكون القطاع الخاص موجوداً، فهناك دائماً من لديه رغبة بالحصول على مميزات تقدّمها المستشفيات الخاصة، لكن يفترض أن تقدّم الدولة هذا النوع من الخدمات عبر المستشفيات الحكومية، التي تحوّلت إلى قطاع قوي في السنوات الماضية، بدليل المرضى المتوافدين إلى مستشفى بيروت الجامعي (الأخبار1آذار2011)