يعتصم اللاجئون الفلسطينيّون، غداً، أمام مبنى وكالة الأونروا في منطقة بئر حسن. وقد توحّدت جهود اللجان الشعبية المنقسمة بين تحالف القوى ومنظمة التحرير تحضيراً للاعتصام الذي سيتحول مفتوحاً إذا لم تستجب الوكالة للمطالب
قاسم س. قاسم
كان من المفترض أن يتوجه موظفو الأونروا، صباح غد الجمعة، إلى مقر الوكالة في بئر حسن لمزاولة أعمالهم كالمعتاد. وفي تمام الساعة العاشرة، ستصل إلى مسامعهم أصوات هتافات مرتفعة «الشعب يريد إصلاح الأونروا». عندها سيتساءل الموظفون، في ما بينهم، عمّا يجري خارج الأسوار الاسمنتية «هل وصلت الثورات العربية إلى عقر دارنا؟». لحظات، ويستوعب موظفو الوكالة المفاجأة: لاجئون فلسطينيون أتوا من مختلف المخيمات للاعتصام أمام مركز الأونروا. مطلبهم معروف: تحسين الخدمات المقدمة إليهم. يستمر الاعتصام ساعة، تلقى فيه كلمة تشرح المطالب. ثم ترفع مذكرة إلى إدارة الأونروا، يتسلّمها المدير العام للوكالة سلفاتوري لومباردو بنفسه أو ممثل عنه كما جرت العادة خلال الاعتصامات السابقة، أو قد يكون أحدهما موجوداً بين المعتصمين، للوقوف عن كثب على أحقيّة المطالب.
السيناريو المذكور كان قاب قوسيّن أو أدنى من تحقيقه، وكان المنظّمون يعتمدون في اعتصامهم على السريّة للحفاظ على عنصر المفاجأة الذي خسروه، بعد حدوث تسريب إعلامي عن النشاط. تدارك المنظمون الصفعة التي نالوها. بحثوا عمّن سرّب الخبر، ليكتشفوا أنّ «ممثلي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان هم من فعل ذلك بعد اجتماع عقدوه في مخيم المية ومية وذلك لإجهاض النشاط في مهده»، كما يقول القائد العام لكتائب شهداء الأقصى منير المقدح في اتصال مع «الأخبار». ويعزو المقدح سبب طلب فصائل المنظمة تأجيل الاعتصام أو إلغائه إلى عدم إشراكها في التنظيم.
هكذا، اجتمع المنظمون مجدداً أول من أمس ليقرروا ما إذا كانوا سيسيرون في الموعد الذي حددوه سابقاً أو لا، فأقرّوا بالإجماع الاستمرار في الاعتصام بعدما وضعوا اللمسات النهائية له، وطبعوا اللافتات واتفقوا على الشعارات ومنها: «الشعب يريد الحقوق الاجتماعية، الشعب يريد العيش بكرامة، الشعب يريد العودة إلى فلسطين، الشعب يريد إنهاء الهدر والفساد، الشعب يريد مدافن لموتاه».
أما الباصات التي ستنقل اللاجئين من مخيمات بيروت وصيدا فقد استؤجرت هي الأخرى. كذلك، حدّد المنظّمون الخطوات التي سيقومون بها في الأيام المقبلة في حال عدم تجاوب الأونروا مع مطالبهم. تحركات ستكون على شكل اعتصامات مفتوحة وخيم ستنصب أمام المراكز الطبيّة للأونروا داخل المخيمات وأمام مركزها الرئيسي. لكن، من هم منظمو الاعتصام، ولماذا قرروا التحرك الآن؟ ببساطة، هم اللجان الشعبية والمؤسسات والمنظمات الأهلية في المخيمات التي وضعت خطة للتحرك والاعتصام ضد الأونروا. وتواصلت اللجان مع مسؤولي قوى التحالف وفصائل منظمة التحرير، فـ«وجدنا بعد كل اجتماعاتنا أنّ الوعود كثيرة، لكن الإنجازات قليلة»، يقول مدير مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس ياسر عزام. يضيف عزّام إن «كلام مدير الأونروا معنا لم يتجاوز التنفيس والتخدير، لذا قررنا المضيّ في هذا الأمر ودعم اللجان الشعبية والأهلية في تحركها». هكذا، نال التحرك دعم كل من تحالف القوى الفلسطينية وحركة فتح بشخص منير المقدح. القائد العام لكتائب شهداء الأقصى حورب من أبناء حركته الذين لم يساندوا تحركه لأن «القرار عند الحركة هو أن تكون الساحة اللبنانية هادئة»، كما يقول أحد المتابعين للتحرك والذي رفض الكشف عن اسمه. لكن الضغوط التي مورست على المقدح لحثه على عدم المشاركة في النشاط أو إلغائه لم تجد نفعاً معه، حتى وصلت الأمور إلى حد اتصال رئيس السلطة الفلسطينية، المنتهية ولايته، محمود عباس شخصياً بالمقدح «للاستفسار عن التحرك»، بحسب المقدح. يضيف: «لم يطلب الرئيس إلغاء النشاط أو تأجيله، بل كان الحديث عن الوضع المزري الذي يعيشه أبناء المخيمات، وضرورة توفير الطبابة للاجئين، وأكد أنّ موضوع الطبابة هو من مسؤولية الأونروا، لا من مسؤولية منظمة التحرير». لكن ما سبب التحرك في التوقيت الحالي؟ وهل هو لـ«تنفيس» ما قد يقوم به شباب المخيمات يوم 15 آذار الذي سيشهد تحركات شبابية مطالبة بإنهاء الانقسام في الداخل الفلسطيني؟ يجيب عزام إنه «لا رابط بين التظاهرتين، وإنّ الاتفاق على التحرك أمام الأونروا حصل مسبقاً، كما أنّ اعتصامنا ضد الوكالة هو بسبب قضية مطلبية اجتماعية. أما مسيرة 15 آذار فهي مطلب سياسي نؤيده». هل ستقوم حركة حماس بأي نشاطات مؤيدة لهذه المسيرة في المخيمات؟ يقول عزّام إنّ «المسيرة شبابية، وللأفراد حرية المشاركة في مثل هذه الأنشطة، ونحن مستعدون لسماع آرائهم وتقديرها، ثم إننا نسير باتجاه واحد لدعم القضية الفلسطينية».
بدوره، يعزو المقدح التحرك إلى الواقع المعيشي المزري الذي يعيشه أبناء المخيمات، مستشهداً بحالة الطفل الفلسطيني محمد طه الذي توفي أمام مستشفى في صيدا أول من أمس، والذي رفضت المستشفى استقباله بسبب عدم توافر المبلغ اللازم لذلك. وعن ارتباط الاعتصام أمام الأونروا بتحرك 15 آذار، يقول المقدح إنّ «التحرك ليس مرتبطاً بأي تحركات قد يقوم بها الشباب الفلسطيني، بل إننا نعتصم لنطالب بالخدمات التي هي من حق الشعب الفلسطيني أن ينالها لحين عودته إلى دياره». ويشير إلى أنّ التحرك المقبل التي قد يساند تحرك 15 آذار هو «مسيرة العودة التي يجري العمل عليها بصورة جدية، عبر التوجه إلى الحدود الفلسطينية من المخيمات والبلدان التي تحيط بفلسطين لتحريرها».
الوكالة «ما خصّها»
استغربت مديرة قسم الإعلام في وكالة الأونروا، هدى سمرا صعيبي، تحميل الوكالة مسؤولية وفاة الطفل الفلسطيني محمد طه، مشيرة إلى أنّ المعلومات الإعلامية عن هذا الموضوع تضمنت جملة مغالطات. وأكدت سمرا أن «لا شيء يمكن أن يعوض خسارة محمد، والأونروا وفرت للعائلة كل الوسائل والموارد المتاحة لمعالجة الطفل بالطريقة التي يستحقها. وعندما جاء والد الطفل إلى عيادة الوكالة، أخذ تحويلاً إلى مستشفى صيدا الحكومي حيث جرى إسعافه، لكن بسبب عدم توافر أي آلة تنفس شاغرة في العناية الفائقة في المستشفى، جرى نقل الطفل إلى مستشفى دلاعة حيث توفي قبل دخوله إليها(الأخبار10آذار2011)