شكلت المؤسسات التعليمية الرسمية في لبنان، وإنتشرت تحت ضغط الطبقات الشعبية والوسطى بعد الاستقلال عام1943، وفي ظل الحاجة المتزايدة لأجهزة الدولة والإقتصاد الوطني لكفاءات مختلفة من الموظفين والعمال والمهرة وأصحاب المهن الحرّة.لكن قطاع التعليم الرسمي في لبنان يعاني كغيره من القطاعات التابعة للدولة من مشاكل متراكمة يدفع من خلالها التلامذة والأساتذة أثمان باهظة نتيجة لتلكؤ الدولة ممثلة بوزارة التربية التي لا تزال منكفئة عن تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين/ات، وعن لعب الدور الريادي الذي يجب ان يضطلع به القطاع التعليم الرسمي، متنازلة عن ذلك الدور لصالح القطاع الخاص التجاري والطوائفي.ولعلّ معلمو ومعلمات القطاع الرسمي في لبنان وبشكل خاص الثانويين منهم/ن هم من أكثر الفئات معاناة في هذا القطاع، في ظل الإجحاف الذي لا يزال يلحق بهم منذ عقود، فلا يكاد يمر يوم واحد إلا وتهدّد رابطة الثانويين بإعتصام هنا وتوقف عن التصحيح هناك، مع الإشارة إلى أن عدد الأساتذة في الملاك يبلغ 7000 أستاذة وأستاذ، أما عدد الثانويات فيبلغ 252 ثانويّة، وتضم 74000 فتاة وفتى.
على الرغم من نجاح تحرك أساتذة التعليم الثانوي الرسمي للمطالبة بالدرجات السبع العام الماضي، وتميُّز مشهد الجسم التعليمي الرسمي الأساسي والثانوي والمهني بالوحدة والتكاتف تحت شعار "معاً كنا ومعاً سنبقى، وضعنا الكتف على الكتف والساعد بالساعد للحفاظ على وحدة التشريع في القطاع التعليمي والسلسلة الموحدة للرتب والرواتب"، إلا ان هذا النجاح لا يزال غير كافٍ في ظل تأكيد المعلمين/ات على وجود مخطّط للإستمرار في تقويض التعليم الرسمي، أولى علاماته، بحسب المعلّمين/ات حرمان صناديق المدارس الرسمية من مستحقاتها، مقوّمات صمودها، وخرق السلسلة الموحدة للرتب والرواتب.ويرى العاملون والعاملات في هذا القطاع ان هذا المخطط يواكبه الفساد المستشري والتدخل السياسي والمذهبي إضافة إلى فوضى في المناهج والبرامج الدراسية، وتقليص النفقات العامة على التعليم.
مما لا شكّ فيه، ان أية خطة تعتمدها وزارة التربية اللبنانية لتحسين واقع التعليم الرسمي لا تتضمن حق وإلزامية التعليم للجميع، تعزيز ريادة التعليم الرسمي وتكافؤ الفرص مع التعليم الخاص وتوفير ميزانية كبيرة وفاعلة ، لا يمكن أن تؤمن الدعم المادي والمعنوي المطلوبين لتطوير الكادر التعليمي وتعزيز وضع الأساتذة، الذين يعملون على بناء أجيال هذا الوطن، وبالتالي يتوقع إستمرار مسلسل الكر والفر بين الأساتذة والدولة،الذي ينعكس سلباً على نوعية التعليم الرسمي في ظل الخطوات التصعيدية التي قد يتخذها الأساتذة.