"المجتمع المدني" و"التربية على المواطنية": مدارس الطوائف تعمق أزمة الانتماء

حذرت ندوة "تيار المجتمع المدني" من أن "خطورة المدارس الدينية لا تكمن في تعليمها للدين انما في امتلاك كل طائفة تصوراً مختلفاً عن الوطن، ما يعمق أزمة الانتماء الوطني ويعيد انتاج النظام الطائفي.
عقدت الندوة أمس في فندق بادوفا، سن الفيل، بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش ايبرت ـ لبنان" وبعنوان "التربية على المواطنية في مجتمع متعدد الطوائف: مدارس الطوائف وأبناء الوطن"، وذلك بمشاركة ممثلة مدير عام التربية فادي يرق، سناء الحلوة وممثلة "فريدريش إيبرت" آرييلا غروس ومنسق "تيار المجتمع المدني" باسل عبد الله ومنسق لجنة التربية في التيار على خليفة وبحضور مدراء مدارس وأساتذة وأكاديميين ومنسقين تربويين من مختلف المدارس اللبنانية وفعاليات دينية وثقافية ـ وأهلية.
وتحدث عبد الله عن "سعي التيار الى بناء الدولة المدنية التي تعيد الاعتبار للمواطن كقيمة انسانية وتشكل مدخلاً الى المواطنية الحقيقية وعن العمل لتكوين المواطن الحر الديموقراطي".
وأمل "تطوير السياسة التربوية وتخطي العثرات التي تحول دون تطبيق مناهج وسياسات تربوية تنمي وعي الطالب اللبناني وتمكنه من النظر الى زميله على مقعد الدراسة كمواطن لا كآخر مختلف".
واشادت غروس "بتوجه شعوب المنطقة العربية الى المطالبة بحقوقها وبظهور تيار جديد في لبنان يطالب بالمواطنة والمجتمع المدني وباسقاط النظام الطائفي الذي يميز بين أبناء الوطن الواحد".
وألقت الحلوة كلمة وزارة التربية فأكدت "حرص الوزارة على تعزيز المواطنية في نفوس الطلاب". "بالنظر الى غياب مفاهيم التربية على السلام بشكل واضح داخل كتب التربية الوطنية والتاريخ والجغرافيا، والى غياب التوافق حول مادة التاريخ في لبنان، ومحدودية الفرص ضمن اطار النظام التربوي الحالي لبناء ذاكرة جماعية، ومن أجل تخفيض الانقسامات الطائفية، تسعى الوزارة الى تعزيز مفاهيم بناء السلام وخدمة المجتمع، والتربية المواطنية من خلال أنشطة تربوية، لاصفية، متنوعة، ومن خلال انشاء أندية مدرسية متعددة".
وعرض خليفة لاشكاليات الندوة وأهدافها في العمل على "تربية اجيال حافظة لهويتها العربية، واعية لتراثها، متخطية العصبيات الطائفية الدينية والمذهبية، ومتحررة من مظاهر التبعية السياسية الدينية والفروقات الاجتماعية الطاغية في لبنان".
وقال: "ادت اشكالية ارتباط التربية في المدارس بالدين إلى الفشل في بناء الانتماء الوطني وصولاً الى اعادة انتاج النظام الطائفي والى سيل الدماء في الشارع، وهذا ما اظهرته دراسة ميدانية اجريناها على 22 ثانوية لبنانية شملت 1400 طالب، حيث تبين وجود ازمة انتماء وطني وتشتت شعور الانتماء الجماعي لدى المواطنين وتباعد عناصر الثقافة المواطنية لديهم، إذ لا يأتي شعور الانتماء للوطن إلا في مرتبة أخيرة بنسبة لا تتعدى 27 في المئة من طلاب مدارس العينة".
وتحدث عن "تفاوت كبير بين التلاميذ في النظرة إلى ما يعتبرونه عيداً وطنياً"، مشيراً إلى أن "معظم مدارس القطاع الخاص في لبنان تابعة للطوائف الدينية وتطبق مناهج دراسية خاصة تتضمن تعليماً دينياً موجها إلى فئة دون سواها".
ودعا خليفة إلى "صياغة مشروع تربوي متكامل يقترح ادخال مادة الثقافة الدينية مكان كافة اشكال التعليم الديني والعقائدي والشعائري في المدارس الرسمية والخاصة".
بعدها، عقدت جلسات تمحورت حول "دور التربية في الدين ومكان الدين في المدرسة" و"المدارس التابعة للطوائف الدينية: تاريخها، أسباب تأسيسها وموقعها في القانون وفي المجتمع"، و"وجهة نظر الدولة وواقع المدارس الرسمية"، كما تم عرض تجارب حول حصص التعليم الدينية في المدارس. وركزت الجلسات والنقاش على ان "خطورة المدارس الدينية لا تكمن في تعليمها للدين، إنما في امتلاك كل طائفة تصوراً مختلفاً عن الوطن، ما يكرس غلبة الانتماء للعائلة والطائفة على حساب الوطن وما يطرح بالتالي أهمية بناء مدرسة المواطنية التي تعمل على بناء تصور موحد عن الوطن وللوطن".
ونبّه المشاركون من ان "هناك خلطاً خطيراً بين الدين والممارسة الطائفية ومن ان هناك مشكلة كبيرة في مَن يعلّم هذا الجيل الجديد وبالأخص من يعلّم مادة التربية المدنية والتنشئة الوطنية في مدارسنا؟"، متسائلين "ان كان من المفروض ان يتم إلغاء التعليم الديني في المدارس أم المضي بالاصلاح الديني عبر تأهيل أساتذة التعليم الديني، لاسيما وأن التفتيش الرسمي من قبل وزارة التربية ممنوع منعاً باتاً في المدارس الخاصة، فكيف نتأكد من انها تعلم المنهج اللبناني وتعزز المواطنية والانتماء؟".(المستقبل 10نيسان2011)