«أزمة التربية في لبنان لا تتعلق بوجود أشكال متوازية من التعليم، أي الرسمي والخاص والأهلي والأجنبي والديني، بل في بنية التعليم نفسه»، يقول د. سعود المولى، عضو المكتب التنفيذي للجنة الوطنية لليونسكو. وفي ورشة عمل لمنظمة اليونسكو عن «التربية من أجل التنمية المستدامة»، يسوق الأستاذ الجامعي مجموعة أسئلة تتناول ملامح الأزمة «ما الحكمة في جعل وقت الدراسة يبدأ قبل الثامنة صباحاً؟ ألا يمكن أن تكون عند التاسعة كما في معظم دول العالم، ما يجنّب البلد ازدحامات الصباح الشهيرة، ويعطي الولد وقتاً للنوم؟ ألا يمكن التوقف ساعة أو ساعة ونصف ساعة للغداء داخل المدرسة، كما كان يحصل في السابق؟ ألا يمكن إلزام الإدارات توفير باصات شرعية للنقل تستوفي شروط الصحة والسلامة العامة؟ ألا يمكن إبقاء كتب التلميذ محفوظة في المدرسة بدلاً من أن يحمل معه إلى البيت شنطة وزنها 20 كيلوغراماً وحتى30؟ هل قرأ أحد منكم كتب التربية والتاريخ والجغرافيا الخاصة بالحلقة الثالثة من التعليم الأساسي؟ هل يعقل أن نطلب من طالب في الثالثة عشرة أن يحفظ عشرات الصفحات عن أمور لا علاقة له بها، ولا علاقة لها أصلاً بالتعليم الصحيح والتربية السليمة؟».
«فاشلون في تربيتنا وتعليمنا». هكذا، يختصر رئيس المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية الأب عبدو رعد الواقع في لبنان. يسأل: «من منّا لا ينتقد الطبقة الحاكمة والأوضاع القائمة؟ هل أعطانا التعليم أمناً اقتصادياً وسياسياً وحضارياً؟ أين درس حكام هذا البلد ومواطنوه؟»، ويجيب: «كلهم وكلنا درسنا في مدارس لبنانية وببرامج تعليمية لبنانية، وها نحن على ما نحن عليه الآن: قلة احترام للإنسان، وتصنيفه حسب الطائفة والمذهب والمنطقة والتبعية والزعائمية ومستوى المعيشة، قلة احترام للطبيعة والبيئة وهدر وسرقة وفساد». وما يحتاج إليه الشاب اللبناني، بحسب رعد، هو «تعليم مشوّق ومتّصل بالحياة خارج مقاعد الدراسة، ومعالِج للمشاكل التي تعترض حياتنا، تعليم دائم في البيت ومكان العمل والشارع».
مع ذلك، بث وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة أجواءً تفاؤلية حين قال إنّ «اضطراب مؤسساتنا التربوية ومشاكلها الطائفية لا يمنعانها من تطبيق مفهوم التنمية المستدامة والتمسك بالأمل بالإصلاح، الذي لا يتحقق بكبسة زر، بل بالرؤية التي نحوّلها إلى برامج، والبرامج إلى قوانين ومراسيم». ورأى أنّ مؤسسات المجتمع المدني تستطيع أن تؤلف هيئات رقابية على المشاريع الإصلاحية الرسمية، سائلاً المشاركين في الورشة: «من منكم أتى إلينا وناقش خطتنا التربوية الخمسية؟ أجزم أن أكثر من 50% منكم لم يروا الخطة أصلاً ولم يسمعوا بالمشاكل التي تعترضها، ولا سيما بالنسبة إلى التمويل».
أما الورشة، فتستهدف الشباب من أجل مساعدتهم على التصرف بمسؤولية، وتوجيه الأنماط السلوكية لديهم لتكون أكثر استدامة ورفقاً بالبيئة. وبناءً عليه، تقتصر مشاركة الشباب على زراعة الأشجار في اختتام الورشة، التي يشارك في أعمالها أساتذة وناشطون في مجال البيئة والعمل التطوعي.(الأخبار29نيسان2011)