مسارب الهدر في لبنان كبيرة وعديدة بتعـدد الوزارات والإدارات، ونادراً ما تجد وزارة أو إدارة لا تشهد هدراً للمال العام نتيجة عوامل عدة أبرزها الفساد والترهل الإداري وتفشي الطائفية والمحسوبية السياسية.
وتتضخم المبالغ المهدورة بقدر تضخم الموازنات المخصَّصة للوزارات والإدارات. والكتابة في ما يلي عن الهدر في قطاع الصحة وفي كلفة الاستشفاء، لا تعني أنها القطاع الوحيد الذي يشــهد ذلك، بل تم اختياره نظراً لأهميته ودوره الأساسي في تأمين صحة وسلامة اللبنانيين.
القطاع الصحي ونفقاته
يتداخل عمل العديد من المؤسسات الحكومية في تأمين الصحة والاستشفاء للبنانيين، وتخصّص لها مبالغ فــــي الموازنة العامة سنوياً وصل مجموعها تبعاً لمشروع قانون موازنة العـــام 2010 إلى مليار و261 مليون ليرة تتوزع على المؤسسات المختلفة على الشكل الآتي:
- وزارة الصحة العامة: 486 مليارا وستة ملايين ليرة منها 320 مليار ليرة نفقات الاستشفاء في القطاع الخاص.
- الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي: 350 مليار ليرة (تساهم الدولة بنسبة 25 في المئة من نفقات فرع المرض والأمومة، كما تتحمل اشتراكات المضمونين العاملين لديها).
- تعاونية موظفي الدولة: 170 مليار ليرة.
- الاستشفاء العسكري: 174 مليار ليرة.
- وزارة الشؤون الاجتماعية: 25 مليار ليرة (مقدَّرة).
- صناديق التعاضد الحكومية: 55 مليار وسبعمئة مليون ليرة.
تؤمن تلك الهيئات استشفاء نسبة 92 في المئة من اللبنانيين من بينهم أربعون في المئة على نفقة وزارة الصحة العامة. وهناك نسبة ثمانية في المئة من اللبنانيين، يعتمدون إمّا على التأمين الخاص الذي يسددون كلفة أقساطه، أو يتحملون كلفة استشفائهم مباشرة.
نفقات وزارة الصحة العامة
وصلت موازنة وزارة الصحة العامة في مشروع قانون العام 2010 إلى 486,658,209،000 ليرة موزعة على أبرز الأبواب التالية:
÷ أدوية: 91 مليار ليرة
÷ المخصّصات والرواتب والأجور وملحقاتها: 27.4 مليار ليرة
÷ مساهمة لتشغيل المستشفيات الحكومية الجديدة: 12 مليار ليرة
÷ مساهمة للصليب الأحمر اللبناني: 4.3 مليارات ليرة
÷ مساهمة لجمعية الشباب المسيحية لتأمين أدوية الأمراض المزمنة: 4.9 مليارات ليرة
نفقات استشفاء في القطاع الخاص: 320 مليار ليرة منها 229 مليار ليرة نفقات الاستشفاء في القطاع العام والخاص، ومنها 30 مليار ليرة نفقات الاستشفاء في مستشفيات الإقامة الطويلة، و61 مليار ليرة استشفاء في المستشفيات الحكومية منها 21 مليارا لمستشفى الشهيد رفيق الحريري الجامعي.
إلى ذلك، يعنى العديد من الجمعيات والهيئات المرتبطة بمرجعيات دينية وسياسية بالوضع الطبي، وهي تتلقى مساهمات من الوزارة، ومن أبرز المستفيدين:
÷ كاريتاس لبنان: 500 مليون ليرة
÷ صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان: 300 مليون ليرة
÷ مساهمة لبنك العيون: 85 مليون ليرة
÷ مساهمة للجنة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة: 175 مليون ليرة
÷ مساهمة لدعم البرنامج الوطني للتمريض في لبنان: 160 مليون ليرة
÷ مساهمة لمركز التلاسيميا: 450 مليون ليرة
÷ المركز الوطني للتنمية والتأهيل: 145 مليون ليرة
÷ دار الأيتام الإسلامية: 220 مليون ليرة
÷ مؤسسة الدكتور محمد خالد: 220 مليون ليرة
÷ مؤسسة المعوقين - بيت شباب: 145 مليون ليرة
÷ المركز الأرثوذكسي - بيت القديس جاورجيوس: 70 مليون ليرة
÷ مأوى عجزة الروم: 70 مليون ليرة
÷ دار الصداقة في زحلة التابع للرهبانية المخلّصية: 55 مليون ليرة
÷ مأوى العجزة - تل شيحا زحلة: 55 مليون ليرة
÷ مؤسسة الشهيد (حزب الله): 100 مليون ليرة
÷ الحركة الاجتماعية: 135 مليون ليرة
÷ جمعية عناية ورعاية شؤون الطفولة: 200 مليون ليرة
÷ الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين (رندة بري): 900 مليون ليرة
المستشفيات المتعاقدة مع وزارة الصحة العامة
كما سبق وبيّنا تتعاقد وزارة الصحة العامة مع معظم المستشفيات الخاصة والمستشفيات الحكومية (112 مستشفى) لتأمين استشفاء اللبنانيين غير المنتسبين لأيٍّ من المؤسسات الحكومية الضامنة (القوى العسكرية، الضمان الاجتماعي، تعاونية موظفي الدولة). وقد بلغت الاعتمادات المخصّصة لهذه الغاية 320 مليار ليرة في مشروع قانون موازنة العام 2010 مقارنةً بـ 305 مليارات ليرة في مشروع قانون موازنة العام 2009.
وقد توزّعت هذه الاعتمادات في العام 2009 كما يلي:
أولاً: المستشفيات الخاصة وبلغت الإعتمادات المخصّصة لها ١٨٨,٢٤٧,٠٤٨,٠٠٠ ليرة
ثانياً: بلغت الإعتمادات المخصّصة للمستشفيات الحكومية ٠٠٠,,٣٥,١٠٠,٠٠٠ ليرة
ثالثاً: أمراض عقلية ونفسية (سبع مؤسسات) وبلغت الاعتمادات المخصّصة لها 11,375,712,000 منها، دير الصليب 5,715,900,000 ليرة، دار العجزة الإسلامية: 3,350,000,000.
رابعاً: مراكز الأطراف الاصطناعية والأجهزة التقويمية (28 مركزاً) وبلغت الاعتمادات المخصّصة لها: 61 مليون ليرة.
خامساً: مستشفيات الأمراض المزمنة وبلغت الاعتمادات المخصّصة لها: 12,510,925,000 ليرة.
سادساً: مؤسسات الشلل والإعاقة القابلة للتأهيل وغير القابلة للتأهيل والغيبوبة والأمراض الصدرية وأمراض السمع والنطق وبلغت الاعتمادات المخصّصة لها: 4,370,840,000 ليرة.
أسباب الهدر
إنّ أسباباً كثيرة تكمن وراء الهدر في قطاع الصحة والاستشفاء منها:
غياب الرقابة والتدقيق سواء في ضرورة إدخال المريض إلى المستشفى أو عدمه.
غياب التدقيق في الفواتير والأعمال الطبية والاستشفائية المقدّمَة للمرضى لا سيما منهم الذين على نفقة وزارة الصحة العامة. وعلى سبيل المثال، في أثناء قيام لجنة من وزارة المالية في العام 1999 بالتدقيق في فـــواتير المستشفيــات الخاصة التي لها مستحقات بذمة وزارة الصحة، تبيَّن أنّ أحد هذه المستشفيات في زحلة قدَّم علاجاتٍ نسائيةً لمريض ذكر، وبعضها قـــدَّم لمريـــض أدويـــة عديدة وبكميات كبيرة لو أخذها حقاً لكان لقي حتفه. وسبب ذلك وجــود سبعين طبيباً مراقــباً لنحو مئتي مستشفى ومؤســسة طبــية، وبالتالي هنـــاك استحالة لمراقـــبة عملها وعــلاجات المرضى.
شراء المستشفيات لتجهيزات طبية تفوق الحاجة ولجوء الأطباء إلى طلب إجراء فحوصات ربما تكون غير ضرورية بواسطة تلك المعدات لتأمين مردود مالي يغطي كلفتها ويـــسمح بتجديدها في السنوات اللاحقة. وعلى سبيل المثال، يوجد في فرنسا مركز واحــد لجراحة القلب المفتوح لكل 800 ألـــف مواطن بينـــما في لبنان يوجـــد مــركز واحد لكل 200 ألف. انعدام الرقابة على أسعار الدواء ما يرفع كلـــفة فاتـــورة الدواء بشكل كبير. غياب التنسيق الفعّال بين المؤسســـات الحكومية الضامنة لجهة التعريفات الاستشفائية وآليات المراقبة.
إنّ إنفاق الحكومة نحو 800 مليون دولار لتأمينٍ جزئي لاستشفاء اللبنانيين مضافاً إليه إنفاق القطاع الخاص وكذلك إنفاق الأفراد ما قد يرفع الكلفة الصحية والاستشفائية إلى أكثر من ملياري دولار، هو رقم كبير، لو تم إنفاقه بشكل سليم ضمن أطرٍ واضحة ومؤسسات تعمل بشكلٍ صحيح، لتحقَّق الاستشفاء الكامل لمجموع الشعب اللبناني وبكلفة أدنى بكثير.
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مؤسسة مستقلة أنشئ في العام 1963، ويتولى إدارة نظام الضمان الاجتماعي بمختلف فروعه وهي:
ضمان المرض والأمومة
ضمان طوارئ العمل والأمراض المهنية (غير مطبق)
نظام التقديمات العائلية والتعليمية
نظام تعويض نهاية الخدمة
يبلغ الملاك المحدد للصندوق 2,119 وظيفة لكن عدد الوظائف المشغولة منها يبلغ 1,250 وظيفة.
يبلغ عدد المؤسسات المسجلة في الصندوق 48,089 مؤسسة منها 114 مؤسسة تابعة للدولة.
يبلغ عدد المنتسبين إلى الصندوق 552,383 منتسباً من بينهم 10,376 أجيراً لدى الدولة، 40,187 سائقاً عمومياً.
يبلغ عدد المستفيدين من التقديمات الصحية والاستشفائية حوالي 1.200,000 مستفيداً أي حوالى 33% من الشعب اللبناني المقيم. يتعاقد الصندوق مع المستشفيات والأطباء والصيدليات والمختبرات لتوفير الخدمات المطلوبة للمضمونين، ووصل عدد المستشفيات المتعاقدة إلى 135 مستشفى، والأطباء إلى 10,489 طبيباً، والصيدليات إلى 2,188 صيدلية والمختبرات إلى 365 مختبراً ومراكز الأشعة إلى 113 مركزاً.
تصل موازنة فرع المرضى والأمومة إلى نحو 600 مليار ليرة سنوياً وتبلغ مساهمة الدولة منها نحو 220 مليار ليرة.
[ ملاحظة: ينشر الموضوع في مجلة الشهرية العدد الرقم 90 الصادر في نيسان 2001. (السفير 5 نيسان 2011)