مخيمات تفتقر الى أدنى شروط العيش، تضيق بأهلها ويسودها العمران العشوائي ويعاني قاطنوها واقعاً صحياً واجتماعياً وتربوياً سيئاً. باختصار، هذا هو حال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث يغيب الاهتمام الرسمي وتتقلّص خدمات الأونروا ما يضاعف معاناة شعب كان ولا يزال يرزح تحت وطأة الفقر والبؤس في ظل غياب الحلول.
ضرورة معالجة هذا الواقع دفع بالمؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بالتعاون مع "الغوث الإنساني للتنمية" الى إعداد دراسة عن احتياجات المخيمات والتجمعات الفلسطينية رصدت كل المخيمات فوجدت أنها تتشابه في مجالات عدة الى حد التطابق.
المشاكل
مجموعة من العوامل ساهمت في تفاقم مشاكل المخيمات، كالمنازل غير الصالحة للسكن وصغر مساحتها واكتظاظها بالسكان، والواقع البيئي المتردي جراء تراكم النفايات في الأزقة والطرقات حيث تنتشر الحشرات وتنبعث الروائح الكريهة، الى جانب انسداد بعض شبكات الصرف الصحي وتلوث مياه الشفة التي بمعظمها غير صالحة للشرب ومشاكل شبكة الكهرباء كاهتراء الأسلاك والضغط عليها بتمديد خطوط إضافية، وكذلك وضع الطرقات السيئ التي تكثر فيها الحفر والمطبات وتفتقر للإنارة.
وبحسب الدراسة، فإن الشباب على الرغم من حالة اليأس فإنهم يجدون في الأندية الرياضية والكشفية متنفساً لهم على الرغم من أنها تشكو بدورها غياب التجهيز.
في الموضوع التربوي، ظهر جلياً أن مدارس الأونروا تفتقر في معظمها الى التجهيزات، فالمكتبات لا تتوافر فيها الإصدارات العلمية الجديدة وأجهزة الكومبيوتر والأثاث، وكذلك فالملاعب صغيرة ومياه الشفة غير صالحة للشرب ودورات المياه تفتقر الى الشروط الصحية، بالإضافة الى أن أسلوب التلقين هو السائد والاهتمام هو بالمدارس الثانوية على حساب المدارس الابتدائية والمتوسطة. وهذا ما يبدو جلياً في التفاوت في الامتحانات الرسمية، كما أن الأونروا لا تدير إلا مدرسة ثانوية واحدة في كل منطقة، وهي لا تلحظ برامج للمتسربين ولا تدير أي روضة من رياض الأطفال التي تتبع بمعظمها لفصائل فلسطينية، كما يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة نقص الخدمات وقلة المراكز المتخصصة لرعايتهم.
في الواقع الصحي، مؤشرات مقلقة أظهرتها الدراسة التي بيّنت أن المخيمات تعاني مشاكل صحية هائلة في ظل تراجع خدمات الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني وغياب الرعاية اللازمة وعدم توافر الأدوية وافتقار المختبرات للتقنيات اللازمة لإجراء تحاليل وأشعة يحتاج اليها المرضى.
وفي الجانب الاقتصادي، أوضحت الدراسة أن نسبة كبيرة من اللاجئين تعيش تحت خط الفقر نظراً لارتفاع نسبة البطالة وتقليص خدمات الأونروا وتحديد المهن التي يحق للفلسطيني ممارستها، بالإضافة الى ارتفاع الأسعار.
الحلول
حلول من شأنها التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني لحظتها الدراسة التي لفتت الى "ان العبرة تبقى في التنفيذ".
في الموضوع التربوي، شددت الدراسة على ضرورة استحداث المختبرات والمكتبات في المدارس وتأمين وسائل النقل للطلاب وفحص المياه وتوسيع دورات المياه. أما في أساليب التدريس فدعت الى إلغاء نظام الترفيع الآلي واعتماد كتب ومناهج دراسية خاصة وتزويد المدارس بوسائل الإيضاح السمعية والبصرية وإدخال مادتي تاريخ وجغرافيا فلسطين، بالإضافة الى إنشاء مدارس خاصة ومراكز تدريب مهني ورياض للأطفال.
وفي الاحتياجات الصحية، طالبت الدراسة بإنشاء مستشفى مناطقي مركزي في أماكن انتشار اللاجئين وإنشاء مستوصفات وتجهيز المستشفيات بالمعدات اللازمة وتوفير سيارات إسعاف ومراكز لعلاج المعوقين، بالإضافة الى إعادة تأهيل مستشفيات الهلال الأحمر وتطوير معداته وتحسين أوضاع الموظفين فيها.
وتطرّقت الى ضرورة تحسين الأونروا لخدماتها عبر زيادة عدد الأطباء العاملين فيها وتطوير عملها داخل المخيمات، كما دعت الفصائل الفلسطينية الى بناء المؤسسات الصحية ودعم الموجود منها وطالبت الدولة اللبنانية بالسماح للفلسطينيين بالحصول على تأمين صحي من صندوق الضمان وتقديم العلاج المجاني لهم في المستشفيات الحكومية والسماح للأطباء والصيادلة بمزاولة المهنة.
وخلصت الدراسة الى ضرورة تلبية الاحتياجات الاجتماعية من توسعة مساحة المخيمات أو إنشاء تجمعات جديدة لتأمين المساكن وتوسعة المقابر وزيادة عدد حاويات النفايات وإزالتها يومياً وصيانة شبكات الصرف الصحي ومراقبة مياه الشفة بإجراء الفحوصات وإنشاء محطات تكرير وتحديث شبكة الكهرباء وتعبيد الطرقات وإنارتها وتأمين مواقف للسيارات، بالإضافة الى تلبية الاحتياجات الاقتصادية كالسماح للاجئ بمزاولة جميع المهن وإنشاء مصانع وتوفير قروض وتأمين الاحتياجات الثقافية والرياضية والكشفية للشباب وتوفير مؤسسات للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
إطلاق الدراسة
الدراسة كانت قد أطلقت في مقر نقابة الصحافة في حضور ممثلي الجمعيات الفلسطينية واللبنانية.
واستهل المؤتمر بترحيب من محمد الشولي، ثم كانت كلمات لكل من فؤاد الحركة باسم نقيب الصحافة محمد البعلبكي ومحمود الحنفي باسم "شاهد" وقاسم عينا باسم "المؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني" وطلال مصطفى باسم "الغوث الإنساني" تم التشديد فيها على ضرورة معالجة الواقع الصعب للاجئين وتوفير حقوقهم الإنسانية. (المستقبل 7 نيسان 2011)