الساعة تشير إلى الثانية عشرة من ظهر امس الأول، في حرم الجامعة الكندية في عينطورة. من المفترض أن يتجمّع الطلاب في تحرك اعتصامي، إصراراً منهم على سلسلة من المطالب، وأولها: تحديد موعد لانتخاب هيئة طلابية في الجامعة ترعى وتطالب بحقوق الطلاب.. إلا أنهم تراجعوا عن فكرة الاعتصام، وأجلوه الى يوم الجمعة المقبل، إتاحةً منهم للمجال أمام ادارة الجامعة التي كانت قد وعدتهم بالرد على مطالبهم.
وكانت مجموعة من الطلاب قد بدأت يوم الخميس الماضي، «ثورتها» المسالمة على تأجيل الإدارة لموعد الانتخابات الطلابية من بداية العام الجامعي الى المنتصف منه، بحجة «أمن الجامعات»، ومن ثم إلى بداية العام المقبل، من دون أي تعهد خطي بإعادة تنظيمها، «حتى صارت القصة هروب الى الأمام»، حسبما قال المحتجون.
وإلى المطالبة بالانتخابات، يستنكر الطلاب، عبر اعتصامهم، «الزيادات المفاجئة التي فرضتها الجامعة على الأقساط ومن دون سابق إنذار، مع بداية الفصل الثاني من الدروس»... بالإضافة الى «قرار الادارة المفاجئ بطرد رئيس خلية «القوات» في الجامعة الطالب مايكل مزهر، على أثر مطالبته بانتخاب هيئة طلابية تطالب بدورها بخفض القسط الجامعي»، حسبما أشار مشاركون في اعتصام نظمه الطلاب، يوم الخميس الماضي ظهراً، خارج الصفوف: «قرار طرد مزهر لم يصدر بسبب معدله العام المنخفض كما بررت الجامعة موقفها»، يقول الطالب عمر راضي، الذي سأل عن «سبب التشديد على قصة المعدل المنخفض في هذا الوقت بالذات، ولم يكن الأمر هاماً قبلها».
ويؤكد راضي أنه وعددا كبيرا من زملائه، تلقوا «اتصالات هاتفية تهدد بطردنا من الجامعة وبتكسير رؤوسنا من قبل أشخاص ادعوا أنهم من المخابرات»، التي لاحظ الطلاب وجودها في أرجاء الجامعة يوم الجمعة الماضي، الى جانب عناصر الجيش الذين طوقوا باب الجامعة. في المقابل، تولى الأمن الخاص بحرم الجامعة تفتيش الداخلين اليها، «ولدينا صور تشهد على كل ذلك»، يضيف راضي. وأسف الأخير لعدم مشاركة «فئة معينة من الطلاب» في التحرك والتزامها الصمت. و»ربما لأنهم يعيشون في المريخ ولم يتأثروا بعد بغلاء المعيشة ولا مشكلة لديهم في دفع أي زيادات» كما لفتت الطالبة جوزيان التي دعت الى «عدم تسييس الموضوع واعتباره نزاعا بين القوات والعونيين، اذ انه موضوع طلابي بحت ويجب علينا عدم السكوت عنه مهما هددنا سواء بعلاماتنا أو حتى بطردنا من الجامعة».
في المقابل، اعتبر رئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور روني أبي نخلة، أن «الموضوع الأساسي يدور حول الطالب مايكل مزهر المسجل في الجامعة للفصل الثاني ومعدله 0,91 /4,3 بينما عليه أن يحصل على 2/4,3 كحد أدنى للاستمرار ببرنامجه. وقد وُجّه إليه تأنيب شفهي كمرة أولى وفق نظام الجامعة، ومن ثم مرة ثانية شفهياً، إذ كان يتعاطى سياسة في قلب المؤسسة الجامعية، ما يعتبر ممنوعاً منذ عشر سنوات. فلا انتخابات هيئة طلابية، فيما تلك الموجودة في الجامعة هي غير سياسية، بل تمثل الصفوف، خاصة على مستوى النشاطات الأكاديمية والترفيهية ودعم الحياة الدراسية في قلب المؤسسة. وأراد مايكل الدعوة لانتخابات طلابية وأفهمناه أن ذلك ممنوع، فراح يوزع المناشير وكان مدعوما من أشخاص من الخارج، أي من الحزب الذي ينتمي اليه، وكانوا يديرون العملية في الجامعة... وبعد التأنيبين الأولين، بُلّغ خطيا بأنه يخل بنظام الجامعة ويخلق بلبلة في المؤسسة، وأن معدله منخفض... اضطر مجلس الجامعة بعد شهر، على عدم تغير أدائه، إلى اتخاذ التدابير بفصله».
وذكر أبي نخلة أن «لمايكل أخاً يدعى أنطوان وهو تلميذ مثالي في الجامعة لا يتعاطى السياسة وعلاماته جيدة جداً، ما يؤكد أن مجلس الجامعة لم يأت بقرار «تصلبطي» على الطالب. ولكن من المؤسف أن التدخلات الخارجية بقيت قائمة بعد الفصل، وراحوا يشككون بأداء الجامعة على موقع القوات اللبنانية وعلى الفايسبوك... نحن لا نريد تسييس الجامعة، نمثل مؤسسات جامعية دولية مما يمنعنا من التصرف بأي تصرفات لا تليق بتلك المؤسسات واتفاقات التعاون معها».
وتابع أبي نخلة مؤكداً أن الإدارة مجمعة على الإصرار على أن «الانتخابات ممنوعة، ولن يكون هناك انتخابات، خاصة لدقة الموضوع في منطقة كسروان، بين حزبين ضد بعضهما البعض. كما لن نقبل بفريق صغير من 15 الى عشرين طالباً في الجامعة بأن يخلوا بأمن ونظام 1800 طالب». واستغرب أبي نخلة الحديث عن سيارات ذات زجاج أسود داكن تدخل إلى الجامعة، وذكر أنها «الجامعة الوحيدة التي تملك اتفاقيات مع قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي، والأمن العام، والأمن الدولي، والجمارك، والمدرسة الحربية.. فيأتي ضباط من تلك المؤسسات ليدرسوا في الجامعة، ولدى معظم هؤلاء موقع مسؤولية في أقسامهم التي تؤمن لهم سيارات خاصة بهم... لتقف اتفاقياتنا عند الحد التربوي والأكاديمي. هذا ولم يكن الجيش في محيط الجامعة الجمعة الماضي، لتطويق الطلاب كما قالوا، بل أتى حضور عناصر الجيش اثر المحاضرة التي حضرها طلاب من الجامعة منذ ثلاثة أشهر، مع ضباط من الجيش... فما كان على القيادة الا أن تأخذ احتياطاتها خارج حرم الجامعة اثر علمها بالدعوات الى الاعتصامات. لكننا لا ننكر أننا اتصلنا بأهالي الطلاب المعتصمين لتنبيههم عن تصرفات أولادهم المخلة بالنظام. كما أننا نتصل بكل الطلاب ان غابوا مثلا، في متابعة نفخر بها».
أما الزيادات الجديدة على الأقساط، والمطالبة بهيئة طلابية تعمل على خفض تلك الزيادات، فقد أكد أبي نخلة أن الإدارة لم تتلق يوما طلباً بذلك، «بل اقتصرت مطالب الطلاب على الهيئة الطلابية وإدخال السياسة الى الجامعة. ويمكن للممثل عن كل صف أن يتقدم بورقة لمجلس الجامعة الذي يدرس وضع كل طالب. فالادارة موجودة أولا وأخيرا لتقف بجانب الطلاب»، كما ختم أبي نخلة. ويجتمع الطلاب المعتصمون حاليا لدراسة الخطوات التالية، رداً على موقف الادارة.
يذكر أن بياناً موقعاً باسم «طلاب الجامعة الكندية»، تحت عنوان «لتبقى لنا الحرية التي اذا خسرناها خسرنا الحياة»، قد وزّع في حرم الجامعة، دعا الطلاب، من جديد، للاعتصام المفتوح داخل الحرم: «كرمال حرية التعبير والديموقراطية، وكرمال يوصل صوت كل واحد منكن... بعدما، ولأول مرة بتاريخ الجامعات في لبنان، يتعرض طلاب الجامعة الكندية لأبشع محاولات الضغط والترهيب والترغيب (اتصالات على البيوت وتهديد بشحط من الجامعة، اتصالات من أناس مجهولين يدعون أنهم من المخابرات وأنهــم يريدون تكسير رؤوســنا وحبسنا ... وكثــير كثير من المضايقات). ونحن نتأسف على الطريقة المنحــطة من التعاطــي، خاصة أن كل جريمتنا كانت المطالبة بحقوقنا المشروعة... ونحن نشفق عليهم ونقول لهم: اذا كان للباطل جولة، فللحق ألف جولة وجولة...».(السفير 11 أيار2011)