التزم القطاع التربوي الرسمي في التعليم الأساسي والثانوي، وفي التعليم المهني والتقني، وفي الجامعة اللبنانية، بالإضراب التحذيري الذي أعلنته هيئة التنسيق النقابية أمس، بنسبة مئة في المئة، كما التزم تسعون في المئة من المدارس الخاصة، في حين لم تلتزم الجامعات الخاصة بالإضراب، الذي جاء استنكاراً ورفضاً لحالة الجمود والفراغ السياسي الحاصل في البلاد، ودعوة من اجل الخروج من هذه الحالة، ورفضاً لعجز السلطتين التنفيذية والتشريعية والمرجعيات كافة عن معالجة هذا الواقع، وتحذيراً من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وارتفاع الأسعار، وتأكيداً على ضرورة تصحيح الأجور وإقرار غلاء المعيشة بما يوازي نسبة التضخم.
فقد توقفت الدروس أمس، في القطاع الرسمي وفي تسعين في المئة من الخاص، وحضر عدد من أعضاء الهيئات الإدارية والتعليمية الى مكاتبهم من دون الطلاب. وتفاوتت نسبة الالتزام بالإضراب في القطاع الخاص بين منطقة وأخرى، في حين سجل التزام تام من قبل المدارس الكبرى، مثل المدارس الكاثوليكية، المقاصد، الإنجيلية، الأرثوذكسية، العاملية، والإيمان بالإضراب.
وأوضح نقيب معلمي المدارس الخاصة نعمه محفوض لـ«السفير» بأن نسبة الالتزام بالإضراب في المدارس الخاصة كانت تسعين في المئة، بينما بعض «الدكاكين التجارية» التي تدفع رواتب أقل من الحد الأدنى لمعلميها و«ترعبهم» بحسم رواتبهم إن هم تغيبوا، لأنهم غير منتسبين للنقابة، هذه هي المدارس هي التي لم تقفل أبوابها.
ولفت الى أن الإضراب الذي نفذ أمس كان من أنجح الإضرابات، لأنه ديموقراطي وسلمي ونفذ من دون أي ضغوط سياسية أو غير ذلك. وبالنسبة الى إضراب السائقين العموميين اليوم الخميس، أكد محفوض أن اليوم هو يوم تدريس عادي، وأنه سيذهب الى مدرسته، شأنه شأن كل المعلمين، و«انه لا يحق لأحد أن يمنعه من الوصول الى مدرسته، كما فعلت النقابة وهيئة التنسيق بدعوتها للإضراب التحذيري».
وأكد رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني فاروق الحركة لـ«السفير» أن الالتزام بالإضراب كان مئة في المئة في جميع مدارس ومعاهد التعليم المهني، وأن الامتحانات العملية والشفهية التي كان موعدها اليوم (أمس)، قد تم تأجيلها الى مواعيد أخرى بمذكرة صدرت عن المديرية العامة للتعليم المهني والتقني حملت الرقم 21/2011. وأشار الى أن الهيئة الإدارية كانت تتابع منذ صباح أمس، المدارس والمعاهد، تحسباً من أي ضغوط قد تمارس، «إلا أن الأمور سارت بشكل طبيعي».
وبعد نجاح الإضراب العام، توجّهت هيئة التنسيق النقابية في بيان لها بالتحية للعاملين في القطاعات من أساتذة ومعلمين وموظفين، تقديراً لالتزامهم بموقف هيئة التنسيق الرافض لحالة الجمود السياسي وللواقع الاقتصادي الذي يزداد تأزماً يوماً بعد يوم، ويتجلى ذلك في الارتفاع الجنوني للأسعار، لا سيما في أسعار المحروقات والمواد الغذائية الضرورية، في حين تبقى الأجور مجمدة على حالها.
وعاهدت هيئة التنسيق الأساتذة والمعلمين والموظفين في سائر القطاعات التعليمية الرسمية والخاصة كما في الإدارات العامة، بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال استمرار هذا الواقع المتردي، وبأنها ستلجأ إلى تحركات وخطوات تصعيدية التزاماً منها بواجبها النقابي والنضالي، وصولاً إلى تحقيق الغايات التي كانت منطلقاً لإضرابها هذا اليوم.
بدورها توجّهت نقابة المعلمين في لبنان في بيان من جميع المعلمين بجزيل الشكر والتقدير «للموقف الوطني الموحد والجامع الذي تجلّى بالالتفاف حول نقابتهم والالتزام الشامل بقرارات مجلسها بالإضراب العام استنكاراً ورفضاً لتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتوسّع رقعة النزف في القطاعات كافة، وتزايد الجمود والخسائر في القطاعات الخدماتية وتدني مستوى النمو وتراجع النمو الاقتصادي وتقلّص فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة، كل ذلك ترافق مع انكشاف عقم النظام بجميع أركانه عن ولادة حكومة تسعى الى بعث الحياة في المؤسسات الدستورية والعمل على حماية لبنان وتحصينه من تداعيات وشظايا الاهتزازات الإقليمية».
واعتبرت «ان الموقف الموحد والوطني الجريء الذي اتخذتموه والذي أدى الى نجاح الإضراب، إنما يدلّ على حسٍ مسؤول ويعبّر عن صرخة مدوية في وجه المسؤولين كافة ليتحملوا المسؤولية عن تبعات تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية والحياتية وما يهدد الوطن واستقراره في وقت يسود الفراغ والتهرب من تحمل المسؤولية من المعنيين كافة والسكوت على كل ما يجري ونحن دائماً من يدفع الثمن».
وأعلنت النقابة «أن صرختنا هذه لن تذهب سدى وستتبعها خطوات أخرى تصل الى مسامع المسؤولين لكي يعودوا الى صوابهم بتحمّل المسؤولية أمام الشعب الذي يتغنون صبح مساء بالدفاع عنه محذرين بأننا سنعمد وبالتنسيق مع هيئة التنسيق النقابية الى التصعيد المبرمج بدءاً من تكرار الإضراب لعدة أيام وصولاً إلى الدعوة إلى التظاهر والاعتصام والنزول إلى الشارع لكسر حال الجمود السياسي ولإسماع المسؤولين وجع الناس وأولوياتهم وللحفاظ على بلدنا لبنان من المصير البائس الذي يدفع إليه». مواقف اكدت لجنة الاساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية اثر اجتماع عقدته في كلية العلوم - الفرع الأول دعم تحرك هيئة التنسيق النقابية، إضراباً واعتصاماً وتظاهراً، دفاعاً عن مطالبها المحقة، معلنة توحيد الموقف والتسلح به في المواجهات المقبلة.
وأصدرت اللجنة المركزية للأساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي بياناً بعد اجتماع طارئ لها دعت فيه جميع المتعاقدين إلى الإضراب العام اليوم الخميس «تضامناً مع قضيتنا ودعماً للاتحادات النقابية في المعركة، من أجل إلغاء كافة الرسوم والضرائب المتعلقة بمادتي البنزين والمازوت». مناطق والالتزام بالإضراب في حاصبيا والعرقوب «السفير» كان جزئياً، بحيث لم تلتزم به معظم المدارس الخاصة في حين كان بنسبة ثمانين في المئة في المدارس الرسمية، وعقد المدرسون سلسلة اجتماعات تباحثوا خلالها بمطالبهم المزمنة.
وعمّ الإضراب العام مختلف المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والجامعة اللبنانية في منطقة النبطية «السفير» وتعطلت الدروس فيها، ونظم المعلمون جمعيات عمومية، فيما لم تلتزم بالإضراب المدارس الخاصة التي فتحت أبوابها بشكل طبيعي أمام الطلاب.
ولبت جميع المدارس الرسمية والمعاهد والفروع الجامعية في راشيا والبقاع الغربي «السفير»، دعوة هيئة التنسيق النقابية إلى الإضراب، فيما لم يلتزم عدد من المدارس الخاصة في الإضراب.
على الرغم من فتح بعض المدارس الخاصة أبوابها، فإن القطاع التربوي الرسمي في البقاع الأوسط «السفير» نفذ إضراباً عاماً وشارك في الإضراب كليات الفرع الرابع في الجامعة اللبنانية التي أقفلت أبوابها أيضاً بالكامل.
وفي بعلبك «السفير» التزمت المدارس الرسمية بالإضراب، وسجلت خروق في الإضراب التربوي من قبل بعض إدارات المدارس الخاصة التي فتحت أبوابها متجاوزة الدعوة للإضراب من قبل هيئة التنسيق النقابية.
وعمّ الإضراب مدارس طرابلس ومنطقة الشمال «السفير» حيث التزمت الأكثرية الساحقة من المدارس الرسمية والخاصة ودور المعلمين بتوصية هيئة التنسيق النقابية، وتوقفت الدروس بشكل كامل فيها، وشهدت بعض الأقضية الشمالية خروقات بسيطة في مدارس خاصة.(السفير 19 ايار 2011)