أصوات أهالي مؤسسة الكفاءات وموظفيها وتلامذتها المعوقين كانت أمس صرخات محقة أمام وزارة الشؤون الاجتماعية. أرادوا لقاء وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ لأن أولادهم من ذوي الحاجات الخاصة في منازلهم وخارج المؤسسة فيما الموظفون لم يتقاضوا رواتبهم. إذا لا دواء ولا قوت ولا غد مشرق لـ2500 معوق في الكفاءات و600 عائلة هم اليوم في الشارع كما قال الموظف عصام القارح في كلمته امام الوزارة.
اعتبر وزير الشؤون الإجتماعية سليم الصايغ أن التحرك لم يكن في المكان المناسب لأن المشكلة هي في وزارة المال التي لم تؤمن السيولة لتوفير المستحقات، بسبب عمل اجهزة رقابة الدولة للتدقيق في عقود المؤسسات. وأكد الصايغ في هذا السياق، أن الروتين الإداري والمالي يتكرر كل سنة وهذا ما يعرفه المسؤولون عنهم والقاصي والداني". وللمناسبة دعا الصايغ الى إجتماع اليوم في الوزارة لمتابعة الملف وعلق قائلاً: "كأن القضية متوقفة على قرار مني ولم أقدم عليه!".
ما بين السطور
لكن يبدو أن التحرك يخفي قطبة مخفية في ملف مؤسسات المجتمع المدني المتعاقدة مع وزارة الشؤون الإجتماعية. فقد برر الصايغ تأخر دفع المستحقات المتراكمة للمؤسسات منذ 10 أشهر بأنه يعود الى تدقيق أجهزة رقابة الدولة بمضمون بعض العقود. لكن بعض المصادر أفادت "النهار" أن أجهزة رقابة الدولة تحتاج الى غطاء سياسي لمراقبة بعض المؤسسات والدخول إليها ومحاسبتها على أي مخالفة. وأشارت المصادر عينها الى أن بعض المؤسسات الخيرية التي تديرها بعض نساء يرتبطن بسياسيي الصف الأول أضحت اليوم مصدرا لمغانم تخطت كل معقول. كما تساءلت المصادر عما إذا كانت أجهزة الدولة قادرة على مساءلة بعض المؤسسات الخيرية الدينية أو المدنية وتصويب مسارها وقفلها اذا كانت تسير عكس مضمون عقودها!!!.
إذا، القضية بما هي عليه تشبه كرة الثلج التي تكبر يوماً بعد يوم. والموضوع يتخطى مؤسسة واحدة ليشمل قطاعا في حد ذاته. ومهما يكن، فالتحرك بدأ بالتجمع في الشوارع الفرعية لمبنى الوزارة والتي قفلت تماماً بكراسي المعوقين وأهاليهم. ضابط الإيقاع الوحيد هو مكبر الصوت الذي كان يحض الجمهور على المطالبة برؤية الوزير الصايغ أي بالقول عالياً: بدنا الوزير بدنا الوزير أو"يا وزير نزال"!!. وتكاثرت أعداد ذوي الحاجات الخاصة واهاليهم الذين جاؤوا بالباصات للمشاركة إيماناً منهم بحقهم في العيش.
بعض العاملين في الوزارة أفادوا ان الوزير الصايغ غادر منذ 15 دقيقة للمشاركة في احتفال دعت اليه الوكالة الوطنية للإعلام في فندق الحبتور وذلك لمناسبة مرور خمسين عاماً على انطلاقتها.
وقد وعدنا خيراً بقدوم الصايغ الى المحتشدين الذين زاد غضبهم. أغمي على بعض الصغار المقعدين على كراس نقالة، فتوافرت لهم مياه للشرب ليستعيدوا شيئاً من نشاطهم وليصرخوا مع اهاليهم بدنا الوزير!!!.
في هذه الأثناء، اقترح أحد العاملين في مكتب الوزير الصايغ تشكيل لجنة مصغرة للتفاوض أو حتى نقل المطالب، وهذا ما رفضه المتظاهرون طبعاً. علا التصفيق فعرفنا أن الوزير الصايغ حضر لمصارحة الحضور. تخطت بعض الأمهات أدب الكلام معه والبعض الآخر نقل الوجع والهم والألم. أراد الصايغ الكلام فطالبه الجمهور بحق الكلام قبله، فتحدث باسمهم عصام القارح وهو موظف في الكفاءات حمل مكبرا للصوت وقرأ رسالة مفتوحة الى الصايغ. نقل القارح عتبه على المسؤولين "الذين يتولون مناصب عليا باسمنا كما قال، وهم لا يقدّمون لنا في المقابل حدا أدنى من الخدمات". وشخّص القارح الوضع الصعب التي آلت إليه الحال، داعياً الصايغ الى إطلاق سراح العقود ورفع الظلم عن المستفيدين منها.
اما الوزير الصايغ فقد فوجئ بإنسحاب الجمهور قبل أن يتلو كلمته. ورغم ذلك، تحدث الى الصحافيين، معتبراً أن التحرك هو "خطوة مفاجئة من دون علم سابق". واستغرب تحرك مؤسسة الكفاءات التي تصل مستحقات عقدها مع وزارة الشؤون الى 5 مليارات ليرة سنوياً. ووزع المكتب الإعلامي لوزارة الشؤون كلمة الصايغ أمام الصحافيين، والتي أكد فيها على تضامنه مع مطالب المعوقين. وشدد الصايغ في هذا السياق أنه سيكون إلى جانبهم". ولفت الى أن وزارة الشؤون تواكب العملية الإدارية التي تشهدها الوزارة كل سنة ويتابع باهتمام بالغ حقوق المعوقين ومطالبهم. وأعلن أنه التقى الجمعة الماضي أكثر من 70 من المؤسسات التي تعنى بهم باستثناء ممثل عن مؤسسة الكفاءات لغيابهم عن الاجتماع. وقال الصايغ بأنه نتج عن اللقاء وضع آلية عمل واضحة وشفافة سعياً وراء الحلول الممكنة".
في المقابل، وزعت مؤسسة الكفاءات بياناً ذكّرت فيه بالمطالب التي سبق أن اثارتها في كتاب مفتوح الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وذكر البيان أن الكفاءات هي واحدة من 350 مؤسسة اجتماعية لم تتقاضَ مستحقاتها من الدولة منذ عشرة أشهر، وهي تعد ُّ لوحدها 1000 معوق أي سبع الموجودين في جميع المؤسسات في لبنان.
كما تمنت الكفاءات أن تقر دراسة سعر الكلفة المولجة به وزارة الشؤون الاجتماعية والذي تدفع الدولة مساهمتها على أساسه، تعود الى 7 سنوات لفئة المعوقين و15 سنة عن الحالات الاجتماعية والأيتام وباقي الفئات وصولاً الى طلب ديوان المحاسبة تقليص مخصصات المؤسسات بنسبة 20 في المئة وهو مبني على احتساب خاطئ لسعر الكلفة من دون ان تحرّك الوزارة ساكناً. وذكر البيان بأن عقود الرعاية العائدة للسنة 2011 لم توقع الى اليوم رغم مرور 4 أشهر على بداية العمل فيها.
روزيت فاضل
(rosette.fadel@annahar.com.lb )