«الشؤون» تعلن عن خط ساخن لـ«أطفال الشوارع» ولا تحدّده

لم يعد خافياً على أحد أن عدد أطفال الشوارع إلى ازدياد في لبنان، فالطرقات الرئيسية تكتظ منذ ظهيرة كل يوم وحتى مسائه، بمجموعات منهم، تتكوّن من أطفال من سنّ الرابعة حتى الثانية عشرة أو الثالثة عشرة.
وكانت الظاهرة قد خفتت لأعوام، الا أنها عادت لتنمو تدريجاً موازية بين مختلف المناطق. وقد تفاقمت حتى دخلت حلبة السجال بين وزارة الشؤون الاجتماعية ولجنة الأم والطفل النيابية، حين أطلق النائب نبيل نقولا بياناً نارياً، بعيد التئام اللجنة، يؤكد فيه أن الوزارات والجهات التنفيذية المعنية بمعالجة الموضوع تتقاعس عن إتمام واجباتها، مطالباً بإعداد مشروع قانون يراقب، ويعالج، ويجرّم كل من يتهم بالوقوف خلف تلك الظاهرة. وقد أتاه الردّ باسم وزارة الشؤون الاجتماعية، يؤكد فيه وزيرها سليم الصايغ أنه يتخذ كل التدابير اللازمة لمعالجة تلك الآفة لا سيما من خلال تعديل القانون 422.
وبين مزايدات اللجنة والوزارة، ما زال عدد الأطفال في الشوارع يتزايد، فيما الرواية هي نفسها تتكرّر في أروقة الوزارة وبين أعضاء اللجنة، لتشير إلى وجود مافيات تدفع للأهل مبلغاً مقطوعاً، في مقابل استئجار أولادهم للتسوّل. كما تخصص نسبة من الغلّة لعناصر أمنية مقابل غضّ النظر عما يشهدونه على الطرقات.
لكن، تأتي تلك الرواية المشتركة في مواجهة تفاصيل تتناقض معها، حول جنسية الأطفال ومناطقهم، ما يعني أن الحلّ الوحيد يبقى في يد المواطن، ويتمثل بالمقاطعة. فتنتفي حاجة «المافيات» إلى الأطفال، لكونهم لن يعودوا مصدر رزق.
غير أن ذلك لا يلغي ضرورة أداء المؤسسات الحكومية المختصة لدورها!
فأعلن الوزير الصايغ، أمس، خلال المؤتمر الصحافي الذي أعدته الوزارة لإطلاق برنامج «تعزيز المؤسسات اللبنانية ودعم الفئات الأكثر تهميشاً على المستوى المحلي»، أنه، عطفاً على ما تضمنه البيان الوزاري من تعهدّ الحكومة بمواجهة الظاهرة، نظمت الوزارة سلسلة اجتماعات مع المعنيين، ومنهم قضاة في قضايا الأحداث وجمعيات أهلية مهتمة. وتمخضت الاجتماعات عن مجموعة خطوات، منها «حث قضاة الأحداث على اتخاذ قرار الحماية القضائية لأطفال الشوارع وتحويلهم إلى الجمعيات الأهلية المتعاقدة مع الوزارة، وتأمين أماكن إضافية لهؤلاء الأطفال في تلك الجمعيات، ووضع آلية تنسيق بين وزارتي الشؤون والعدل لتتابع حالات الحماية القضائية في الجمعيات والمؤسسات للكشف عن الثغرات ووضع الحلول اللازمة لها».
وقد أطلقت الوزارة أمس برنامجاً، مدته ثلاث سنوات، لا تقتصر أهدافه على معالجة قضية أطفال الشوارع وحدهم، بل يهدف إلى إتمام أربعة نتائج رئيسية، قامت بعرضها خلال المؤتمر الصحافي الذي أعدّ في الوزارة للمناسبة، مديرة البرنامج سلام شريم. أولى تلك النتائج هي تطبيق نموذج المدن الصديقة للطفل، وقد اختارت الوزارة ثلاث بلديات لتنفيذ ذلك، كنموذج، وهي بلديات الجديدة والشياح وعجلتون. وسوف يتمّ من خلالها «الاستماع إلى مشاكل الأطفال والشباب، وإيجاد الحلول المشتركة وإعداد البرامج والنشاطات الضرورية لهم». كما يهدف البرنامج إلى «مراجعة الإطار القانوني لكل ما يتعلّق بوضع الأطفال والشباب، وإلى إنشاء خطّ ساخن» لن تفصح عن أرقامه شريم، كون الفريق المولج تشغيله لم يجهز بعد.. وبالإضافة إلى هدف رابع، وهو إنشاء مركز توثيق، من قبل جامعة «الحكمة» يتضمّن بيانات ودراسات حول أوضاعهم لتوعية الرأي العام ولمساعدة أصحاب القرار على اتخاذ الخطوات اللازمة جراء المشاكل التي تطرأ.
ولم تتخلل حفل إطلاق البرنامج أية تفاصيل حول الخطط، أو الآليات المقرر اتباعها لبلوغ تلك الأهداف. لكنّ الصايغ أشار إلى أن المجلس الأعلى للطفولة، بالتعاون مع «جامعة القديس يوسف»، أنجز مشروع تعديل القانون 422/2002 المعني بالأحداث المخالفين للقانون والأحداث المعرضين للخطر. وهو يضم إليه اقتراح استحداث «وحدة الحماية الاجتماعية» في الوزارة لمتابعة الحالات. كما قام المجلس بإطلاق لجان تنسيقية خاصة بالطفولة، لوضع خطة وطنية شاملة تعنى بأوضاع الطفولة في لبنان.
ويتمّ تنفيذ البرنامج بالشراكة مع مكتب التعاون الإنمائي التابع للسفارة الإيطالية في لبنان، بقيمة مليون ونصف مليون يورو، قدمت كمساهمة من الحكومة الإيطالية، وقد تحدث في مناسبة إطلاقه سفير إيطاليا في لبنان جيوسيبي مورابيتو، فلفت إلى ان إيطاليا خاضت مسيرة طويلة في سبيل تعزيز موقع الطفولة، معدّداً سلسلة من الخطوات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة ومنها إنشاء الخط الساخن.
كما كان وزير الداخلية والبلديات زياد بارود حاضراً فأشار إلى أن «ما نعيشه اليوم على مستوى بعض الوزارات من تنسيق مدعاة سرور وإن كان ذلك يجري في زمن تصريف الأعمال، فنشعر ببعض الخجل تجاه بعض مواطنينا لأننا دخلنا الوزارة للخدمة وتحولنا في الثلث الأول من الولاية الى تصريف الأعمال، ولذلك نشعر ان ما دخلنا من اجله الى الخدمة بات بربع الصلاحيات وبثلث الإمكانات وبات ما لا يذكر على مستوى الفعالية». وأضاف: «تخيلوا اننا ومنذ العام 1943، نحاول ان نقدم للبنانيين الحد الأدنى المطلوب من حقوقهم وغالبا ما نعجز عن تقديمه».