بيان حكومي جديد يستمر في تهميش الحقوق الاجتماعية للمواطنين/ات

مرة أخرى، تطل علينا حكومة جديدة بمشروع بيان وزاري فضفاض، فيما تعود المواطن/ة على ان تبقى الوعود الحكومية حبراً على ورق في خضم تفاقم الخلاف السياسي الحاد في البلاد.
وما لفت في البيان الوزاري لحكومة اللون الوسطي المعارض سابقاً هو أن القطاعات الإجتماعية الثلاثة الرئيسية (التعليم، الصحة والشأن والأمان الإجتماعي) لم تحظ سوى بإهتمام يسير مقارنة بالإهتمامات الحكومية الكبرى الأخرى (الإقتصادية والسياسة الداخلية والخارجية والمحكمة الدولية).
وعليه، إستحوذت تلك العناوين على أربع فقرات من بيان ضمّ 43 بنداً، ويمكن أيضاً ضم عدد من الفقرات التي تتعلق بشؤون التنمية الإجتماعية وحقوق المواطنة، منها فقرة مخصصة للنساء وأخرى للشباب وللزراعة وللتعاون مع المجتمع المدني، أي بكلام آخر لا يتجاوز مجموع حقوق المواطن المباشرة الأربع بنود، فيما إستحوذت السياسة على أكثر من 16 بنداً، والقطاعات الإقتصادية والبنى التحتية على أكثر من 15 بنداً.
لم تخرج توليفة البنود الإجتماعية عن النهج الإعتيادي، الذي اعتمدته حتى الآن كل الحكومات السابقة مركزة على ضرورة توسيع خدمات الحكومة، الإصلاح وتحسين نوعيتها.
ففي المجال الصحي، يركز البيان على تطبيق نظام البطاقة الصحية وسعي الحكومة لتغطية غير المضمونين وتربوياً، على رفع مستوى جودة التعليم خصوصاً التعليم العالي، وعلى تلبية حاجات سوق العمل وخصوصاً بالنسبة للشباب.
أما على صعيد الرعاية والأمن الإجتماعيين، ستعمل الحكومة الجديدة على استهداف الأسر الفقيرة ومساعدتها مالياً ومتابعة تطبيق قانون220/2000 الخاص بذوي الإحتياجات الخاصة، وإصلاح واقع الضمان الإجتماعي والإسراع في إقرار قانون التقاعد والحماية الإجتماعية.
وفي المحصلة، يمكن الإستنتاج من قراءة سريعة للبيان الوزاري الجديد النقاط التالية:
- لا تحظى القضايا الإجتماعية للمواطن بصدارة الإهتمامات الحكومية على خلاف الأولويات السياسية من جهة (1701، المحكمة الدولية، الوفاق الوطني وإعداد الإنتخابات المقبلة)، ومن جهة أخرى، إعادة تحفيز النمو الإقتصادي المتراخي وتحديث البنى التحتية المتآكلة.
- على الرغم من سعي الحكومة لتوسيع التغطية الصحية والإجتماعية والتركيز على الفئات الأكثر فقراً، تبقى المقاربة الإجتماعية المعتمدة في تلك المجالات قاصرة عن الإلتزام بالحقوق الإجتماعية للمواطن/ة والتي تتضمن الحق بالتعليم المجاني للجميع وبتكافؤ الفرص، تأمين الرعاية الصحية وبأسعار عادلة، توفير تغطية لجميع المواطنين/ات سواء عبر الضمان أو الأمان الإجتماعي.
وأخيراً وليس آخراً، نعيد التأكيد أن العقبة الكأداء التي تحول دون تحقيق الحقوق الإجتماعية للمواطنين/ات تكمن في إمتناع الحكومات اللبنانية منذ الإستقلال وحتى الآن عن لعب الدور الضامن الموفر والمنظم للخدمات الصحية والتربوية والإجتماعية ووضع ضوابط وحدود للحرية المطلقة التي تتمتع بها المؤسسات الخاصة وخصوصاً تلك التابعة للطوائف وفقاً للدستور، فيما تستنزف تلك المؤسسات الموارد المالية للدولة من خلال المخصصات المالية التي تحصل عليها من الحكومة.