مستشفى بنت جبيل الحكومي يتجاوز اختبار «يوم النكبة».. ويعد خطة طوارئ

شكل الخامس عشر من أيار الماضي يوماً مفصليا للإداريين والأطباء والممرضين العاملين في "مستشفى بنت جبيل الحكومي"، فما بعد ذلك اليوم، لن يكون كما قبله.. كما هي حال المناسبة الأصلية لذلك التاريخ الذي ارتبط بيوم النكبة. ولعل وصف أحد الإداريين في المستشفى الوضع في ذلك اليوم المشهود، بأنه "كان كحال من وضع أمام امتحان من دون موعد مسبق، ومن غير تحضير"، يوضح الصورة التي كان عليها المشهد، مع بدء توافد سيارات الإسعاف التي نقلت الجرحى إلى قسم الطوارئ في المستشفى، من خراج بلدة مارون الراس حيث استهدفهم جنود العدو الإسرائيلي. وكان يصل إلى طوارئ المستشفى من الجرحى بمعدل خمسة أشخاص في السيارة الواحدة أحياناً. ومما صعّب ذلك "الامتحان" الذي انتهى بإنجاز مقبول، حداثة عهد المستشفى من جهة، وبعض الثغرات التي كانت لتكون قاتلة في أماكن أخرى كعدم وجود مفاتيح مخزن الأدوية داخل مبنى المستشفى أثناء توافد الجرحى والمصابين، وعدم جهوزية الإدارة التنفيذية للمستشفى استعداداً لأي أحداث دراماتيكية خلال ذاك اليوم، بشرياً ولوجستياً، من جهة أخرى. إلا أن ذلك الصرح الطبي استطاع خلال ساعات عمل مضنية أن يكون بطاقمه الطبي مثالاً في العطاء والتضحية. كما استطاع "مستشفى بنت جبيل الحكومي" أن يشكل رافداً مساعداً، وأساسياً على صعيد المنطقة، لـ "مستشفى الشهيد صلاح غندور" في بنت جبيل، على الرغم من الفارق الواضح في الإمكانيات لصالح المستشفى الحكومي، وذلك من ناحية التجهيزات (حيث بلغت كلفة تجهيزاته نحو مليون دولار)، أو لناحية البناء، وعدد الغرف والأسرة. وقد استقبل المستشفى الحكومي نحو ثلاثين جريحاً في الخامس عشر من أيار. ووفق أحد العاملين في مستشفى بنت جبيل الحكومي، فـ "منذ اللحظة الأولى لسماعنا الخبر قمنا بالاتصال مباشرة بالمدير الدكتور زياد عساف، الذي استطاع في المسافة الفاصلة بين بلدته رميش ومستشفى بنت جبيل، استدعاء معظم الكادر الطبي اللازم في مثل تلك الحالات"، وأشار أحد الأطباء إلى أنه وزملاءه، بالتعاون مع المدير، كانوا في بحث للعمل على وضع خطة طوارئ وكوارث للأوضاع المشابهة قبل يوم النكبة، "نظراً للخصوصية الأمنية لمنطقة بنت جبيل الحدودية، وقد تم العمل بقسم كبير من تلك الخطة خلال تلك الأحداث". وعن تقييم الأداء العام للعاملين في المستشفى أثناء يوم النكبة وما بعده، يشير رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور توفيق فرج إلى أن "ردة فعل المستشفى، على رغم حداثته، كانت ممتازة حيث تمكنّا من معالجة العديد من الحالات الحرجة"، مشيراً إلى أن الأطباء والعاملين في المستشفى "استطاعوا أن يتكيفوا في وقت سريع مع حالة الطوارئ". وحول الاستعدادات ليوم الأحد المقبل، حيث من المفترض أن تتوجه التظاهرات مجدداً إلى بلدة مارون الراس في ذكرى النكسة من العام 1967، أشار الدكتور فرج إلى أن "الكادر الطبي والبشري في المستشفى على أهبة الاستعداد لأي تطورات، نأمل ألا تحصل، كما أن جميع التجهيزات اللوجستية في المستشفى جاهزة للعمل". كما شكّل "يوم النكبة" مناورة عملانية لجميع أقسام المستشفى، وكيفية التنسيق في ما بينها، على أن المشوار ما يزال في بدايته، فالمستشفى، وفق فردوس فردوس "منتهى آمال الشريحة الأكبر من أهالي البلدة والمنطقة، لإنهاء حالة الحرمان التي عاشوها على الصعيد الصحي، وبالتالي فإن على المستشفى أن يثبت حضوره على الأرض، لا سيما أننا نعيش في منطقة خضاتها الأمنية كثيرة". وأشار فردوس إلى أن "المستشفى ما يزال بحاجة إلى تأمين كادر طبي متخصص في أنواع معينة من الأمراض والجراحات. كما أننا بحاجة إلى تعزيز بعض الأقسام لا سيما بشريا، كالمختبر، بالإضافة إلى تأمين جراحين بشكل دائم وأطباء اختصاص لغرف العناية المركزة". ويبقى عدد من الأمراض والحالات، التي لم تجد لها علاجاً بعد في منطقة بنت جبيل على الرغم من وجود المستشفى فيها، فمرضى الفشل الكلوي ما زالوا يقصدون صيدا للقيام بعمليات الغسل الأسبوعية، التي قد تصل الى ثلاث جلسات. ويتألف المستشفى، بحسب ما هو مقرر من 15 قسماً صحياً وخدماتياً. ويضم 120 سريراً، كما هي الحاجة الفعلية للمنطقة، وفق دراسة مسبقة لـ "مجلس الإنماء والإعمار"، وفق المعايير الطبية العالمية. ويلفت أحد العاملين في المستشفى، إلى أن ذلك الصرح "يحتاج إلى دعم مالي سريع، وزيادة في مخصصاته، وإلا فإن الشهر المقبل سيشهد أولى اعتصامات عمال وموظفي مستشفى بنت جبيل الحكومي للمطالبة بدفع رواتبهم".