المعلمون في المدارس الخاصة في لبنان، الخمسون ألفاً، يضعون اليومَ أيديهم على قلوبهم، خوفاً من تاريخ 5 تموز، ذلك أنَّ المادة 29 من قانون المعلمين في القطاع الخاص تعطي مدير المدرسة الحقَّ في صرف المعلم من الخدمة، قبل الخامس من تموز، من كل سنة.
وهذا الحقُّ المطلقُ يُعطى لأيِّ مديرٍ، في صرف أيِّ معلمٍ من الخدمة وعليهِ. فالخمسون ألفاً ينتظرون، جميعهم متساوون أمام إرادة هذا المدير أو ذاك، ولو كان لا يساوي فلسيْنِ في ميدان التعليم...
الجميع ينتظرون، أيأتيهم هذه السنة حكمُ الاعدام المؤجل؟ يكفي كتابٌ مضمونٌ مع إشعار بالتسلم من المدير، إلى المعلم الأجير، يشكر له فيه خدماتِهِ...
هذا القانون العرفي وضع في العام 1956 بدعم من : المراجع الدينية والسياسية المتحالفة دوما. وهو لا يزال الآمر الناهي بدعم هذه المراجع في صورة فاضحة.
وهو قانون، أقل ما يقال فيه انه يُحلُّ قتلَ مستقبل الافراد والجماعات. هو قانون وثني ليس فيه شيء من الإنسان ولا من الله، وليس له شبيهٌ حتى في البلدان المتخلفة.
وهو قانون حرام عليك تعديله... وهو خط أحمر عند المسيطرين على التربية في لبنان:
المرجعيتان الدينية والسياسية. ومن يسعَ الى تجاوز هذا الخط يُشرَّدْ : (عباس قاسم... أمين سر نقابة المعلمين صُرف مرتين في السبعينات، وصُرف بعده النقيب السبعلاني مراتٍ ستاً...). أما لماذا لم يصرف نقابيون قبلهما، أو، بعدهما، فلأنهم شملتهم وتشملهم بركة أصحاب المدارس ولأنهم أصحابٌ وهذا القانون الجاهلي!
وعليه أخيرا وهنا النتائج الأخطر لهذا القانون ومنها :
1 - جعل المعلم في المدرسة الخاصة عاملا موسمياً.
2 - جعل مدير المدرسة على العموم السيد المتجبر وجعل المعلم على العموم أيضا الأجير الجبان.
3 - والمعلم الجبان لا يعلم أبناء لبنان الحرية والعنفوان أي لا يعلم أبناء لبنان معنى لبنان!
4 - وهذا القانون وغيره جعل الشباب اللبناني يعزف عن مهنة التعليم التي لا تؤمن له مستقبلا، وفي ذلك خسارة جسيمة للتربية.
5 - وحماية لهذا القانون الوحشي يستميت أصحاب المدارس في السيطرة على نقابة المعلمين وتشريد كل نقابي حر.
6 - ومعلوم أن المعلم في القطاع الرسمي غير خاضع لمثل هذا القانون وهذا شيء خطير على التربية في بلادي.
يا أيتها المادة 29 من قانون المعلمين أنا عدوك نقيبا، ومعلما، حاملا من ظلمك مكاتيبَ صرف ستة. أنا عدوك وإن لم أكن مسؤولا لأن في صمت المسؤولين ارتهانا لك، ورقصا على مئات العائلات التي ستشردها المجازر التربوية في تموز.(النهار 18 حزيرام2011)