أسامة القادري
19 عاماً مرّت على بناء مستشفى مشغرة، وإلى الآن لم يُفتتح. على ما يبدو، إن المسؤولين والمعنيين نسوا، أو لم يصل إلى مسامعهم، أن في منطقة مشغرة في البقاع الغربي مستشفى بُني مع تعيين أول حكومة بعد الطائف، ولم يُبصر النور إلى الآن. وعلى ما يبدو أيضاً، أن لا علم لهم بأن لا مستشفى في المنطقة، وأن الأهالي مضطرون إلى الخروج بعيداً عن بلداتهم للوصول إلى أقرب مكان للعلاج.
في عام 1992، اتخذ مجلس الجنوب قراراً ببناء صرح استشفائي يقدّم أقله الإسعافات الأولية. يومها، عمل المجلس على أساس ألّا يطول أمد البناء وأن يُجهَّز في أسرع وقتٍ ممكن ليخدم منطقة كانت عرضة للاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة. هكذا، بدأ العمل وانتهى بلمح البصر، لكن لم تكن النهاية كما هو متوقع؛ إذ لم يفتتح المستشفى، وبقي مجرد بناء، يمرّ المرضى بجانبه كأنه غير موجود.
تحوّل الصرح الاستشفائي مع مرور الزمن إلى مستنقع لأمطار الشتاء والوحول، بعدما سدّت الحجارة وأوراق الأشجار التي تزنره مجاري تصريف المياه فيه. حتى إن الزمن فعل فعلته به؛ إذ اهترأت اللافتة التي كانت تحمل اسمه ولم يعد فيه زجاج «واقف» في مكانه. كله تكسّر وكلّه تغير، فيما «الحسنة الوحيدة» أنه تحوّل إلى مكان يلعب الأطفال في زواياه.
جولة واحدة فقط قد تكون كافية للاطلاع على حال المبنى المتهالك، الذي يحتاج الآن إلى صيانة قد تفوق كلفتها كلفة بنائه مجدداً.
لكن، مع ذلك، يبدو من المفيد الالتفات إلى حاله وإعادته إلى الحياة، وخصوصاً أنه صرح استشفائي لا تستفيد منه مشغرة فقط، بل جميع قرى غربيّ بحيرة القرعون وعدد من قرى جزين. أكثر من عشر قرى تحتاج إلى وجوده؛ لأنه يمثّل شرياناً أساسياً للمنطقة، ولأن أقرب مستشفى يبعد عن مشغرة 25 كلم، وعن بقية القرى 45 كلم. وماذا يفعل الأهالي؟ «بنموت على الطرقات»، يقول علي حمود ابن بلدة سحمر. فهذا الرجل لا يثق بأنه «بعد كل هذه السنوات سيُفتتح مستشفى اسمه مستشفى مشغرة». ما يقوله ابن سحمر يؤكده حسن يونس، ابن مشغرة، بقوله: «لا أحد يلتفت لحال البلدة التي تعاني نقصاً في كل شيء: في الخدمات الصحية والاقتصادية...». يستغرب الرجل هذا الإهمال «مع العلم بأن الهبات عم تجي على وزارة الصحة»، ويسأل: «أين هي الهبات الكندية التي وصلت إلى الوزارة ووعدتنا بها عام 2006؟».
وفي اتصال مع رئيس بلدية مشغرة جورج الدبس، أكد أن البلدية «راجعت المعنيين ووزارة الصحة مراراً وتكراراً لافتتاح هذا المستشفى، وكان الجميع يعيد أسباب التأخير إلى العجز المالي وعدم توافر أي جهة مانحة تجهزه على نفقتها». وأمل الدبس أن تلحظ الحكومة الجديدة «حاجة المنطقة إلى الخدمات الصحية؛ فبسبب هذا النقص يفقد أبناؤنا حياتهم على الطريق الفاصلة بين بلداتهم وأقرب مستشفى». ويختم بالقول: «الحل سهل، إذ لا يوجد بناء منذ 20 سنة، وتوجد كفاءات إدارية وطبية من أبناء المنطقة، فليعملوا على توفير تجهيزات ومعدات تدريجاً وليفتتحوه».
أقسام المبنى
بنى مجلس الجنوب مستشفى مشغرة على نفقته الخاصة على قطعة أرضٍ قدمتها حركة أمل في عام 1990. لم يأخذ بناؤه الكثير من الوقت، كما هي حال المرافق في لبنان؛ إذ انتهى العمل به مع بداية عام 1992. غير أن نهاية العمل لم تكن موعداً لافتتاحه؛ إذ أعلن المعنيون في وزارة الصحة مراراً أن لا قدرة على افتتاحه بسبب العجز عن توفير التجهيزات. وبالعودة إلى المبنى، فهو يتألف من أربع طبقات مقسمة بين غرف المرضى والعيادات الخارجية والمختبرات. أما عدد الأسرّة التي قد تستوعبها طبقات غرف المرضى فهي بحدود مئة سرير، فضلاً عن الأسرّة التي قد تستوعبها العيادات.