عجز مالي كبير بفعل عدم دفع الجهات الضامنة لمستحقاتها دورياً
حقّق مستشفى سبلين الحكومي منذ انطلاقته بالعمل في العام 2006، إنجازات كبيرة على المستوى الطبي والاكاديمي، بفضل جهود القيمين عليه، ورعاية واحتضان فاعليات المنطقة، والمجتمع المدني له، حيث استطاع أن يثبت نفسه ويحتل مكانة كبيرة في منطقة قريبة من مجموعة من المستشفيات الخاصة المنافسة له، فكان أن تحول المستشفى الى مقصد لجميع أبناء اقليم الخروب والشوف وساحله، كونه يقدم أفضل خدمة للعناية الصحية بأقل سعر ممكن، على اعتبار أنه مؤسسة عامة معنية بخفض كلفة الفاتورة الصحية، بعدما كان أغلبية مواطني الاقليم يقصدون مستشفيات صيدا. هذا في وقت يسعى المستشفى الى تحسين خدماته الصحية بصورة مستمرة عبر مواكبة كل جديد من الناحية الصحية والادارية، إذ تشتد المنافسة وتتسع رقعة الإنتشار السكاني. ويضم المستشفى 53 سريراً و11 سريراً للجراحة، وهي موزعة على الاقسام التالية: الطبابة والجراحة العامة وجراحة العظم والمفاصل وجراحة العيون وجراحة الاذن والانف والحنجرة وأطفال وتوليد .
ويقع المستشفى على العقار الرقم 633 ومساحته 6458 مترا مربعا، على تلة تشرف على ساحل الشوف ومدينة صيدا. بدأت فكرة إنشائه في الثمانينيات، وساعد النائب وليد جنبلاط آنذاك في وضع المشروع في التنفيذ، حين قدم العقار ومساعدات عينية ومادية، وقامت شركة خطيب وعلمي بإعداد الدراسات والاشراف على التنفيذ. وتم إنجاز المشروع كاملاً بهبة من الصندوق السعودي للتنمية والبنك الاسلامي للتنمية في العام 1998، بعد ان تم تقديم العقار والانشاءات هبة لوزارة الصحة العامة لتكملة المشروع. وفي العام 2003 تم إنشاء المؤسسة العامة لإدارة مستشفى سبلين الحكومي وتعيين مجلس إدارة ومفوض الحكومة، إلى أن باشر العمل في 8/8/2006 .
وعلى الرغم مما حققه المستشفى، وما يحظى به من دعم ورعاية، إلا أنه ينوء اليوم بسبب الأوضاع السياسية التي عصفت بالبلاد، ولا تزال، تحت وطأة أزمة مالية كبيرة، نتيجة عدم دفع الجهات الضامنة لمستحقاتها دورياً، حيث بلغت مستحقاتها من وزارة الصحة والضمان الاجتماعي وغيرها بحدود ثلاثة مليار ليرة، مما يضعها امام عجز فيما لو استمر الوضع على ما هو عليه، في ظل حاجات ومتطلبات كبيرة لا يمكن تجاهلها في المنطقة، وفي ظل تحديات تواجهها، من خلال منافسة المستشفيات الموجودة في نطاقها العقاري وعدم ثقة بعض الموردين بالمستشفى الحكومي وعدم امكانية الاقتراض من المصارف الخاصة لأنها مؤسسة عامة .
مليونا دولار !
ويقول رئيس مجلس إدارة المستشفى ومديرها العام الدكتور أحمد بو حرفوش: «إن المشاكل الأساسية التي يعانيها المستشفى، هي عدم دفع الجهات الضامنة لمستحقاتها دورياً، كالضمان الاجتماعي ووزارة الصحة وقوى الأمن الداخلي والجيش وتعاونية موظفي الدولة وشركات التأمين»، مشيراً الى أن «الموضوع ليس تقصيراً من هذه المؤسسات، بل بسبب عدم إقرار موازنة الدولة، حيث لا تستطيع وزارة الصحة صرف الأموال». أضاف "لدينا مستحقات على وزارة الصحة عن ستة اشهر بحدود مليار ومئتي مليون ليرة عن مرضى الوزارة، فالوزارة دفعت لنا آخر مرة عن شهر كانون الثاني الماضي، فمنذ ستة اشهر ونحن لم نقبض أي مبلغ من الوزارة. كذلك فإن الضمان الصحي لم يدفع لنا المستحقات منذ شهر واحد 2010، فلدينا عليه مليار وخمسمئة وخمسون مليون ليرة، وعلى الوزارة مليار ومئتا مليون ليرة، لذا فإن مجموع مستحقاتنا على الجهات الضامنة أكثر من مليوني دولار".
وعن تأثيرات هذا الوضع على العمل قال: "لدينا رصيد ادخرناه من خلال العمل، فكونّا سيولة وعملنا على هذا الأساس، حيث لدينا مدخول شهري بحدود مئة مليون ليرة نقدا من الطوارئ والأشعة والمختبر وباقي الاقسام، واننا نمشي حالنا بها، كما ان المستشفى مليء دوما، ونسبة اشغال الاسرة تفوق الـ75 المئة، حيث هناك طلب كبير على خدمات المستشفى، ونجري يوميا حوالى 16 عملية جراحية ".
وأشار بو حرفوش الى جهود كبيرة تبذل دائما لتطوير العمل في المستشفى، حيث تم في شهر شباط الماضي افتتاح قسم لغسل الكلى، وهو هبة من جميل جميل بيرم، كلفته بحدود 250 ألف دولار، وفيه احدث انواع الاجهزة، ويضم آلة لتكرير المياه الخاصة بغسل الكلى، ومجهز لاستقبال عشرة مرضى. وتابع: «هذا يعتبر من أهم الأقسام في المستشفيات الحكومية، وذلك باعتراف طبيب وزارة الصحة الذي أجرى كشفاً على القسم». ولفت الى ان هذا القسم وفّر معاناة كبيرة على المرضى من الاقليم الذين كانوا يضطرون الى قصد مستشفيات صيدا، مشددا على ان القسم هو منقذ حياة، على اعتبار أن مريض غسل الكلى لا يمكن تأجيله أبداً ولو للحظات لأنه قد ترتفع الاملاح بالدم والتسمم الكلوي بالدم وتتسبب بالوفاة .
وتابع «اننا تعتبر عام 2011 هو عام الانجازات بالنسبة لنا، فقد افتتحنا هذا العام ايضا قسم تنظير ، أمراض الجهاز الهضمي، حيث حصلنا على منظار للمعدة و«المصران» مع الـcd بقيمة 55 الف دولار، وهو يعتبر الاحدث من خلدة الى الناقورة، وهو قدم لنا من عائلة النائب الراحل نبيل البستاني، وبمسعى من الوزير علاء الدين ترّو، وقد قدم لنا النائب وليد جنبلاط جهازا لتصوير الثدي وهو بكلفة 38 ألف دولار. ومع بداية الشهر الماضي قمنا بتركيب جهاز سكانر، وهو مخصص لتصوير الطبق المحوري، فهو يصور الرأس والرئة والظهر والشرايين، حيث يصوّر الدماغ بست ثوان، وهو حديث جداً، وبكلفة 350 الف دولار أي 550 مليون ليرة، وهو مؤلف من 16 مقطعا، ويعتبر من أحدث الاجهزة التي تركب في مستشفى حكومي، وقد دفعت وزارة الصحة 200 مليون ليرة مساهمة، واستطعنا تأمين حوالى 200 مليون ليرة من اهل الخير، وبقي علينا تأمين 100 الف دولار، ووعدنا النائب جنبلاط بالمساعدة في كلفته». أضاف "هذا الجهاز له اهمية كبيرة في العمل الطبي والتشخيص " .
وأشار بو حرفوش الى مساعدات تلقاها المستشفى من اتحاد بلديات الاقليم الشمالي على فترة ثلاث سنوات، ومن بلدية سبلين، ومن نازك الحريري وغيرهم من أهل الخير، مشدداً على أن تلك المساعدات كانت حافزاً لاستمرار العمل.
عالج 24 ألف حالة
وقال: «حتى الساعة قمنا بمعالجة 24 ألف حالة مرضية، ولكي نستطيع ان نستمر وسط التحديات الكبيرة التي تواجهنا، بنينا علاقة مع وزارة الصحة العامة من خلال الوزير محمد جواد خليفة، وكذلك مع منظمات المجتمع الاهلي والمدني، اضافة الى احترام المرضى لهذه المؤسسة، مما اعطاها انطلاقة نحو الامام»، مشيراً الى ان «سقف المستشفى في وزارة الصحة ملياران ونصف مليار ليرة لعلاج المرضى». وشدد على انه "من خلال جهودنا ووجود فريق طبي جيد لدينا، ومن خلال علاقاتنا مع المجتمع المدني وفاعليات المنطقة استطعنا ان نستمر في العمل، حيث الجهات الضامنة مقصّرة ".
وتابع «أمام هذا الواقع اتصلت بوزير المهجرين علاء الدين ترو وطلبت منه ترتيب لقاء مع المدير العام للضمان الاجتماعي الاسبوع الماضي، واكد كركي ان هذا الموضوع (التقصير) يجب ان لا يحصل، فهناك نقص بالموظفين في مركز الضمان في شحيم، وقد وعدنا في إعطائنا سلفة، فهذه المشكلة ليست في مستشفى سبلين فقط، بل هي مشكلة كل القطاع الصحي في لبنان».
وقال: «نحن أمام أزمة، فعندما يكون لك 3 مليارات ليرة ديونا في السوق، عندها تبدأ في الوقوع بالعجز، لا سيما اننا لا نستطيع ان نستلف الاموال من المصارف لأننا مؤسسة عامة، مشيراً إلى تحرك سيتم في شهر رمضان باتجاه وزير الصحة علي حسن خليل لبحث الموضوع معه مفصلاً والتفتيش عن حلول للخروج من هذه الأزمة». ورأى ان الأزمة المالية التي يعيشها المستشفى يمكن معالجتها من خلال صرف وزارة الصحة والضمان الاجتماعي للمستحقات، أو من خلال اعطاء سلفات للمستشفى .
طابق للمسنين
وتحدث بو حرفوش عن مشروع تم بحثه والتوقيع عليه بالأحرف الاولى، من خلال مشروع مشترك مع وزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الكويتي للتنمية، لإنشاء طابق اضافي في المستشفى للمسنين، مؤكداً ان هذا المشروع يريح اهل المنطقة كثيرا، حيث يوفر العلاج والمكان والخدمة للمريض المسن، ويمكننا ان نقدم هذه الخدمة دون ان نحجز سريراً داخل المستشفى لمريض قد يكون بحاجة الى عملية أو حالة طارئة، مشيرا الى ان الدراسات أعدت للمشروع .
وعلى صعيد الموظفين، أكد بو حرفوش ان جميع المستحقات أعطيت للموظفين وقال: «ما من موظف حتى الساعة لديه بذمتنا اي مبلغ، لافتا الى ان الصرف تم من خلال الاحتياط المالي الذي تم تكوينه»، مشددا على اننا استنفدنا مجمل الاحتياط المالي الذي كونّاه .
وعلى الصعيد الطبي أكد بو حرفوش وجود فريق طبي كامل مختص في جميع الاختصاصات، مشيرا الى ان ما ينقص المستشفى جراح اعصاب، فضلاً عن جراحة القلب. وشدد على ان المستشفى هو مقصد لجميع ابناء المنطقة في الشوف وساحله، لافتا الى انه يتم معالجة 600 مريض شهرياً من قوى امن وجيش وضمان ووزارة وفلسطينيين .
وختم بالقول ان "المختبر يجري كل الفحوصات، والتي لا تجرى في المستشفى لدينا يمكن إجراؤها في مختبر في بيـروت لدى المستشفى عقد معه، وكذلك فإن الفحوصات التي لا تجرى في لبــنان من الممـكن أن نستقبل عينات ونرسلها الى الخارج، على أن يدفع ثمنها سلفاً. كما أن التجهيزات اصبحت بحاجة الى تغيير بعد خمس سنوات من العمل" .(السفير 8 آب 2011)