يطالبون برفع الحواجز الأمنية والإسراع بدفع التعويضات
يصارع أصحاب المحال التجارية في مخيم نهر البارد للحفاظ على ما تبقى من تجارتهم، ومصدر رزقهم الوحيد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يعيشونها منذ انتهاء المواجهات العسكرية قبل نحو أربع سنوات، والتي أوقعتهم بخسائر مالية كبيرة تتفاوت التقارير حول حجمها بين 100 و200 مليون دولار أميركي، والأمل يحدوهم بانفراج قريب يعيد المخيم بأسواقه المختلفة إلى المنافسة مجددا ولو بحدودها الدنيوية. وكان سوق البارد، قد اكتسب شهرة خلال العقود الثلاثة الماضية، عندما كان سوقاً رئيسياً لأبناء عكار والمنية وطرابلس وحتى بيروت، بفعل المنافسة التي كانت حاصلة لجهة التنوع في عرض البضائع وبأسعار أقل مما تباع في بقية الأسواق، وهو ما حوّل المخيم من مركز للاجئين إلى سوق كبير يضم أنواع السلع والبضائع كافة، مما أتاح لأبنائه الاستفادة من الأرباح التي كانوا يجنونها وعملوا على توسيع تجارتهم وخلق فرص عمل إضافية لأبناء البارد والبداوي، وحتى من القرى اللبنانية المجاورة للمخيم.
لكن اليوم وبعد عودة قسم كبير من النازحين، ما زال السوق يفتقد إلى تلك الحركة التي كانت. ويئن من غياب الزبائن الذين كانوا يقصدونه من المناطق المجاورة، لأسباب عديدة منها ما هو نفسي ويتعلق بالانعكاسات السلبية التي خلفتها المواجهات العسكرية، وتركت أثراً سلبياً على العلاقة بين أبناء المخيم والجوار. ومنها ما هو ميداني بسبب الإجراءات الأمنية التي ما تزال مفروضة عند مداخل المخيم وتعيق بشكل ما حركة الدخول والخروج، وهو أمر دفع بالتجار إلى إطلاق الصرخة مراراً مطالبين بإلغاء نظام التصاريح وتخفيف الإجراءات الأمنية والإسراع في دفع التعويضات المالية لتمكينهم من تطوير عملهم والعودة مجددا إلى المنافسة، مما يفتح ذلك من آفاق لتأمين فرص عمل للشباب داخل المخيم، خصوصاً مع ما يتردد من معلومات غير رسمية عن اقتراب نسبة البطالة في المخيم من حدود الـ 50 في المئة في صفوف الشباب.
وبحسب المتداول، فإن عدد المحال التجارية في المخيم كان يناهز الـ 500، وبينها مصانع ومعامل ومحال بيع المجوهرات، لكن قسماً كبيراً من أصحاب تلك المحال عدل عن فكرة العودة إلى المخيم بسبب الظروف الراهنة وفضل إما نقل تجارته إلى خارج المخيم، أو التوقف عن العمل بسبب الخسائر التي مني بها خلال المواجهات ولم يعوض عليه إلا بجزء بسيط منها.
ويبلغ عدد المحال التي عاد أصحابها لممارسة عملهم في المخيم نحو 250 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، بعدما استفاد أصحابها من الهبة المالية التي قدمتها «الأونروا»، وتراوحت بين 2000 و4500 دولار أميركي للمحلات الصغيرة، وما بين 5000 و9500 دولار، للمحلات الكبيرة. وقد وضع شرط قبل دفع هذه الهبة يلزم المستفيد منها على إعادة فتح متجره. وقد استفاد من تلك الهبات نحو 175 شخصاً من أصحاب المحلات الكبيرة، و45 شخصاً من أصحاب المحلات الصغيرة.
ويقول أبو محمد، صاحب محل تجاري لبيع الألبسة في المخيم: «كان مدخولي اليومي من المحل سابقا، نحو 2500 دولار. وكان عندي 4 عاملات، وأحيانا في الأعياد 6 عاملات، إضافة إلى أولادي الاثنين الذين كانوا يساعدونني». يضيف: «كان التبادل التجاري مع تجار طرابلس أسبوعياً بحوالى 15 إلى 20 ألف دولار أميركي، وكنت أيام الأعياد أبيع كل ما في المحل من ألبسة، أما اليوم فمثل ما أنت شايف عم نكش دبان. المحل كبير عالفاضي، والله من الصبح ما استفتحت ومع العلم عندي بدل إيجار محلين 400 دولار، إضافة لموظفتين ودفع فاتورة الكهرباء، يعني عندي مصروف شهري فقط نحو 650 دولاراً، ونحن رجعنا وفتحنا مؤسساتنا لأنو ما عندنا مصلحة ثانية نشتغل فيها، بس بدنا الدولة اللبنانية يلي كنا شركاء معها ودفعنا الثمن معها، انو تساعدنا وتخفف عنا حتى نعيد المخيم متل ما كان».
بدوره لفت أبو احمد عيسى، صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية، إلى أن «الشكوى لغير الله مذلة»، وقال: «إذا بقيت الأوضاع هيك، رح أقفل المحل وارتاح من تعب البال، بلا تجارة بلا هم القلب، المصاريف كثيرة وما في حركة في المخيم، بدي أعرف ليش ما في حدا بيقدر يفوت على المخيم، ما انتهت المعركة وخلصنا؟، وليش ما حصلنا على التعويضات كاملة متل أصحاب المحلات اللبنانيين في بلدات المحمرة والمنية؟». ويتابع: «بعد انتهاء الحرب وعودة الأهالي إلى القسم الجديد، رجعنا وفتحنا محلاتنا بعد الوعود الكتيرة يلي سمعناها، ورجع قسم من التجار وفتحوا مؤسساتهم، بس الحركة التجارية ما تنشطت، وإذا مشيت في الشارع الرئيسي ما بتشوف غريب عن المخيم يشتري».
وقال ابو سمير بدر صاحب محل لبيع الأقمشة والألبسة وعضو الهيئة الإدارية لـ «لجنة تجار البارد»: «لقد التقينا سابقاً الكثير من الشخصيات اللبنانية داخل الحكومة وخارجها، إلا أننا حتى الآن لم نلق أي تجاوب، إن من خلال التعويض على التجار أسوة باللبنانيين الذين لم يخسروا ما خسره أهلنا وتجارنا، أو من خلال فك الحصار والسماح بدخول أهالي الجوار اللبناني». وطالب بدر «الحكومة الحالية بشخص رئيسها نجيب ميقاتي، اتخاذ خطوات عملانية، من خلال فتح المخيم أمام الناس، وتسهيل حركة الدخول والخـروج، ورفع الحواجز والإسراع في دفع التعويضات».)السفير 1 آب2011)