«تمييز إيجابي» تجاههم في مباريات مجلس الخدمة المدنية
«لا تشكل الإعاقة بحدّ ذاتها حائلاً دون الترشيح لأي عمل أو وظيفة»: تتصدر تلك العبارة «شروط التوظيف» في قسم «العمل» من قانون مضى على صدوره أحد عشر عاماً، اقترن أمس بخطوة إيجابية أقدمت عليها وزارة الشؤون الاجتماعية و«مجلس الخدمة المدنية»، وأعلنا عنها في مؤتمر صحافي مشترك، تتمثل بوعدٍ بتطبيقه في القطاع العام.
فبعد مرور أسبوع على مؤتمر صحافي مماثل، حول تزويد بطاقة المعوق الشخصية برصيدٍ طبي يسمح لحاملها تخطي عتبة مكتب الدخول في المستشفيات الحكومية والخاصة المتعاقدة مع وزارة الصحة العامة، عقد وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور ورئيس «مجلس الخدمة المدنية» الوزير السابق خالد قباني، مؤتمراً صحافياً أمس، دعوَا فيه الأشخاص المعوقين للتقدم إلى مباريات «المجلس»، التي تخولهم الحصول على وظائف رسمية. ووعد أبو فاعور بمواصلة العمل على تطبيق القسم الثامن من القانون 220/2000 المتعلق بحق العمل للأشخاص المعوقين، بنسبة مقتطعة 3 في المئة، مع القطاع الخاص كذلك، عبر آلية تجمع بين «الشؤون» ووزارة العمل، و«المؤسسة الوطنية للاستخدام».
كما دعا أبو فاعور الأشخاص المعوقين للانخراط في القطاع العام، وقال: «الطريق طويلة، ونأخذ الأمور خطوة خطوة، على أمل الوصول إلى تطبيق القانون»، لافتاً إلى أن «الفرصة متاحة أمام الأشخاص المعوقين لوظائف القطاع العام، شرط أن يتجاوز المتباري الامتحان، وحينذاك لا يخضع للتسلسل، (أي يتم اختياره للوظيفة حتى لو لم يحتل المراتب الأولى المطلوبة وفق عدد الوظائف المتاحة)»، مشيراً إلى وجود «متسع من الوظائف، وعلى الأشخاص المعوقين عدم تفويت الفرص، وألا يتخلفوا عن الأمر الذي يشكل متنفسا كبيراً بالنسبة إليهم».
بدوره، أوضح قباني أن المجلس يوفّر «كل المناخات والأجواء الملائمة لمشاركة الشخص المعوّق في المباراة، بالتساوي مع المتبارين الآخرين، بالإضافة إلى أن وسائل العمل للاشتراك في المبارات (التكييفات) متاحة، ما يسهم بضمان منافسة جدية بين المتباري المعوق وغير المعوق».
وفي تطبيق سابق لما أعلن عنه أمس، أشار قباني إلى «قبول شخص مكفوف في مباراة لموقع مهندس زراعي، على الرغم من أن ترتيبه جاء 69، والمطلوب كان أن يكون في المرتبة 60»، واعداً بتأمين التكييفات اللازمة للأشخاص المعوقين حركياً، وسمعياً، وبصرياً، لإتمام المباراة.
من جهتها، شددت مديرة البرامج في «اتحاد المقعدين اللبنانيين» سيلفانا اللقيس على ضرورة «إعداد دراسة تتناول الآلية التي تقام بموجبها مباريات مجلس الخدمة المدنية، تخلص إلى مقترحات لتفعيل تطبيق الكوتا المقتطعة، وتحدد الحاجات»، متوقفة عند «آلية الإعلان عن المباريات، وضمان وصولها إلى الشخص المعوق، عبر موقع المجلس على الانترنت، الذي ينبغي تكييفه احتراماً للتنوع». وأضافت اللقيس: «يكمن التحدي في مرحلة ما بعد التوظيف، ما يتطلب خطة وطنية، فمباني الوزارات والإدارات العامة بحاجة ماسة إلى تكييفات لاستقبال الأشخاص المعوقين كموظفين أو كمراجعين»، لافتة إلى «ضرورة تمكين فريق عمل مجلس الخدمة المدنية للتعامل مع الإعاقات».
هي خطوة إيجابية أخرى من خطوات الألف ميل، نحو تطبيق القانون الصادر في 29 أيار 2000، سجّلت في وقت قياسي. وربما سهل على أبي فاعور، وإلى جانبه قباني، تناول موضوع التوظيف في القطاع العام، حيث لا قيود على المادة 73 من القانون 220/2000، علماً أنه كان ينبغي تطبيقها منذ أحد عشر عاماً. وتنص المادة على أن تخصص في القطاع العام للأشخاص المعوقين «نسبة ثلاثة في المئة على الأقل، من العدد الإجمالي للفئات والوظائف جميعها». إلا أن المادة التي تليها، والمتعلقة بالقطاع الخاص، ستشكل تحدياً كبيراً لأبو فاعور، فتطبيقها يتخطى عتبة «الشؤون»، إلى شركات مختلفة الأحجام. وقد قيّد نصها القانوني، من جهة، بأجير معوق واحد للمؤسسة التي يتراوح عدد عمالها بين الثلاثين والستين، وبتطبيق الكوتا كاملة في الشركات التي يزيد عدد أجرائها عن الستين. ومن جهة أخرى، يغرّم غير الملتزمين بتطبيق القانون من أرباب العمل (المادة 74)، ويُعفى من يطبقه (المادة 75)، على أن يتحقق «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» من حسن تطبيق أرباب العمل لتوظيف الأشخاص المعوقين. ما يقتضي تنسيقاً مباشراً ومتواصلاً بين وزارات العمل، والمالية، والشؤون، بالإضافة إلى «المؤسسة الوطنية للاستخدام»، و«الضمان»، و«لجنة تفعيل حقوق المعوقين بالعمل».
ولا يخفى أن «اللجنة» الأخيرة، التي يرأسها بموجب القانون 220/2000 المدير العام لوزارة العمل وتضم عضواً معوقاً من أعضاء «الهيئة الوطنية»، لم تحرك ساكناً على صعيد تطبيق الكوتا منذ تمّ تشكيلها، عبر المرسوم الرقم 7603 بتاريخ 29 آذار 2002. ويأتي ذلك على الرغم من إصدارها دراستين، الأولى حول المراسيم المطلوبة التي تسمح للشخص المعوق بممارسة مهنة حرّة أو عمل مستقل، والثانية أصدرتها في العام 2003، وتتناول مسألة إعطاء قروض صغيرة للأشخاص المعوقين لإقامة مشاريع إنتاجية خاصة بهم.
ورفعت تلك الدراسة إلى مجلس الوزراء، ولم تحصل اللجنة على أي جواب حولها، كونها تتطلب ميزانية لتنفيذها. بعد تلك المحاولة، توقّف عمل اللجنة، وأصبحت تؤدي دورها الاستشاري لمختلف الوزارات والمؤسسات.(السفير 10آب2011)