حال السياسيون دون بناء مستشفى يقع في منطقة وسطية بين قرى العرقوب السبع ويخدم كل أبنائها، وهم اليوم يتدخلون للهيمنة على مجلس إدارة مستشفى شبعا ومنع افتتاحها
أسامة القادري
ثلاث سنوات مضت على بناء مستشفى شبعا وتجهيزه على نفقة الإمارات العربية المتحدة، ولم يفتتح حتى الآن. أما السبب فيعود، بحسب مصدر في وزارة الصحة، إلى أنّ المستشفى يحتاج إلى ميزانية كبيرة، ولا سيما لجهة توفير الكادر الطبي واستمراريته، وإلّا فسيكون مصيره مثل باقي مستشفيات المنطقة. ويكشف المصدر أنّ فريقاً سياسياً في البلدة عرض على الجامعة الأميركية في بيروت استثمار المستشفى. لكن الجامعة رفضت ذلك بعد دراسة ميدانية أجرتها على المنطقة المحيطة بالمستشفى، حيث اكتشفت أنه لا جدوى اقتصادية للمشروع، لعدم وجود كثافة سكانية من جهة، وانعدام فرص العمل وغياب المعامل والمصانع التي تنعش المنطقة من جهة ثانية.
وفي تفاصيل بناء مستشفى شبعا، كلّفت دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد عدوان تموز 2006، لجنة للذهاب إلى منطقة العرقوب، وإعداد دراسة ميدانية بشأن مدى حاجة المنطقة إلى مشروع جماعي يخدم القرى المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة. يومها، أجمع أبناء المنطقة على حاجتهم إلى مستشفى يغنيهم عن الذهاب إلى صيدا أو النبطية. بعد ذلك، تدخلت قوى سياسية نافذة في المنطقة وفرضت، من دون دراسة ميدانية تلحظ الجدوى الاقتصادية التي من شأنها أن تضمن استمرارية المشروع، بناء المستشفى داخل بلدة شبعا، وذلك بعد تقديم البلدية لقطعة أرض أقيم عليها البناء وجُهز بأحدث المعدات الطبية، بكلفة نحو 30 مليون دولار.
في هذا الإطار، يعترض إبراهيم خالد، أحد المقيمين في بلدة كفرحمام العرقوبية، على موقع المستشفى؛ «فالمشروع لم يشيّد في منطقة وسطية بين قرى العرقوب السبع؛ إذ يتعذّر وصول أبناء هذه القرى إلى شبعا في فصل الشتاء، بسبب إقفال الطرقات بالثلوج، ويصبح الذهاب إلى مستشفى مرجعيون أكثر سهولة».
يوافق أبو جورج من راشيا الفخار، على أنّ «القيّمين على المشروع لم يدرسوه قبل أن يتكلفوا عليه ويصبحوا على ما فعلوا نادمين». ويستحضر المشكلات التي رافقت مستشفيي مرجعيون وحاصبيا، حيث «التدخلات السياسية تتحكم بكل شيء، ولا أحد همه الناس. همهم كيف يسرقون باسمنا».
بدوره، يستغرب إبراهيم القادري، من بلدة كفرشوبا أن يتحوّل المستشفى من مشروع يخدم أبناء المنطقة، نظراً إلى ما يتعرضون له من اعتداءات إسرائيلية متكررة، إلى مشروع يعني البلدة التي أقيم فيها. ويقول: «كان الأولى أن تتوجه دراسات رؤساء البلديات نحو مشاريع توفر فرص العمل للشباب، وتنعش المنطقة»، مشيراً إلى أننا «لا نحتاج إلى مستشفى جديد بل إلى مستشفى يعمل».
أما أهالي بلدة شبعا، فلديهم مقاربة مختلفة؛ فهم يعتمدون في اعتراضهم على غياب أي حجة لتأخير «تشغيل» المستشفى، بعدما أكل الغبار معداته، وباتت تحتاج إلى صيانة قبل استخدامها.
في هذا المجال، يعزو الدكتور علي الخطيب أسباب تأخير العمل إلى التدخلات السياسية لأكثر من فريق سياسي، بهدف الهيمنة على مجلس الإدارة، قبل تعيينه، تماماً كما حصل في مستشفى حاصبيا. وهنا يتمنى الخطيب على وزير الصحة العامة علي حسن خليل وممثل المنطقة في مجلس النواب، أن يحل المشاكل العالقة، وأن يُفتتح المستشفى في عهده.
ومن شبعا أيضاً، يؤكد سمير صعب حاجة المنطقة إلى مستشفى يوفر على أبنائها مشقة الذهاب إلى مستشفيات صيدا أو النبطية. ويروي صعب ما حصل مع والده حين أصابته جلطة دماغية. يومها، اضطر الرجل إلى نقله إلى صيدا حيث أُصيب بـ16 جلطة متتالية على الطريق أدت إلى وفاته. أما السبب فإقفال مستشفيي حاصبيا ومرجعيون أمام استقبال المرضى.
من جهته، يشرح رئيس بلدية شبعا محمد صعب، الآلية التي بُني بها المستشفى، لافتاً إلى أنّ البناء كان حاجة إنمائية ماسة لمنطقة متاخمة للشريط الحدودي، تتعرض للاعتداءات الإسرائيلية. ويشير إلى أنّه بعد حرب تموز أرسلت دولة الإمارات العربية المتحدة مبعوثاً لها للوقوف عند حاجة المنطقة إلى المشاريع. وبعد دراسات عدة قدمتها البلديات، قررت الإمارات بناء مستشفى ومخفر للدرك في شبعا. لذلك، قدمت البلدية السابقة قطعة أرض لبناء المشروع. ويطالب صعب الدولة بتخصيص الاعتمادات اللازمة لضمان انطلاقة المشروع.
يذكر أنّ المستشفى يقع في المنطقة الشرقية الجنوبية من البلدة، وهو مؤلف من ثلاث طبقات تستوعب أقسامه الثلاثة من جراحة وتوليد وغسل كلى. ويضم المستشفى 25 سريراً