ي البداية كان الاتكال على المستشفى الريفي في بشري الذي كان أشبه بمستوصف يؤمن طبابة خفيفة للمواطنين القاطنين في البلدة صيفاء ـ شتاء، إلا ان خدماته كانت تقتصر على بعض المعاينات وعلى مداواة جروح طفيفة، فيما اذا وقع حادث كبير فإن التجهيزات لا تسمح بمعالجة حالات كهذه، ما دفع الاهالي الى رفع الصوت أكثر من مرة مطالبين بمستشفى مجهز، يبعد عنهم خوف فقدان أبنائهم على الطرق بين البلدة والمستشفيات القريبة، والتي يبعد أقربها ثلاثين كيلومترا على الاقل، وذلك وصولاً الى سنة 2004، حيث أقر وزير الصحة آنذاك سليمان فرنجية إنشاء مستشفى حكومي في بشري، ما أدى الى تحويل المستشفى الريفي الى مستشفى حكومي، إلا ان العمل الفعلي لم يبدأ فيه قبل سنة 2009، حيث ضاهت تجهيزاته أحدث المستشفيات، وتحول الى قبلة أنظار المرضى في بلدات وقرى قضاء بشري والبلدات المجاورة، ان لجهة الاستشفاء أو الخدمات الطبية الاخرى... اليوم وبرغم انه يشكل حاجة ملحة لأهالي المنطقة، إلا ان مستشفى بشري الحكومي بات، بعد أقل من سنتين على تجهيزه كاملا مهدداً بالإقفال، بسبب الضائقة المالية التي يعانيها والناتجة من تأخر الجهات الضامنة في تسديد المستحقات المتوجبة عليها، ما جعل المستشفى يئن تحت العجز، فيما العمل فيه متوافر اكثر من السنوات السابقة حيث تضاعف عدد المرضى وزادت حالات الاستشفاء والمعاينات، اذ بحسب الاحصاءات فإن المستشفى يستقبل نحو مئة حالة استشفاء شهريا في فصل الصيف واكثر من الف حالة بين طوارئ وعيادات خارجية.
أزمة مالية
هذا الواقع دفع مدير المستشفى الدكتور يوسف طوق الى إطلاق صرخة مدوية في هذا الاطار عبر «السفير» معلنا ان الجهات الضامنة، لا سيما الضمان الاجتماعي، هي السبب في حال الوصول الى إقفال المستشفى، مشيرا الى ان مستشفى بشري الحكومي استكملت تجهيزاته عام 2009 وهو شكل ولا يزال حاجة ملحة لأبناء المنطقة الذين كانوا يتكبدون عناء الانتقال الى خارج القضاء للاستشفاء بفعل غياب أي مستشفى خاص أو حكومي في القضاء، لكن تأخر الجهات الضامنة في دفع المستحقات أوقع المستشفى بأزمة مالية كبيرة قد تؤدي الى إقفال بعض الاقسام في مرحلة اولى وصولا الى الإقفال الكامل اذا بقي الحال على ما هو عليه.
واذ اكد الدكتور طوق ان وزارة الصحة هي الجهة الوحيدة التي تدفع مستحقات المستشفى في الوقت الحالي، حيث يصل السقف المالي الى ستمئة مليون ليرة لبنانية في السنة، لفت الى ان المستشفى مجهز تجهيزا جيدا ابتداء من غرفة عمليات بالاضافة الى مختبر طبي وغرفة أشعة بالاضافة الى 15 سريرا مع عدد من العيادات الخارجية، كما ان هناك عددا من الاطباء يحضرون دائما في المستشفى وهم من مختلف الاختصاصات، فيما ترد حالات ولادة كثيرة وعدد لا بأس به من العمليات الجراحية «لكن يمكن القول ان بعض الحالات لولا وجود المستشفى في المنطقة، لكان أصحابها في عداد الموتى، لا سيما ان اقرب مستشفى عن القضاء يبعد نحو ثلاثين كيلومترا».
نقص بالجهاز الطبي
أما عن النقص في التجهيزات فيؤكد الدكتور طوق ان المستشفى، في الوقت الحالي، لا يحتاج إلا لدفع مستحقاته على الجهات الضامنة بالاضافة الى بعض النقص في الجسم التقني، حيث انه من الصعب إيجاد ممرضات وتقنيين بسبب البعد الجغرافي ووقوع المستشفى في منطقة بعيدة نسبيا، كما لا أطباء اختصاص بأمراض الرئة والرأس.
أما موظفوه البالغ وعددهم 40 موظفا فلا يزالون يقبضون رواتبهم حتى الساعة رغم الضائقة المالية، ويستمر المستشفى بتقديم خدماته برغم النقص في الجسم التمريضي خلال الصيف، عن طريق الاستعانة بممرضات من خارج الجدول التوظيفي لسد النقص بفعل الاقبال على المستشفى. أما شتاء فإن الكادر الطبي والتمريضي يؤمن الكفاية اللازمة لحسن سير العمل الذي اطلع مجلس الادارة عناصره على دقة المرحلة وإمكانية الاقفال إذا لم يُستجب لمطالبهم الملحة بدفع المستحقات المتوجبة لهم.
يصعب الوصول الى مستشفى بشري الحكومي، لذلك يعمد العديد من المواطنين الى ايقاف سياراتهم في ساحة البلدة، للوصول الى المستشفى سيرا على الاقدام إذا سمحت الحالة المرضية، فيما يطالب الاهالي بإيجاد حل يسهل وصولهم الى المستشفى، كما يطالبون بغرفة عمليات القلب المفتوح.
يرددون في بشري ان «الكبير يأكل الصغير» في شريعة الغاب، أما في شريعة المستشفيات فيعتقدون ان المستشفيات الصغيرة ستكون كبش المحرقة إذا لم تسارع الجهات الضامنة الى دفع متوجباتها لتأمين حسن سير عملها وتأمين استمراريتها.
بالامس القريب كانت ترتفع الاصوات في بشري كلما توفي أحد المواطنين من ابناء المنطقة بفعل عدم وجود مستشفى، أما اليوم فسترتفع أصوات الاهالي مجددا انما للوقوف في وجه إقفاله، كونه شكل ولا يزال حاجة ضرورية وملحة لهم حيث من المقرر ان يزور مدير المستشفى ومعه اعضاء مجلس الادارة وزير الصحة لوضعه في اجواء ما يجري ومطالبته بالضغط على الجهات الضامنة كونه سلطة الوصاية على المستشفيات الحكومية.